بعد التوصل الى اتفاق الغاز.. هل سيخرج لبنان من جهنم؟ وما هي المخاوف الداخلية؟

الجمعة 14 أكتوبر 2022 03:50 م / بتوقيت القدس +2GMT
بعد التوصل الى اتفاق الغاز.. هل سيخرج لبنان من جهنم؟ وما هي المخاوف الداخلية؟



كتبت د. إيمان شويخ :

“باسيل” رغم العقوبات شاركت شخصياً في مفاوضات بوساطة أميركية لترسيم الحدود البحرية و من الطبيعي أن يكون لي دور الجميع يعلم هذا، إنه واجبي”، جعجع “لا شيء يستدعي احتفال الرؤساء الثلاثة بتوقيع هذا الاتفاق، لا سيما أنّه أتى متأخراً 6 أو 7 سنوات على الأقل، ناهيك عن أنّهم ليسوا من وضعوا النفط والغاز في البحر، بل هو موجودٌ أصلاً”، والمواطن اللبناني “جائع”

لاشك أنها لحظة مفصلية، هي تلك التي ستشهد توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الإسرائيلي بوساطةٍ أمريكية، وهي اللحظة التي سيخرج فيها لبنان من جهنّم التي قال رئيس جمهوريته ميشال عون ذات يوم أنّنا في جهنّم توصيفاً للواقع اللبناني، وبالتالي فإن القعر الممتلىء اليوم بالغاز والنفط لن يتسع للبلاد القابعة في الهاوية، ونحن نتحدث بالاستعارة أي أن النفط والغاز سيُضخ ويضغط لبنان إلى الأعلى.

ad

لكن الأعلى هذا محفوفٌ ببعض المخاوف الداخلية أولاً قبل أن نتحدث عن الخارجية، فالداخلية هي ماشهدته الساحة السياسية من انقسامات وشعبوية ومحاولة تجيير الإنجاز لفريقٍ على حساب آخر، فرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مثلاً قال إنّه لعب دوراً وراء الكواليس في المحادثات التي توسطت فيها الولايات المتحدة الأمريكية لترسيم الحدود البحرية بين لبنان و”إسرائيل” من خلال التواصل مع حزب الله. وقال إنّه رغم العقوبات شاركت شخصياً في مفاوضات بوساطة أميركية لترسيم الحدود البحرية مضيفاً: “من الطبيعي أن يكون لي دور الجميع يعلم هذا، إنه واجبي”.
لكن الأنكى من المستثمرين في إنجاز الاتفاق هم المعارضون له، وغالبيتهم من قوى 14 آذار وخاصةً حزب القوات اللبنانية الذي قال رئيسها سمير جعجع أنّه “علينا انتظار تفاصيل الاتفاق وحيثياته لإبداء الموقف النهائي منه، لكن الرأي الأولي أنّه من الأفضل حصول عملية الترسيم ليبدأ لبنان مساره باتجاه إنتاج الغاز والنفط، ولكن لا شيء يستدعي احتفال الرؤساء الثلاثة بتوقيع هذا الاتفاق، لا سيما أنّه أتى متأخراً 6 أو 7 سنوات على الأقل، ناهيك عن أنّهم ليسوا من وضعوا النفط والغاز في البحر، بل هو موجودٌ أصلا”. وشدّد على “وجوب أن تذهب الأموال التي ستجنى من الغاز والنفط إلى الصندوق السيادي وعدم السماح لأحد باستعمالها في الوقت الحاضر لأي غرض كان”.
والذي يرى تصريحات المسؤولين اللبنانيين يتخيل وكأن الغاز صار على الأرض والشوارع تفيض بالنفط، ويتم الاستعانة بفرق التدخل السريع لفتح المجاري المسدودة بالغاز في الطرقات، لا كأنّ اللبناني منهكٌ في أزماته ويعيش من قلة الموت، وهو بالكاد يلبي حاجاته الأساسية و “بطلوع الروح” بعد أن صارت كل المواد الأساسية بالدولار والرواتب بالليرة التي فقدت قيمتها الشرائية وصار الدولار يساوي 40 ألف ليرة بعد أن كان حوالي ألفيْ ليرة قبل الأزمة.
إنّه التوظيف السياسي المقيت الذي اندفعت إليه بعض الأطراف لتسجيل النقاط قبل تشكيل حكومة إذا شُكّلت، وقبل الاستحقاق المنتظر والأهم وهو انتخاب رئيس جديد للجمهورية بالرغم من المعلومات التي تتحدث عن فراغ رئاسي قد يمتد لأشهر.
ومع كل هذه المواقف والاستعراضات يمكن القول أنّ لبنان يستعد لوداع مرحلة قاتمة جداً من تاريخه، والاستعداد والتمهيد لدخول حقبة جديدة. حقبة قد تكون الأكثر ازدهارًا في تاريخ لبنان، خاصةً أنها تلد من رحم الأزمات، وبالتالي فإن أمام لبنان سنين سمان بعد السنين العجاف، ولكن ذلك يحتاج إلى إنضاج التسويات الخارجية، وربما لعبت اللاتسوية الإقليمية والحرب المشتعلة بين روسيا وأوكرانيا والتي قد تتحول إلى حرب عالمية بين روسيا من جهة وأميركا وأوكرانيا ودول الناتو من جهة أخرى، قد تكون سببًا في إنجاح ملف ترسيم الحدود البحرية على قاعدة أن أمريكا المنهكة عسكرياً واقتصادياً في محور الغرب تريد استقراراً في بحر المتوسط.
إلا أنه لا يمكن الوثوق بالمطلق بالعدو الإسرائيلي المتربص على الحدود اللبنانية-الفلسطينية، فالمفاجآت غير المحسوبة واردة، وأبرز مثال هو ماحصل في الأسبوع الماضي بين رئيس حكومة الاحتلال المؤقت يائير لابيد الذي أشاد بالاتفاق واعتبره يضمن مصلحة “إسرائيل” وبين زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو الذي اعتبره صفقة مخزية، وهو أبرز بعض المخاوف من عرقلة التوقيع لولا أمر واشنطن التي يصادف أيضاً أن علاقاتها مع الرياض تشهد تدهوراً بعد سبعين عاماً من الحب والغرام، وذلك مع قرار أوبك بلاس خفض إنتاجها لمليوني برميل يومياً بدءاً من مطلع الشهر المقبل، فربما إصرار أمريكا على إنجاح الترسيم هو نكاية بالسعودية التي قاطعت لبنان بسبب تصريح وزير الإعلام السابق جورج قرداحي قبل أن ترمم (أي السعودية) العلاقات ولو بوتيرة بطيئة، فهل تتنافس أمريكا والسعودية اليوم على رعاية لبنان في المرحلة المقبلة، أم يبقى السمك بالماء واللبناني جوعان؟
صحافية وكاتبة سياسية