في جهاز الامن يخافون من تأثيرات ازمة الغذاء والطالقة العالمية على الوضع الاقتصادي، المتدني اصلاً، لسكان قطاع غزة. ارتفاعات الاسعار البضائع مثل القمح والزيوت النباتية، ولمنتوجات طاقة مثل النفط والغاز في اعقاب غزو روسيا لأوكرانيا، لا تقفز عن القطاع. في جهاز الامن يخشون من ان اشتداد الوضع الاقتصادي من شأنه ان يقوض الوضع الامني. "موضوع غلاء المعيشة في غزة هو اليوم أحد المواضيع التي تقلقنا جداً عندما نفحص امكانية حدوث انعدام استقرار أمني في المنطقة"، قال هذا الاسبوع مصدر أمني كبير تطرق في جلسة مغلقة للوضع الاقتصادي – المدني لغزة بعد عملية حارس الاسوار في ايار الماضي.
منذ بدء التسوية بين غزة واسرائيل بواسطة وساطة مصرية ووساطة دول اخرى من الخليج واوروبا رأوا في اسرائيل تحسناً في مستوى حياة سكان القطاع. وضع غزة ما زال يعتبر صعب جداً من قبل ضباط كبار في جهاز الامن، ولكن عدد من التسهيلات مكنت من حدوث تحسن وان كان ضئيلاً، في مستوى حياة السكان هناك.
بعد عملية حارس الاسوار ايدوا في الجيش الاسرائيلي دخول عمال من القطاع للعمل في اسرائيل. في البداية صودق على دخول 12 ألف عامل يوماً واليوم (الخميس) صودق على دخول الفين عامل اخر. في الجيش الاسرائيلي معنيين بزيادة حصة التصاريح مرة اخرى. مستوى البطالة والذي بلغ في بداية 2021 حوالي 50%، هبطت الى نسبة حوالي 44.7%. الاسباب الرئيسية لذلك كانت دخول العمال الى اسرائيل وكذلك اضافة ساعات كهرباء مكّنت من زيادة ساعات العمل – من أربع ساعات في اليوم والتي كانت متبعة طوال فترة طويلة الى 12 ساعة. عامل اخر للتحسين في وضع البطالة هو تشجيع المنتجات الصناعية في غزة الى اسرائيل وللسلطة الفلسطينية، الامر الذي شجع فتح مصانع اخرى وتشغيل عمال.
رغم الانخفاض في البطالة، فانهم في جهاز الامن يقدرون نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر بحوالي 53%. متوسط الاجر ليوم العمل في غزة هو حوالي 60 شيكلاً. هجمات الجيش الاسرائيلي اثناء عملية حارس الاسوار اضرت بالبنى التحتية الاقتصادية والمدنية في ارجاء القطاع والحقت اضرار تقدر بمئات ملايين الدولارات. اليوم حوالي 95% من المياه في غزة غير صالحة للسرب، وبسبب الوضع يتم كل يوم سكب حوالي 50 ألف متر مكعب من مياه المجاري التي لم يتم معالجتها الى البحر من الشاطئ في غزة.
في اسرائيل يجدون صعوبة في ايجاد الية مساعدة لغزة بسبب سلطة حماس، وهو عدو واضح لإسرائيل والذي تعتبر منظمة ارهابية فيلا معظم دول الغرب والدول المعتدلة، ولهذا لا تقيم معها علاقات اقتصادية ومدنية. لهذا السبب فإن قطاع غزة يعتمد على الاموال التي يتم تحولها اليه من قبل السلطة الفلسطينية والتي تصل الى حوالي 123 مليون دولار شهرياً. حسب ادعاء مصادر امنية، فإن حماس تستخدم هذه الاموال بالأساس لغايات ترميم الانفاق وتعزيز قوتها العسكرية التي تضررت بصورة كبيرة في ايام حارس الاسوار.
