فنّانتان رومانية وبريطانية تقودان مبادرة فنيّة لكسر الحصار الفنّي على غزّة

الثلاثاء 19 يوليو 2022 12:44 م / بتوقيت القدس +2GMT
فنّانتان رومانية وبريطانية تقودان مبادرة فنيّة لكسر الحصار الفنّي على غزّة



القدس المحتلة / سما /


تحت عنوان "إلى غزّة" (Sending Art to Gaza)، قدّمت الفنانة الرومانية آيونا بون والفنانة البريطانية عائشة زِيا، فيلماً قصيراً، فضحتا من خلاله سياسات الاحتلال الإسرائيلي العنصرية في فرض الحصار على القطاع، ولا سيما في وصول الأعمال الفنية إلى هناك.
واستعرضت الفنّانتان محاولات لفنانين معاصرين من خمس دول مختلفة، إقامة معرض من أعمال أصيلة لهم في غزة، وتحديداً في مقر مجموعة "شبابيك من غزة" للفنون البصرية هناك، مع إدراكهم المسبق بأن الأعمال لن تصل إلى غزة غالباً، وبأن المعرض الحلم لن ينتظم هناك، وذلك بسبب سياسات الاحتلال العنصرية التي تحول دون دخول مقتنيات فنية والكثير من الأشياء الأساسية وغيرها إلى القطاع أو خروجها منه.
ومع ذلك فإن الفنانين، وبمبادرة من كل من بون وزيا، يتحدَّون الواقع، ويغلّفون الأعمال الفنية التي يرسلونها عبر البريد، بعد أن يتحدث كل منهم عن طبيعة العمل المُرسل عبر البريد، ويواصلون المتابعة والانتظار، وتوثيق كل ذلك بالفيديو.
وتكشف الفنانتان الرومانية والبريطانية، والمشارِكات والمشاركون في المبادرة، عن "عنصرية" ما تمارسها دوائر البريد في دول العالم الغربية، وخاصة في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، باعتبار أن فلسطين كدولة غير مُدرجة على قوائمهم، أي غير مُعترف بها، فيُجبَرون على تغيير كلمة (Palestine) في العنوان بعد قطاع غزّة إلى (Israel)، ومع ذلك فإن الأعمال، حتى موعد العرض، الذي احتضنته قاعة مسرح عشتار بمدينة البيرة، مؤخراً، لم تصل بعد، وربما لن تصل.
ويبدأ الفيلم بحديث عبر الواقع الافتراضي ما بين الفنانتين والفنان التشكيلي الفلسطيني شريف سرحان، مؤسس مجموعة "شبابيك من غزة"، يتحدث فيه عن أنهم يلجؤون في معارضهم إلى إصدار نسخ عن الأعمال الأصلية بموافقة أصحابها، وذلك بسبب منع سلطات الاحتلال دخول أعمال فنيّة أصيلة إلى قطاع غزة، بما فيها تلك التي يعمل على إرسالها فنّانون يقيمون في مدن الضفة الغربية.
وينتقل الفيلم القصير بعدها، لينقل محاولات موثقة لفنانين من دول العالم، يرسلون أعمالاً أصيلة لهم، عبر البريد لعلها تصل إلى غزة، وتشارك في معرض "شبابيك" للفنون، "رغم علمهم المسبق أن فنّهم قد لا يصل إلى غزة".
عايشة زيا، وهي واحدة من مخرجتَي الفيلم، أرسلت نسخة مطبوعة من عملها المسرحي "لا شجاعة، لا قلب، لا مجد"، لافتةً إلى أنها بادرت إلى ذلك "احتجاجاً على منع إيصال الأعمال الفنية وشحنها إلى غزة"، وتقول: لا أتوقع وصولها، سأُرسلها على أي حال لرغبتي في مشاركتها جمهور معرض شبابيك للفنون، قبل أن ترصد كيف أن مراكز البريد الحكومية والتجارية طلبت منها استبدال اسم "فلسطين" غير المدرجة لديهم بـ"إسرائيل"، ليتم إرسالها، لا ضمان وصولها.
وأضافت زيا: اضطررت لإرسال الطرد إلى "إسرائيل"، بعد أن لم يتمكنوا في أكثر من مركز بريدي من العثور على اسم فلسطين في النظام الإلكتروني.. في نهاية المطاف تحصّلت على رقم تتبع للطرد، وهذا يعني أنني سأكون قادرة على معرفة مكانه.
