الجولة الجديدة..عمرو الشوبكي

الأربعاء 10 أغسطس 2022 12:13 م / بتوقيت القدس +2GMT
الجولة الجديدة..عمرو الشوبكي



وصفت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الهدنة غير المكتوبة، التي جرت مع إسرائيل برعاية مصرية، بأنها نهاية جولة في معركة مستمرة، وهى مفردات اعتادت أن تستخدمها تنظيمات المقاومة، خاصة الإسلامية، ما يعني ضمناً أو صراحةً أنها في انتظار جولة جديدة من المواجهات طالما ظل الاحتلال.
والحقيقة أن جولات الصراع المسلح بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، على مدار ما يقرب من 20 عاماً، لم تُثمر عن أي تغيير في طبيعة الصراع، أو تحقيق مكاسب لصالح القضية الفلسطينية تساهم في بناء دولة فلسطين المستقلة، إلا التأكيد على أنها باقية طالما بقي الاحتلال.
وكما توقعنا، فإن هذه المواجهة لم تطلْ؛ لأنها اقتصرت، كما جرى في 2019، على مشاركة حركة الجهاد فقط دون مشاركة باقي الفصائل، خاصة "حماس"، وكان من نتيجتها سقوط 46 شهيداً فلسطينياً، بينهم 12 عنصراً من حركة الجهاد، والباقون من المدنيين، بينهم 15 طفلاً، ولم تسقط أي ضحية إسرائيلية رغم إطلاق "سرايا القدس" (الجناح العسكري لحركة الجهاد) حوالى 1000 صاروخ على عدد من المدن الإسرائيلية.
والحقيقة أنه بات من المهم تحويل اليوم التالي للهدنة إلى مسار تسوية سلمية، خاصة أن مواجهة الأمس لم تغيّر، مثل المواجهات السابقة، المشهد الفلسطيني أو الدولي، حتى لو كانت هناك بعض التغيرات في الموقف الأميركي، وتزايد أصوات الضمير العالمي التي تنتقد إسرائيل في مقابل دعم مطلق لأمن إسرائيل، وحضور روايتها القوية التي تعتبر حركتَي "الجهاد" و"حماس" تنظيمات إرهابية.
لقد بقي الموقف الدولي رافضاً لهما دون تغير كبير، صحيح أن لهما جانباً مقاوماً للاحتلال الإسرائيلي فيه من مشاهد الصمود والبطولة الكثير، ولكن لدى "حماس" تحديداً جانب آخر يتعلق بطريقة سيطرتها على قطاع غزة (إمارتها الإسلامية)، التي بدت وكأنها أكثر حرصاً عليها من بناء دولة فلسطينية، حتى لو قالت العكس في خطابها المعلن.
والمؤكد أن الفصائل المسلحة، خاصة "حماس"، تحكم في غزة وأن لديها أجهزة ومصالح ونفوذاً، وكل ذلك مطلوب إعادة هيكلته ليتناسب مع أي خطة لإنهاء الانقسام الفلسطيني، والدخول في مسار تسوية سلمية جديدة تستند بشكل واضح إلى قرارات الشرعية الدولية، وأن حجة إسرائيل الدائمة أنه لا يوجد شريك فلسطيني جاهز للتفاوض ترجع في جانب لهذا الانقسام.
سواء دخل الفلسطينيون في مسار تسوية سلمية أم لا، وسواء نجح مشروع الدولتين الذي يزداد صعوبة أو تعثراً كل يوم، فإن إنهاء الانقسام الفلسطيني مقاومة وقعها وتأثيرها ربما أكبر من الصواريخ التي تُطلق على إسرائيل، وسيعني إجراء إصلاحات جذرية في السلطة الفلسطينية، وقيام "حماس" بالتنازل عن مؤسسات السيطرة والنفوذ في غزة، ودمج فصائل المقاومة في منظمة التحرير التي ستتحول إلى قوة ردع شعبية وسياسية وأخلاقية ومن بعيد عسكرية لإسرائيل.