اجتماع فارق.. حمل العديد من الرسائل والدلالات

اجتماع حركتي حماس والجهاد الإسلامي الأخير..

الإثنين 29 أغسطس 2022 12:11 م / بتوقيت القدس +2GMT



كتب د. صالح الحاج:

د. صالح الحاج
في هذه الأحداث والظروف الدقيقة التي يجتازها هذا البلد المجاهد، وعلى ضوء توجيه إسرائيل ضربة لكتائب حركة الجهاد الإسلامي دون حماس في عدوانها الأخيرة على غزة؛ حيثُ كانت إسرائيل حريصة على التركيز على فكرة أنها تستهدف حركة الجهاد الإسلامي، وليس حماس أو مجمل غزة. مكيدة إسرائيلية جديدة لمحاولة خلق شرخ داخل قوى المقاومة الفلسطينية بهدف إضعافها. انعقد في هذا التوقيت الاستثنائي اجتماع قيادي هام بين حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في غزة يوم الاثنين، الموافق 22 آب/ أغسطس 2022، حضر الاجتماع أعضاء بالقيادة السياسية للحركتين، وقادة “كتائب القسام” و”سرايا القدس” وقادة أمنيون.
تجري الاجتماعات بين مختلف الفصائل الفلسطينية في قطاع غزّة أو في الضفة الغربية المحتلّة بشكل روتيني ودوري؛ للبحث في المستجدات وقضايا الساحة الفلسطينية، ولكن كان هذا الاجتماع الأول بين حركتي حماس والجهاد الإسلامي بعد العدوان الأخير على غزة، فارقاً وحمل العديد من الرسائل والدلالات، أهمها:
1- وضع حد للجدل القائم بشأن عدم مشاركة أو انضمام حركة حماس في المعركة الأخيرة: الجدير بالذكر أن بعض وسائل الإعلامية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي تريد استغلال قرار حماس بعدم المشاركة في المعركة الأخيرة بهدف خلق شرخ داخل قوى المقاومة الفلسطينية. وقد شدد رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، “رونين بار” عما وصفه بالنجاح في الفصل بين حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” معتبرا أنها غاية إستراتيجية تحققت، فيما شدد قادة أجهزة الأمن الإسرائيلية خلال اجتماع المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) على أنه يجب الحفاظ على هذا الفصل. بينما قال الأمين العام لحركة “الجهاد الإسلامي” في فلسطين، (زياد النخالة( وبعد انتهاء العدوان ضد قطاع غزة: “إن حركة حماس هي العامود الفقري لحاضنة المقاومة وحركته في تحالف مستمر معها”، مؤكدا على “وحدة قوة المقاومة في مواجهة العدو الصهيوني”، وقال: “إننا والإخوة في “حماس” في تحالف مستمر وأيضا مع كافة قوى المقاومة، العدو لن يستطيع أن يفرق بين قوى المقاومة الفلسطينية”. واعتبر المحلل السياسي المقيم في قطاع غزة، مصطفى الصواف، أن “هناك تعاونا وتنسيقا على درجة عالية بين حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، لكن لم يعلن عن كيفيته خلال أيام المعركة الأخيرة مع إسرائيل”. وبمجرد اندلاع العدوان الإسرائيلي الأخير على حركة الجهاد بالقطاع، أقدمت «غرفة العمليات المشتركة للأذرع العسكرية لفصائل غزة»، بقيادة حركة حماس، والتي تأسست عام 2006، وتضم 12 فصيلا، باستثناء حركة فتح، على إعلان حالة الاستنفار القصوى. كان هناك كما ذكرنا في مقال سابق حول العدوان الأخير على غزة، اختلاف في وجهات النظر، واختلاف في تقدير الموقف بين قيادتي الحركتين. وهناك بعض الاختلافات أيضاً بين “حماس” و”الجهاد” في منهج المقاومة ضد إسرائيل، فحركة “الجهاد” على عكس حركتي “حماس” و”فتح” تنظر لنفسها بالأساس بأنها حركة مقاومة، ولا تعطي أولوية للأنشطة الاجتماعية والدينية والسياسية مقارنة ب”فتح” و”حماس”، ولكن وصل التنسيق بين الحركتين خلال السنوات القليلة الماضية إلى مستوًى كبير وغير مسبوق من التعاون والتفاهم في كثير من القضايا، خاصةً في ظل التنسيق العسكري بين الجانبين، وتصاعد قدرات المقاومة الفلسطينية بشكل كبير، فقد وقفت حركة “الجهاد” إلى جانب “حماس”، خلال حروبها الخمسة التي خاضتها ضد إسرائيل، منذ عام 2008 وحتى العام 2021.
