خبر : السلام المجمد../ 15 سنة على اتفاق السلام: مبعوث "معاريف" يبلغ من الاردن../ السلام وشرخه../معاريف

الأحد 25 أكتوبر 2009 12:25 م / بتوقيت القدس +2GMT
السلام المجمد../ 15 سنة على اتفاق السلام: مبعوث "معاريف" يبلغ من الاردن../ السلام وشرخه../معاريف



 عمان. أزمة حادة في العلاقات بين اسرائيل والاردن: عشية الذكرى الـ 15 لاتفاق السلام مع المملكة الهاشمية يصف الطرفان العلاقات بتعابير الجمود، التشاؤم وخيبة الامل الكبرى. في الشارع الاردني التأييد لاسرائيل يقترب من الصفر، والاتصالات بين العاصمتين تعاني من التردي في حجم النشاط، باستثناء تلك التي في الشؤون الامنية والاستخبارية.  غدا، تحل ذكرى عقد ونصف من الزمان على اتفاق السلام الذي وقع في 26 تشرين الاول 1994، بين رئيس الوزراء الراحل اسحق رابين والملك حسين، برعاية الرئيس الامريكي بيل كلينتون. وقرر الملك الراحل تنفيذ الخطوة التاريخية في اعقاب اعلان المبادىء بين اسرائيل والفلسطينيين – اتفاق اوسلو – الذي وقع قبل نحو سنة ونصف من ذلك. "تحدثنا في حينه بكلمات مثل "صفحة جديدة او فتح باب لسلام شامل، إذ اعتقدنا ان هذا الاتفاق هو محطة في الطريق لحل النزاع الاسرائيلي – العربي"، هكذا روت لـ "معاريف" شخصية اردنية كان في حينه عضوا في الوفد لمحادثات السلام. "بعد 15 سنة من ذلك، بات كل شيء عالقا. القناة الفلسطينية، القناة السورية، مبادرة السلام العربية. العالم العربي يعرض عليكم السلام وانتم لا تريدون". على الارض لا يزال من الصعب ايجاد مؤشرات على التشاؤم. الدخول من اسرائيل الى الاردن بقي سلسا وناجعا: في معبر الحدود "نهر الاردن" قرب بيسان اجتاز الحدود معنا عشرات آخرون من المواطنين العرب من اسرائيل. عمان تعج بالحياة اكثر من أي وقت مضى، تتمتع بازدهار اقتصادي جلب معه اغنياء بغداد ممن فروا من الحرب. محلات الكنافة والبقلاوة مليئة بالفتيات المحجبات، العائلات والشباب. وجميعهم يبدون موقفا وديا من الاجانب، الى أن يصلوا الى النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني. "كيف نحتفل بالسلام؟" عقب بتهكم صحفي اردني، "دقيقة صمت حدادا يجب أن تكون هنا". فقط ما ينبغي بالنسبة للقيادة الاردنية، فان الاتصال بصحافيين اسرائيليين هذه الايام هو اعطاء جائزة ليست في مكانها. بعضهم اعترف بانهم يخشون من أن ينشروا بعد ذلك كمن أجروا اتصالا معنا. كل من تحدثنا معهم، من القادة وحتى سواقي السيارات العمومية، اوضحوا بان السبب هو رفض اسرائيل التقدم في الساحة الفلسطينية، التي تزرع اليأس لدى العرب. "السلام مع الفلسطينيين هو مسألة تتعلق بامننا القومي"، قال صراحة موظف اردني.  صحيح حتى اليوم تتركز العلاقات بين اسرائيل والاردن في مجالات ضرورية ليس أكثر. قرابة 200 الف اسرائيلي يزورون عمان كل سنة، معظمهم من عرب اسرائيل، نحو 200 عامل اردني يعملون كل يوم في اسرائيل ويعودون الى بلادهم عند المساء، ومصانع النسيج المشتركة بين الاردنيين والاسرائيليين تعمل في المملكة وتصدر منتوجاتها الى السوق الامريكية في اطار "اتفاق التجارة الحرة". اضافة الى ذلك يتشارك الجيشان في انقاذ متنزهين اسرائيليين علقوا في مواقع التنزه في الاردن. محافل استخبارية وامنية من الطرفين تقيم علاقات وثيقة في الحرب ضد تهديدات الجهاد. كما ان اسرائيل تزود الاردنيين بـ 50 مليون متر مكعب من المياه كل سنة كجزء من الاتفاق.  "ذات مرة الاسرائيليون كانوا يأتون ويذهبون من والى عمان دون انقطاع"، يروي موظف اردني يعرف العلاقات مع اسرائيل. "مستشارون زراعيون، صحافيون، رجال أعمال كثيرون. اليوم لم تعد هناك شهية لذلك. الفرضية هي أن الاردن وقع على اتفاق السلام ولم يحصل على شيء، وبالاساس لم يحصل على اتفاق مع الفلسطينيين". الازمة الحالية هي نتيجة تسلسل الامور الذي بدأ قبل نحو سنة – ولا سيما مع بدء حملة "رصاص مصبوب". في قنوات التلفزيون العربية بثت صور قاسية عرضت عائلات فقدت منازلها، اطفال جرحى وقتلى وقصف دون انقطاع في القطاع.  في عمان اندلعت مظاهرات احتجاج، في ذروتها طولب الملك بقطع العلاقات مع اسرائيل. في بعضها كانت هذه مظاهرات اعراب عن احتجاج خفي ضد القصر على علاقاته مع القدس. وشرح اردني يرافق العلاقات مع اسرائيل عن كثب فقال: "عليكم ان تفهموا بانه عندما يموت شخص في نابلس خيمة العزاء تقام في عمان. عندما يصاب احد هناك، هنا يصرخون من الالم، الملك قال ان نافذة الفرص لن تبقى مفتوحة الى الابد. نحن نعتقد بان الكرة في يد اسرائيل، وليست حتى لدى اوباما. نتنياهو يمكنه أن يؤدي الى اختراق، ولكننا نشكك في نوايا حكومته ونخاف أن تنتهي بانفجار". يفقدون الامل الى ذروة اخرى تصاعدت الازمة في بداية الشهر بعد أن قررت سلطات الامن في اسرائيل المنع المؤقت لحجيج المصلين الى الحرم خشية الاضطرابات. ويرى الاردنيون سلبا الحفريات التي تنفذها اسرائيل في المنطقة، والتي تعتبر في نظر العالم الاسلامي تدنيسا لقدسية مواقع العبادة، وعلى رأسها المسجد الاقصى. القصر الاردني يرى نفسه "حامي الاماكن المقدسة في القدس" مكانة تقليدية عتيقة الزمان، استقبلت بترحاب لدى اسرائيل في اتفاق السلام. في سلسلة تصريحات حادة انطلقت من الاردن، في اعقاب ازمة الاقصى، قال الملك عبدالله ان "القدس هي خط احمر"، وان اسرائيل من شأنها أن تدفع نحو انتفاضة ثالثة. من ناحيتهم المس بالقدس يعتبره الملك اهانة شخصية، كونه تلقاها ورثة من ابيه الراحل. وروى موظف اردني دون أن يذكر اسمه: بالنسبة لنا "صنع السلام مع اسرائيل كان تضحية كبرى. الشارع الاردني يفقد الامل. من ناحيتنا هذا اتفاق بلا مقابل. نحن اعطينا السلام. فماذا اعطت اسرائيل؟ مستوطنات، احداث في الحرم، السوريون يرونكم ويعرفون بانهم لا يمكنهم ان يعيشوا مع سلام كهذا. انتم تتحدثون عن تنازلات ولا تعطون شيئا. وحتى تجميد الاستيطان صعب عليكم".  غدا يعقد في معهد ترومان في الجامعة العبرية في القدس يوم دراسي بمناسبة حلول 15 سنة على اتفاق السلام. وسيكون هذا الحدث الوحيد في العاصمتين الذي يحتفل فيه بهذا التاريخ. لم توافق أي جهة رفيعة المستوى من عمان للوصول لالقاء كلمة. الضيف الاردني الرسمي الذي سيشارك في الحدث هو السفير في اسرائيل، علي عايد. الى جانبه أكد قدومه وزير المياه السابق د. منذر حدادين الذي كان عضوا كبيرا في الوفد الاردني لمحادثات السلام. حضور الرجلين هو بحد ذاته حدث استثنائي في مشهد العلاقات الحالية بين القدس وعمان. لا ينبغي لنا أن نفاجأ اذا ما الغى احدهما مشاركته.