قال علماء آثار إسرائيليون، اليوم الأربعاء، إن نقشاً نادراً اكتشف على مشط من العاج، يسلّط الضوء مجدداً على استخدام اللغة الكنعانية في المنطقة قبل حوالى 3700 عام قبل الميلاد، بحسب ما نقلته وكالة فرانس برس.
وكان قد عُثر على المشط، الذي يبلغ طوله 5,3 سنتيمترات، في موقع تل لخيش (غرب القدس) عام 2017، لكن لم تُلاحظ الحروف المنقوشة على سطحه حتّى ديسمبر/ كانون الأوّل من العام الماضي، بعد إجراء فحص معمق، بحسب بيان للجامعة العبرية في القدس.
وأكد تحليل العلامات أنّ المكتوب نُقش بالخط الكنعاني، الأبجدية الأولى التي اختُرِعَت منذ حوالى 3700 عام.
وقال أستاذ علم الآثار في الجامعة العبرية يوسف غارفنكل، لـ"فرانس برس"، إنّ القطعة الأثرية "تقدّم دليلاً مباشراً" على استخدام الأبجدية الكنعانية في الحياة اليومية.
وقال البيان إنّ الأحرف السبعة عشر المنقوشة على المشط الذي استُخدم لإزالة القمل، تكوّن جملة من 7 كلمات تقول: "أتمنى أن يقتل هذا الناب قمل الشعر واللحية".
وأشار غارفينكل إلى أن "هذه هي الجملة الأولى التي يُعثَر عليها في اللغة الكنعانية في إسرائيل"، واصفاً ذلك بأنّه "علامة بارزة في تاريخ قدرة الإنسان على الكتابة".
وكانت لخيش التي تبعد حوالى 40 كيلومتراً جنوب غرب القدس، مدينة كنعانية رئيسية. وأوضح بيان الجامعة أنّ علماء الآثار عثروا على 10 نقوش فيها، لكنّ المشط يمثل أوّل "جملة لفظية كاملة" مكتوبة باللغة التي تحدث بها سكان لخيش القديمة.
وأشار إلى أن المشط نفسه كان على الأرجح قطعة فاخرة مستوردة، إذ لم تكن هناك فيلة في كنعان، وبالتالي لا وجود للعاج فيها.
وبحسب صحيفة ذا غارديان البريطانية، لم تنجح الجهود المبذولة باستخدام الكربون في تأريخ عمر المشط بدقّة، لكن يرجّح أنّه يعود إلى حوالى 1700 عامٍ قبل الميلاد.
وعلى الرغم من أنّ المشط فقد معظم أسنانه، لكن يظهر أنّه كان يحوي 6 أسنان متباعدة لفك الشعر المتشابك، و14 سناً متباعدة بشكل ضيق لإزالة القمل من الجانب الآخر.
وقال أستاذ اللغات السامية الشمالية الغربية في جامعة جورج واشنطن، كريستوفر رولستون: "حقيقة أن هذا النقش يدور حول الحياة العادية أمر رائع". وأضاف: "طوال تاريخ البشرية كان القمل مشكلة. ويكشف هذا النقش جيداً أنّه حتى الأثرياء والمشاهير في العصور القديمة لم يستثنوا من مثل هذه المشاكل".
ونشأت أنظمة الكتابة الأولى في العالم في بلاد ما بين النهرين ومصر قبل 3200 عام قبل الميلاد تقريباً، لكنها لم تكن أبجدية. ويشير رولستون في حديثه مع "ذا غارديان" إلى أنّ الناس آنذاك اعتمدوا على مئات العلامات المختلفة لتمثيل الكلمات أو المقاطع، وبالتالي كان الأمر يتطلب سنوات لإتقان الكتابة.
وأشار رولستون إلى أنّ الأبجدية الأولى اخترعها قرابة عام 1800 قبل الميلاد، أشخاص يتحدثون لغة سامية وعلى دراية بنظام الكتابة المصري. يُعرف النظام بالكنعانية أو الأبجدية المبكرة، وقد استخدم النظام لمئات السنين، ولا سيما في بلاد الشام، ووحّده الفينيقيون، ليصير أساساً للغات اليونانية القديمة واللاتينية ومعظم اللغات الحديثة في أوروبا اليوم.