القدس المحتلة/سما/
هل هناك علاقة بين تكثيف الحديث الإسرائيليّ في الأيّام الأخيرة عن تصعيدٍ جديدٍ مع حزب الله والمقاومة الفلسطينيّة، وبين اللقاءات التي جمعت الأمين العام لحركة (الجهاد الإسلاميّ) زياد النخالة بالأمين العّام لحزب الله، حسن نصر الله، والاجتماع الآخر الذي عقده السيّد نصر الله مع نائب رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) صالح العاروري؟ السؤال يبقى مفتوحًا والأيّام القريبة ربّما كفيلة بتوضيح الخفايا والخبايا.
ورغم أنّ الإعلام العبريّ “تجاهل” اللقاء المذكور، وهو الإعلام الذي يعكِس آراء وأفكار المستوييْن السياسيّ والأمنيّ في دولة الاحتلال، إلّا أنّه يجِب الأخذ على محملٍ من الجدّ توقيت تصريح الجنرال الإسرائيليّ في الاحتياط، إيتان دانغوت، مُنسِق الاحتلال السابِق في الضفّة الغربيّة، الذي اعتبر أنّ المُستجدّات الأخيرة تشير إلى تنسيقٍ “لتصعيدٍ أمنيّ”ٍ قريبٍ ومتزامنٍ من الضفّة الغربيّة، الداخل الفلسطينيّ، غزّة ولبنان، وفق أقوال دانغوت.
في السياق عينه اعتبر المُستشرِق الإسرائيليّ، يوني بن مناحيم، أنّ صلاح العاروي هو “رأس الأفعى” في حركة حماس، وأنّ علاقةً وطيدةً جدًا تربطه بقائد (حماس) في غزة، يحيى السنوار، لافتًا في ذات الوقت إلى أنّه في الـ24 من شهر نيسان (أبريل) الماضي، تمّ إطلاق قذيفةٍ من لبنان باتجاه منطقة الجليل الغربيّ في شمال الكيان، وردّ الجيش الإسرائيليّ بإطلاق قذائف مدفعيّةٍ باتجاه مناطق في جنوب لبنان.
المُستشرِق، الذي اعتمد على محافل أمنيّةٍ رفيعةٍ في تل أبيب، علمًا أنّ كان ضابط مخابرات لفترةٍ طويلةٍ، أكّد أنّه وفقًا لتقديرات كبار المسؤولين الأمنيين، فإنّ إطلاق القذيفة تمّ من قبل نشطاء تابعين لفرع حركة (حماس) في لبنان، وأنّ العملية خرجت إلى حيّز التنفيذ بمُصادقةٍ من قبل حزب الله لتوجيه رسالةٍ للدولة العبريّة مفادها أنّها في مواجهةٍ على عدّة جبهاتٍ فلسطينيّةٍ موحدّةٍ كهيئةٍ واحدةٍ للدفاع عن المسجد الأقصى ومخيّم اللاجئين في جنين، كما قال.
ومن الجدير ذكره أنّ هذه اللقاءات جاءت بعد فترةٍ قصيرةٍ من العدوان الإسرائيليّ ضدّ قطاع غزّة، والذي أطلق عليه الفلسطينيون اسم (وحدة الساحات)، كما أنّ هذه اللقاءات تأتي في توقيتٍ حرجٍ للغاية، إذْ أنّ تل أبيب تُحذِّر من احتمال اندلاع تصعيدٍ عسكريٍّ (محدود أوْ غير محدود) على خلفية نية إسرائيل استخراج الغاز من المساحة المتنازع عليها في البحر الأبيض المتوسّط قبل التوصّل إلى ترسيم الحدود البحرية من خلال الوسيط الأمريكيّ، عاموس هوكشتاين.
وفي هذا السياق شدّد ممثل حركة الجهاد الإسلامي في لبنان إحسان عطايا في حديثه مع موقع (الخنادق) على أنّ أيّ معركةٍ تندلع مع إسرائيل “نحن كفصائل وكشعبٍ فلسطينيٍّ معنيون بها وبالمشاركة والمساهمة، لأنّ هذا الكيان متواجد على أرضنا المحتلّة ونحن أصحاب هذه الأرض”، مُضيفًا أنّ “حزب الله وحده قادر بقدراته العسكرية المتطوّرة على خوض معركته وحده لكنّ غزّة معنية بإشعال جبهتها أيضًا”، كما أكّد ممثّل حركة (الجهاد) في لبنان.
كذلك رأى عطايا أنّ هناك مسألة أخرى تقلق الاحتلال وهي أنّ هذه الاجتماعات تأتي أيضًا بعد تهديد الاحتلال باستهداف قيادة وكوادر الفصائل الفلسطينية في الخارج، وهو ما قابله السيد نصر الله بالموقف الواضح إذْ قال إنّ “أيّ اعتداءٍ على أيّ مسؤولٍ فلسطينيٍّ في لبنان لن يبقى دون عقابٍ وردٍّ”.
على صلةٍ بما سلف، قال الجنرال احتياط، إيال بن رؤوفين، الذي شغل منصب نائب قائد المنطقة الشماليّة في جيش الاحتلال في حديثٍ إذاعيٍّ لراديو (104 FM) العبريّ، قال في معرض ردّه على التنسيق بين (حماس) وـ(حزب الله) إنّ “الجيش الإسرائيليّ يقوم بالاستعداد لخوض الحرب على جبهتيْن اثنتيْن، واحدة في الشمال ضدّ حزب الله، والأخرى في الجنوب ضدّ المقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة”.
وتابع الجنرال الإسرائيليّ قائلاً إنّ “هناك ثلاثة أمورٍ مُشتركةٍ بين نصر الله وبين رئيس المكتب السياسيّ في حركة (حماس)، إسماعيل هنية، الإرهاب كعقيدةٍ، النظرة المُتوافقة لكليهما بالنسبة لإسرائيل، والثالث هو أنّ (حزب الله) و(حماس) تتلقيّان الدعم من إيران”، على حدّ قوله.
وأعرب الجنرال بن رؤوفين عن قلقه من التنسيق بين (حزب الله) و(حماس)، مُشيرًا إلى أنّه يتعيَّن على إسرائيل مراقبة هذه الأمور.
كما أعرب عن خشيته أكثر من نشاط (حزب الله) الذي لا نراه، كما قال:”مَنْ يُجيد فنون القتال، لا يُجهّز نفسه في مواقع كبيرةٍ، إنّما العكس من ذلك، يقوم بإخفاء نفسه، كي لا يكون في الفرصة الأولى هدفًا، وفي المرّة الثانية سيُحاوِل أنْ يُفاجئ، و(حزب الله) تمكّن من مفاجأة الجيش الإسرائيليّ حتى قبل اندلاع حرب لبنان الثانية في العام 2006″، على حدّ قول الجنرال الإسرائيليّ بن رؤوفين.