اذا كانت سديروت تعرضت للضربات لثماني سنوات الى أن "نشأت الظروف"، العسكرية والسياسية لعملية معاقبة شديدة لغزة، فان تل أبيب لن تحتمل ثمانية ايام. بل وربما ليس ثماني ساعات. من أجل الوقف الفوري لسقوط الصواريخ في غوش دان – وليس مهما من أي جبهة، السورية، اللبنانية او الغزية – العقاب سيكون قويا، بحجوم ستقزم حملة "رصاص مصبوب" الى خدش صغير في تاريخ العنف في الشرق الاوسط. لايجاد حل دفاعي لسكان غلاف غزة حطموا في اسرائيل الرأس على مدى 6 – 7 سنوات الى أن "نشأت الحاجة" وتوفرت الميزانية لمشروع قبة حديدية، الذي ربما، ربما، يثبت نفسه في العقد القادم. غوش دان يحميها، منذ اليوم، منظومة صواريخ ضد الصواريخ الباليستية، هي الافضل في العالم. في هذه الايام، تجري مناورة "جونيفر كوبرا" التي تعبر ليس فقط عن الالتزام السياسي والعسكري الامريكي لحماية اسرائيل من هجوم بالصواريخ بعيدة المدى، بل تشكل مظاهرة مثيرة للانطباع للتكنولوجيا العليا، الموجودة فقط لدى دول معدودة. بدء بصواريخ "تاد" الامريكية، التي اصبحت عملياتية فقط قبل نحو سنتين ويفترض بها أن تصبح صواريخ باليستية بمدى 200 كيلو متر وراء الغلاف الجوي، عبر منظومات الرادار لمسافات مئات الكيلو مترات وحتى منظومات الجس في الاقمار الصناعية. ورغم كل هذه، فان كمية الصواريخ التي توجد اليوم لدى العدو كبيرة لدرجة أن الصواريخ ستسقط في غوش دان. وبالتأكيد في وضع مفاجىء مثلما في 1973. وستكون محاولة لضرب مواقع استراتيجية واماكن مكتظة بالسكان. الصواريخ السورية والصواريخ الثقيلة الحديثة التي توجد لدى حزب الله - اكثر دقة من تلك التي لدى حماس. ناهيك عن القدرات المتوفرة لدى ايران. مشكوك فيه أن تكون كل المنشآت الاستراتيجية – العسكرية والمدنية – محمية كما ينبغي، من أجل ضمان الا تشل المنظومات المركزية. كما أن ليس للمباني السكانية حل أمام الضربة المباشرة للصواريخ والمقذوفات الصاروخية ذات الرؤوس المتفجرة من مئات الكيلو مترات. الغرف المأطومة ترمي الى الحماية من الشظايا، وليس الاصابات المباشرة لصواريخ بمثل هذا الحجم. ومثلما في غلاف غزة، سيشعر السكان وكأنهم في لعبة اصابة الهدف. ولكن بحجوم فتاكة فقط. وليس صدفة أن حماس تبذل كل جهد لان تنتج في غزة او تهرب اليها صواريخ تصل الى مدى 70 كيلو متر. ادخال مثل هذه الصواريخ الى القطاع هو ايضا احد التحديات الكبرى لايران في المنطقة. اعداء اسرائيل يعولون على غولدستون: وهم سيطلقون الصواريخ نحو تل أبيب، فيما ان العالم سيمنع اسرائيل من تنفيذ عقاب لاهداف الردع. هم مخطئون. اسرائيل لا يمكنها أن تسمح لنفسها بان تنتظر الى أن تعمل قواتها البرية بنجاح في سوريا، في لبنان، في غزة او في كل مكان آخر، كي تخفض وتيرة النار. الزمن هو عنصر حرج، والحركة البرية الناجحة هي مسألة أيام واسابيع معناها المزيد من الخسائر والمزيد من الاصابات الحرجة في الجبهة الداخلية. مئات الصواريخ التي ستخترق المنظومة الدفاعية الاسرائيلية – الامريكية ستلزم اسرائيل برد فوري. وهنا الصيغة وحشية وبسيطة: كلما باتت حرب الارهاب الصاروخية اكثر نجاعة، هكذا ايضا الرد سيكون اقل فأقل"توازنا" بتعابير الحروب القديمة. في مثل هذا الوضع ستأتي ضربة عقاب كثيفة، من الجو ومن البر، على البنى التحتية وعلى مواقع تكون على ما يكفي من الالم كي يكف العدو عن النار. اذا كان العالم يتوقع أن تمس اسرائيل فقط باهداف عسكرية، وتركض خلف كل صاروخ او موقع اطلاق لصاروخ، فانه يتوقع منها ان تنتحر. هذه ليست الحرب الصحيحة. كلما تلقى العدو ضربة اكثر ايلاما في مواقع الحرجة، تكون فرصة في أن يقتنع بسرعة اكبر.