وتوثق "هذه السلسلة من الشهادات التي سجلت ذاتياً، لحقٍ مضى عليه قرون، وهو حق التفاعل البشري، ممثلاً هنا بالبريد، وهو أيضاً اختبار من قبل الفنانين للأنظمة البريدية في بلدانهم، من حيث قبول أو رفض مكان ما أو جغرافيات بعينها في العالم، والحديث هنا عن فلسطين".
الفنانة الأميركية جوليا لينانا، شاركت في الحملة بإرسال لوحة إلى المعرض، وهي جزء من سلسلة بدأت في تنفيذها منذ بدأت الحرب في أوكرانيا، مشيرة إلى أنها "أرسلت اللوحة إلى معرض شبابيك للفنون في غزة، لكونها ترمز إلى الأمل في الوقت الذي يحدث فيه الكثير من الأمل والدمار"، واصطدمت هي الأخرى بالنظام البريدي الأميركي، ولكنها "شحنت القطعة بعد تعديل العنوان من قبل مكتب البريد بحيث تم استبدال فلسطين بإسرائيل".
أما الفنانة اليونانية البريطانية إيريكا سكورتي، فأرسلت من لندن لوحة من سلسلة عمل يندرج في إطار "الكولاج" أعدته قبل سنوات، ويتحدث "عن موضوع التواصل، وإمكانية إيصال صوتك، والعوائق التي قد تحول دون ذلك، وهي تبدو ذات صلة وثيقة بالمشروع.. أرسلته احتجاجاً على سياسات الشحن والتوصيل إلى فلسطين، وحتى يكون للفلسطينيين من زوار معرض شبابيك فرصة لمشاهدة النسخة الأصلية من اللوحة".. وكغيرها من الدول، فإن عامل البريد أبلغها أنه لا يمكن إرسالها إلى فلسطين عبر البريد الملكي، فاضطرت لوضع "إسرائيل" في العنوان بجانب "فلسطين".
الفنان الأميركي جان كريستوف، أرسل لوحة بعنوان "رسائل حب"، وذلك رغم قناعته بأن عمله في الغالب لن يصل إلى قطاع غزة، ولكن من باب "الاحتجاج على سياسات الشحن والتوصيل إلى فلسطين"، وكغيره اضطر إلى تغيير العنوان، وإحلال "إسرائيل" على المغلف الذي يضم اللوحة عوضاً عن "فلسطين".
وأرسلت الفنانة الباكستانية ربانيا شيرجيل غطاء مصباح مصنوعاً من الأكريليك مع ورق أرز مزوداً بقاعدة خشبية وشمعة، وبعد أن تمّت معاملة إرسال الطرد في أحد مكاتب البريد الباكستانية، أرجع إليها بعد يومين، مبررين ذلك بأنه "لا يوجد طيران شحن إلى فلسطين أو غزة.
المخرجة الثانية للعمل الفنانة الرومانية آيونا بون، وهي مخرجة مسرحية بالأساس، وعلاوة على إرسالها عملاً فنيّاً إلى "شبابيك" في غزة، فقد تحدثت عن المبادرة هذه التي "تم تنفيذها احتجاجاً على سياسات الشحن والتوصيل إلى غزة.. الفنانون المشاركون، كما أنا، لا نأمل بوصول أعمالنا الفنية إلى غزة، لكنني بدافع العناد أرسلتها، والعمل المُرسل عبارة عن دفتر تلوين على غلاف لوحة تبرز إعدام الدكتاتوريين الشيوعيين.. أتمنى أن يصل غزة يوماً ما".
وفي مكتب البريد الروماني "دار نقاش حول ما إذا كانت إسرائيل تمتلك كلّ فلسطين"، لكنها اضطرت كسابقاتها وسابقيها بإضافة "إسرائيل" في العنوان، لكنها لم تشطب "فلسطين" منه، ووضعت "إسرائيل" أسفل "فلسطين".
وأشار الفيلم إلى أن "أياً من الأعمال الفنية المرسلة لم تصل إلى غزة حتى الآن"، قبل أن تتبع هذه العبارة بإعلان ترويجي للحملة مفاده "إذا كنت فناناً وترغب بالانضمام إلى حراكنا المتمثل بإرسال الفن إلى غزة، تواصلوا معنا عبر صفحتنا في إنستغرام، وسنقوم بسداد تكاليفكم البريدية".
ولفت صنّاع الفيلم في نهايته إلى أن "هذا المشروع أصبح ممكناً بفضل دعم أكثر من ثلاثين متبرعاً"، وأن الفيلم قدّم للمرّة الأولى في مهرجان عشتار الدولي لمسرح الشباب، بالتعاون مع القنصلية البريطانية في القدس"، قبل أن تختم كل من الفنانة الرومانية آيونا بون والفنانة البريطانية عائشة زِيا فيلمها "إلى غزة"، بعبارة لا لبس فيها.. "فلسطين دولة".

عن الايام