2- التأكيد على وحدة المقاومة الفلسطينية في مواجهة العدوان الإسرائيلي: ثبّت الاجتماع الوحدة بين الحركتين وأعاد رصّ صفوف الجناحين السياسي والعسكري وضبط البوصلة الفلسطينية نحو الاحتلال ومواجهته وتحرير القدس وكل الأراضي الفلسطينية المحتلة. واعتبرت الحركتان، غرفة العمليات المشتركة، منجزا وطنيا يضم فصائل المقاومة كافة في إطار موحد لإدارة المواجهة مع الاحتلال، وفي المقدمة منها “كتائب القسام” و”سرايا القدس”، وسيعمل “الجميع على تعزيز دورها ومكانتها حتى التحرير والعودة”.
3- إسكات المنافقين والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة حول محاولة ضرب العلاقة الإستراتيجية بين حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”: ساهم الاجتماع في إسكات الكثير من الألسن المتربصة بهذه العلاقة، وغيرها من بعض المرضى المحسوبين على الحركتين”؛ إذ خرجت بعض الأصوات التي شكّكت بدور “حماس” في مواجهة الاحتلال أو اتهمتها بـ “التخلي” عن “الجهاد الإسلامي” وفصائل المقاومة. أكد الاجتماع على عمق العلاقة بين الحركتين، كما أكد على أن أي خلاف في موقف تكتيكي هنا أو هناك لا يمكن أن يمس بجوهر العلاقة بين الحركتين وتطورها وتقدمه. أجتثّ الاجتماع بذور الفتنة في قطاع غزّة. وتم الاتفاق على تعزيز أوجه العمل المشترك وتفعيل اللجان المشتركة بين الحركتين في المـــستويات السياسية والعسكرية والأمنية.
4- ناقش الاجتماع سبل تطوير وتصعيد مقاومة الاحتلال وتعزيز صمود وحدة المقاومة: أكدت الحركتان أنّ المقاومة خيارها الاستراتيجي لا تراجع عنه، ولا تردد فيه، وهي مستمرة وبتنسيق عال ومتقدم بين الحركتين، والفصائل كافة، وفي المقدمة منها كتائب القسام، وسرايا القدس”، محذرةً “العدو من أي غدر تجاه شعبنا ومقاومته الباسلة وسيكون ردنا عليه حازماً وحاسماً وموحداً”. وفي بيان مشترك صدر بعد الاجتماع، قالت الحركتان إنهما عقدتا اجتماعاً قيادياً عالي المستوى، شارك فيه قادة سياسيون وعسكريون وأمنيون من الحركتين، تخلله نقاش مركّز ومعمّق حول سبل تطوير مشروع المقاومة الذي تتبناه وتتصدره الحركتان، إضافة إلى كل الفصائل الوطنية، وآليات تعزيز حاضنته الشعبية والوطنية بما “يمهد الطريق نحو ثورة شعبية شاملة تخوض المواجهة مع الاحتلال في كل شبر من أرض فلسطين”. وشدد البيان على أن “غرفة العمليات المشتركة” هي “منجز وطني يضم فصائل المقاومة كافة في إطار موحد لإدارة المواجهة مع الاحتلال، وسيعمل الجميع على تعزيز دورها ومكانتها حتى التحرير والعودة”. وهكذا تجدد قوى المقاومة عهدها على التمسك بالمقاومة ووحدة الصف في كل مكان من أرض فلسطين المحتلة. على طريق النصر، طريق التضحية والفداء، تواصل قوى المقاومة جهادها وعزمها على النضال من أجل إنهاء الاحتلال وإزالة آثاره. إن الاحتلال الصهيوني مهما حاول التفريق بين قوى المقاومة الفلسطينية، فإن المقاومة تظل في خندق واحد ولا تستطيع أي قوة مهما بلغ جبروتها أن تفرقها. وإن ما حدث لن يزيدها إلا تماسكاً وصلابة من أجل بلوغ أهدافها. وكلنا ثقة في أن المقاومة سوف تقودنا إلى النصر بإذن الله.
كاتب صحفي وباحث/ ليبيا
إيميل: salhalhaj743@gmail.com