قال رئيس حكومة الاحتلال يائير لبيد، في أحاديث لعدة وسائل إعلام عبرية، بمناسبة عيد رأس السنة اليهودية، المصادف غداً الإثنين، إن تسوية الدولتين تحمي إسرائيل من التحول لدولة ثنائية القومية، التي تعني نهاية الصهيونية، لكن هذه لن تتحقق صباح الغد.
ورداً على سؤال حول احتمالات منع الدول العظمى من توقيع اتفاق مع إيران، قال لبيد: “أنا أقولها بحذر: حتى الآن نجحنا بمنع توقيع الاتفاق النووي مع إيران، وهذه ثمرة مساع هادئة مثابرة مقابل الإدارة الأمريكية والدول الأوروبية وتبادل المعلومات الاستخباراتية معها، وكل ذلك داخل الغرف المغلقة، وبدون خطابات أمام الكونغرس واللعب بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري، بعكس ما كان في فترة نتنياهو”.
ويتبنى لبيد مزاعم سابقه في المنصب، نفتالي بينيت، بالزعم من أن نتنياهو ألحق ضررا بالمساعي ضد الخطة النووية الإيرانية. ويتابع: “في خطابه أمام الكونغرس دفع نتنياهو الولايات المتحدة لإلقائنا خارج الغرفة، وهم ذهبوا ووقعوا اتفاقاً سيئاً دون أن يكونوا مستعدين حتى للاطلاع على معلوماتنا الاستخباراتية”.
وعن عدم معالجة نتنياهو قضايا داخلية جوهرية، مثل الارتفاع الحاد في غلاء المعيشة، وتشظي الإسرائيليين لعدة أسباط، علاوة على إهمال الملف النووي الإيراني، يضيف لبيد، مستخدما لغة المجاز: “مع انطلاقة حكومة التغيير اكتشفنا، مع رفعنا غطاء السيارة، أنه لا يوجد فيها محرك، وأن نتنياهو لم يفعل شيئا من الناحية العملية ضد طهران، رغم أنه ساهم في إثارة الموضوع عالميا، لكنه ارتكب عدة أخطاء في معالجته لهذا الملف”.
وما الذي أقنع الأمريكيين الآن للتراجع عن توقيع الاتفاق مع إيران؟
“بدأ هذا مع موضوع “الحرس الثوري”، الذي منعنا إخراجه من القائمة السوداء، ومنه انتقلنا لموضوع الملفات المفتوحة في وكالة الذرة الدولية، وكل ذلك من خلال مواد استخباراتية وإدارة حوار مع عدة جهات.هذه صيرورة طويلة وقد اقتنعوا هم أولاً بأن الإيرانيين لا يديرون مفاوضات بنزاهة، أو بأنهم يقومون بالتضليل من خلف الكواليس. ولاحقا اقتنعوا بأن هناك فجوات بين القول والفعل لدى إيران، وأن تجاهلها سيكون عدم مسؤولية. ومجدداً أقول إن هذا صحيح حتى الآن، فالنضال لم ينته، وهذا حوار يحتاج للاستمرار”.
وفي فترة نتنياهو تم وقف الجاهزية لمهاجمة إيران عسكرياً؟
“لا أعتقد أن هذا صحيح، من الناحية العملياتية كان علينا دفع خطوات نعتقد أنها أهملت في السنوات الأخيرة”.
وفي الموضوع الفلسطيني، ورداً على سؤال عمّا إذا كان بالإمكان إحراز تسوية مع غزة، قال لبيد: “نعم. فقد سبق وطرحت خطة اقتصادية مقابل الأمن، فـ “حماس” حركة إرهابية مرعبة، ولا سامية ودموية، ونحن لا نتفاوض مع منظمات إرهابية، ولكن يمكن التوصل لتسوية طويلة الأمد تقوم على مبادلة الاقتصاد بالهدوء الأمني واستعادة الأبناء، الأسرى، وعلى ذلك ينبغي العمل، وقد ناقشت المؤسسة الأمنية مطولا هذه الخطة، لكن الانتخابات المبكّرة علقّت المداولات بها”.
وهل تقبل بأن نتفاوض مع “حماس” في نهاية المطاف؟
“تتحدث إسرائيل مع “حماس” منذ سنوات، ولكن من خلال طرف ثالث، وأفضل الإبقاء على ذلك”.
ولماذا مفاوضات مباشرة لا؟
“قمنا بفعاليات دولية واسعة كي نتثبت من أن العالم يتعامل مع “حماس” حركة إرهابية، والآن نذهب للتفاوض معها! هذا سيلحق بنا ضرراً. في نهاية الأمر هذه حركة إرهابية تكره اليهود والمثليين والنساء، وتبغي قتل كل ما هو ثمين في عيوننا”.
