الشروخ في معارضة اسرائيل الرسمية لهذا الفحص او ذاك لحملة "رصاص مصبوب" في اعقاب تقرير غولدستون – آخذة في الاتساع. القوة المحركة الاساس لمثل هذا الفحص الخارجي هي المستشار القانوني للحكومة ميني مزوز، الذي يطلق مؤخرا رأيه في محافل مختلفة، وأمس، ضمن امور اخرى، في نقاش لدى وزير الخارجية افيغدور ليبرمان. وحتى في موقف ليبرمان بدأت تتحقق نقلة. ايفات لا يزال يعارض مبدئيا الفحص الخارجي، ولكن في الايام الاخيرة سمع وهو يقول ان في النهاية لن يكون مفر وسنضطر الى تنفيذ فحص. هذا على ما يبدو أيضا هو موقف وزير العدل يعقوب نئمان. الوزير لشؤون الاستخبارات دان مريدور هو الاخر يؤيد مثل هذا الفحص، والان كل العيون تتطلع الى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. ومن غير المستبعد أن يطرح الموضوع هذا الصباح في جلسة المجلس الوزاري السياسي – الامني. وتدخل في هذه المسألة اعتبارات عديدة ومتنوعة، تكاد تكون من كل المجالات: سياسية، أمنية وكذا حزبية. ايهود باراك مثلا سيرفع العلم ضد مثل هذا الفحص، والذي يشكل اعلان عدم ثقة فظ بالجيش الاسرائيلي. ورغم ذلك، ليس واضحا اذا كان سيمنعه بجسده، وبالاساس اذا ما وعد بان الفحص سيتركز على الجيش الاسرائيلي وحده، وليس على القيادة السياسية (التي تضمه نفسه كما يذكر). ولليبرمان مصلحة في ان يعجب المؤسسة القضائية، التي تدفع بكل قوتها نحو فحص من هذا النوع. لدى مزوز الامور واضحة اكثر بكثير. وكما نشر هنا في اثناء الحرب، فان مزوز ورجاله رافقوا الحملة شخصيا وصادقوا، بتوقيعهم على كل العمليات والخطوات فيها. تقرير غولدستون هو، ضمن امور اخرى، تقريرهم هم ايضا. ثمة لمزوز مصلحة واضحة بان ينزل احد ما هذا القرد عن ظهره. بنيامين نتنياهو، بالمقابل، اكثر تحررا، ولكن لم يخفَ عن ناظريه فضائل "الفحص الخارجي" من هذا النوع: وضع ايهود اولمرت وتسيبي لفني في وضع محرج، اضعاف ايهود باراك، اضافة الى الفضائل الاعلامية والحزبية. في هذه الحالة لا يتبقى سوى الجيش الاسرائيلي وحيدا في المعركة. الاسم الطيب للجيش يوجد على كفة الميزان، مصداقية محافل الفحص لديه وادائه في الميدان، حيال قتال ارهابي سياسي منظم، مسلح ومسنود. "في نهاية المطاف" قال أمس مصدر سياسي كبير: "لن يكون مفر وسنشكل مثل هذه الهيئة او غيرها لاجراء مثل هذا الفحص او غيره". المشكلة مع "مثل هذا الفحص الخارجي هي أنه يبدأ صغيرا وهادئا، مثل اللجنة التي حاول عمير بيرتس تشكيلها بعد حرب لبنان الثانية، وينتهي مع القاضي فينوغراد". وقال مصدر سياسي أمس ان "هذا منحدر سلس. انت تعرف كيف تدخله ولكن لا تعرف كيف تخرج منه". وهناك شيء آخر: يدور الحديث عن نمط عمل مقلق. تشكيل لجنة تفحص الجيش الاسرائيلي في أعقاب "رصاص مصبوب" ستخلق وضعا فيه كل الحروب الاربعة (او الحملات) الاخيرة للجيش الاسرائيلي انتهت بلجان تحقيق. هذا بدأ في حرب يوم الغفران، استمر في حرب لبنان، عبر حرب لبنان الثانية والان "رصاص مصبوب". لا توجد حكومة يمكنها أن توجه نظرها الى المقاتلين التي تبعث بهم الى ميدان القتال بعد مثل هذه الحالة، وتقول لهم ان كل شيء على ما يرام، بعد ذلك سنمول لكم اتعاب المحامين. بيد واحدة ترفض الحكومة في اسرائيل التعاون مع لجنة غولدستون، وفي اليد الثانية تشكل لجنة فحص في اعقاب تقرير غولدستون، الذي لم تتعاون معه بل وقاطعته. صحيح، يدور الحديث عن حكومتين متعاقبتين وليس وحدة، ولكن هذا لا يغير المبدأ العام. يوجد هنا اخفاق عقلي واخلاقي داخلي عميق. صحيح، ليس سهلا الان مع قضية غولدستون، ولكن لا ينبغي لكل ريح ان تثني الواقع. حكومة نتنياهو انتخبها اليمين ووعدت بالجبال والتلال. في هذه الاثناء تبني أقل بكثير في المناطق، مستعدة لتحرير عدد اكبر من المخربين بكثير وتشكل (ربما) لجان فحص لحملات عسكرية شجعتها بحماسة من مقاعد المشاهدين.