المسودة الأوروبية..عمرو الشوبكي

الإثنين 22 أغسطس 2022 11:19 ص / بتوقيت القدس +2GMT
المسودة الأوروبية..عمرو الشوبكي



نشرت، أمس، صحف ووسائل إعلام عالمية ما عُرف بالمسودة الأوروبية للاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة، والذي في حال توقيع الجانبين عليه سيعني تحولاً كبيراً على الساحتين الإقليمية والدولية.
والحقيقة أن الإطار الحاكم للمفاوضات الماراثونية، التي جرت في فيينا وأفرزت في النهاية هذه المسودة، هو رؤية تقوم على فرض قيود صارمة على برنامج إيران النووي تحول تحت أي ظرف دون قدرتها على امتلاك سلاح نووي، في مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها. وهى تعكس تصوراً «إدماجيّاً» تبَنّته أوروبا ومعها الإدارة الأميركية الديمقراطية (أوباما ثم بايدن)، ويقوم على أن إيران يمكن دمجها في المنظومة العالمية، وإذا تعذر التطبيع الكامل معها، فإنه على الأقل يمكن تحويلها من دولة معارِضة من خارج النظام الدولي إلى معارِضة من داخله.
وقد تضمن المقترح الأوروبي 4 مراحل، وفترتين زمنيتين، تستغرق كل منهما 60 يوماً، حيث سيشهد اليوم التالي لتوقيع الاتفاق رفع العقوبات عن 17 بنكاً و150 مؤسسة اقتصادية إيرانية، في مقابل أن تبدأ إيران بالتراجع التدريجي عن خطواتها النووية، كما سيتم الإفراج عن 7 مليارات دولار من أموالها المجمدة في كوريا الجنوبية.
كما يعطي المقترح أيضاً الحق لإيران، بعد ١٢٠ يوماً من التوقيع عليه، في تصدير 2.5 مليون برميل نفط في مقابل ٥٠ مليون برميل طوال الـ١٢٠ يوماً الأولى.
ورغم أن إيران لم تكشف تفاصيل ردها على المقترح الأوروبي، فإن وكالة الأنباء الإيرانية «إرنا» أفادت بأن نقاط التباين المتبقية تدور حول 3 قضايا، أعربت فيها أميركا عن مرونتها اللفظية في حالتين، لكن «يجب إدراجهما في النص»، وتتعلق الثالثة بـ»ضمان استمرار تنفيذ الاتفاق» في حال التوقيع عليه، خاصة في ظل تخوف إيراني من انسحاب أميركي جديد، في حال مجيء إدارة جمهورية كما جرى منذ أربع سنوات مع إدارة ترامب، التي انسحبت من الاتفاق النووي الذي وقعه سلفه الرئيس أوباما.
كما تمسكت الولايات المتحدة برفض طلب طهران إزالة اسم الحرس الثوري من قائمة واشنطن للمنظمات الإرهابية، وهو مطلب خليجي أيضاً، في مقابل تمسّك إيران بتحقيق فوائد اقتصادية كاملة من الاتفاق النووي، خصوصاً في مجال رفع العقوبات، وعدم تكرار الانسحاب الأميركي منه.
كما أعلنت إسرائيل رفضها مسودة المقترح الأوروبي، واعتبرته يتجاوز خطوط إدارة بايدن الحمراء.
من الواضح أن الولايات المتحدة وإيران باتتا أكثر من أي وقت مضى قريبتين من التوقيع على اتفاق نووي جديد، وقد يكون عدم رفع الحرس الثوري من قائمة التنظيمات الإرهابية عامل طمأنة لبعض الدول الخليجية، التي تضررت من تدخلات إيران في شؤونها الداخلية، وقد يكون هذا الاتفاق بداية لكي تُراجع إيران سياساتها في العالم العربي كما ستفعل مع الولايات المتحدة والعالم.