ويكرّر لبيد قوله في الأمم المتحدة بأنه يؤيد تسوية الدولتين، وعن ذلك يقول: “أؤيد تسوية الدولتين، وأعتقد أن هذا الأمر الصحيح. لكن هذا لن يتحقق غداً صباحاً، وعلى ما يبدو ليس خلال ورديتنا. التحفظ هو أن هذه التسوية وسط صيانة صارمة لأمن إسرائيل، ولم نتلق أبدا الضمانات التي نحتاجها. مع ذلك أنا مع تسوية الدولتين”.
ولكن في ظل الأوضاع السياسية الداخلية في إسرائيل تبدو فكرة تسوية الصراع التي تتحدث عنها منفصمة عن الواقع؟
“لم أقل إن تسوية الدولتين ستحدث غدا. هناك غلطتنا ترافقنا. غلطة اليمين الإسرائيلي، الذي يعتقد أنه إذا لم نفعل شيئا سيكون كل شيء على ما يرام، رغم وجود علامات شكّ حول وجود أغلبية يهودية بين البحر والنهر. الفلسطينيون غير مغادرين لأي مكان آخر، وكل الأحاديث عن إدارة الصراع وصيانة الصراع ستقود في نهاية المطاف لدولة واحدة، وهذه كارثة على الصهيونية، وكارثة على الهوية اليهودية لدولة إسرائيل. وهناك غلطة ثانية لليسار الصهيوني، الذي يتحدث بمصطلحات “نهاية الصراع”، نوقعّ ورقة ما وعندها سيتعانق الجميع. لا هذا سيحدث ولا ذاك. الذي نريده هو اتفاق صارم للانفصال عن الفلسطينيين في دولتين، وبينهما جدار واتفاقات أمنية تحرس أمن إسرائيل.علينا العمل في عالم الواقع والحقيقة، وهذا ما يقوم به “رجال المركز”.
لكن لبيد أيضاً لا يجد لغة مشتركة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، رغم كل ما قدمه من مواقف لينة: “هاتفته لأقدم له تهنئة قبل أسابيع لمباركته بمناسبة أحد أعياده. أعترف أنني فقدت الشهية، وغضبت جداً بعد تصريحاته في برلين حول الـ 50 محرقة. أنا ابن أحد الناجين من المحرقة، واللحظة الأكثر تذكرّاً عندي القصص المرتبطة بالمحرقة. لا يوجد أي لقاء لي مع عباس قريبا”.
وجّهت اتهامات للسلطة الفلسطينية بأنها هي المسؤولة عن تسخين الأوضاع الأمنية، فماذا تقول؟
“هذا يقلقني جداً. نحن في حوار متواصل، وقبل أيام التقيت قادة المؤسسة الأمنية، وتحدثنا عن الواقع في الضفة الغربية، وعن الأعياد اليهودية المرشحة لأن تتصاعد فيها التوترات الأمنية. ومن المهم التثبّت ألا يتحول التصعيد إلى دائرة مفرغة مضرّة، أي بسبب ضعف السلطة الفلسطينية نحن ندخل الضفة الغربية وعند ذاك يقتل فلسطينيون، وعندها تضعف السلطة الفلسطينية أكثر فأكثر، لأن الفلسطينيين يوجّهون لها إصبع الاتهام. هذه حلقة مفرغة مضرّة، والآن نقوم بمحاولة تثبيت الأوضاع وجعلها تستقر”.
ورداً على سؤال، قال لبيد إن خيار شن حملة جديدة على الضفة الغربية، على غرار عدوان “السور الواقي”، قال لبيد إن حكومته لم تشطب هذا الخيار من طاولتها، ولكن الآن لا أعتقد أننا ذاهبون إلى هناك. المؤسسة الأمنية تتعاون كل الوقت، والحملة القادمة ستكون مختلفة تماماً عن “السور الواقي”، ونحن بالطبع لن نقبل بالقيام بعمليات تخريبية ضد المستوطنين والجنود في الضفة الغربية أو داخل إسرائيل في الطرقات”.
ولكن رئيس الشاباك قال في آخر تصريحاته إن الخلافات الداخلية والعنف لدى الإسرائيليين هي التهديد الحقيق الأخطر على إسرائيل؟
“هذه بداية طيبة، أن نقيم حكومة بمشاركة اليمين واليسار، عرب ويهود، وسنكتشف أنه يمكننا الحديث والحوار. المفتاح ليس بالوحدة بل الاحترام المتبادل، وما يسمّم لغة التخاطب بين الإسرائيليين أنفسهم هو نتنياهو الذي يحاول تبرئة نفسه من التهم الجنائية بكل ثمن”.