لقد تناول نقاش جرى وراء ابواب مغلقة مؤخراً في جهاز الامن، تحليل الواقع في غزة في سنة 2035. احد الارقام البارزة التي عرضت في ذلك النقاش كان يتعلق بالموضوع الديموغرافي. في 1948 كان يعيش في غزة حوالي 96 ألف نسمة حسب بيانات وزارة الدفاع وفي 1967 سجل فيه حوالي 350 ألف نسمة. في 1987 تجاوز الرقم للمرة الاولى المليون وفي 2021 يعيش في غزة حوالي 2.1 مليون نسمة. التقدير هو ان في سنة 2035 سيصل الرقم الى 3 ملايين نسمة يعيشون على نفس قطعة الارض، وإذا واصلت حماس السيطرة حينئذٍ على غزة لن يكون هنالك امكانية لتحسي ظروف المعيشة فيها.
في اسرائيل يحاولون ان يخلقوا في غزة واقعاً بالإمكان استيعابه رغم المشاكل القائمة والمشاكل المتوقعة. المستوى السياسي لم يحدد حتى اليوم لجهاز الامن ما هو الوضع المرغوب به الذي يجب السعي اليه في غزة، ولهذا فإن جهاز الامن وضع لنفسه عدداً من الاهداف والتي حسب تقدير المصادر الاستخباراتية يمكن تحقيقها من اجل التأثير على الواقع الراهن. بعد جولات القتال لتي جرت في السنوات الاخيرة، والذي يعتقد ضباط كبار في الجيش الاسرائيلي انها كانت خطأً من ناحية النظرية المنية ولم تؤثر بصورة تغير الواقع، فإن اهداف جهاز الامن في غزة اليوم هي الحفاظ على الاستقرار الامني، تعميق الانقسام بين غزة والضفة، تطلع لتغيير الحكم في القطاع، قطع العلاقات الوطيدة بين حماس وحزب الله في إيران، المحافظة على اقتصاد فعال في غزة، ومنع زيادة قوة حماس عن طريق عمليات ردع استغلال فرص في احداث امنية وجولات قتال إذا فرضت ذلك حماس على اسرائيل.
كجزء من نفس استراتيجية الجيش الاسرائيلي، فإنه في السنة الماضية تنتشر قوات الجيش بصورة مختلفة امام قطاع غزة بحيث يكون بالإمكان تقليل الاحتكاك ما بين جنود الجيش الاسرائيلي الذين يعملون في المنطقة وبين رجال حماس الذين يعملون في منطقة الجدار. نهاية انشاء العائق على طول قطاع غزة مكن الجيش الاسرائيلي من الانتشار بصورة تمكنه من تخفيف روتين حياة سكان غلاف غزة.
النظرية العملياتية الجديدة في الجيش الاسرائيلي، والمسماة " الحائط الحديدي، والتي تحدد من جديد كيف يمكن العمل في الدفاع الروتيني في فرقة غزة، حسب الفهم السائد في الجيش الاسرائيلي والذي يقضي بأنه في منطقة العائق الامكانية الكامنة للاحتكاك عالية الامر الذي يقتضي مواءمة لسلوك قوات الجيش الاسرائيلي. العميد نمرود الوني، قائد فرقة غزة، عرض على المراسلين العسكريين الرؤية الجديدة، والتي ترتكز على انه طوال السنوات الاخيرة تم وبصورة كبيرة تغيير وتحسين العائق الدفاعي بحيث انه في الاربع سنوات الاخيرة لم تكن هنالك اختراقات دون ان تعطي المنظومة العملياتية تحذيراً منها.
" نظرية الدفاع لفرقة غزة مبنية على طبقات عديدة ونوعية من الدفاع والتي تعطي رداً على التهديدات المختلفة من القطاع" قال العميد الوني. "الرؤية العملياتية الجديدة غيّرت تماماً سلوك قوات الجيش الإسرائيلي في محيط العائق في القطاع، بحيث نستغل افضلياته ونقلل فرص العدو للمس بقواتنا". حسب اقواله فقد اوجد الجيش الإسرائيلي فاصلاً ما بين الحدود الاصلية في قطاع غزة والعائق الذي اقيم، وهو يعمل هناك بحرية. ان استخدام معدات ثقيلة، دبابات، ناقلات جنود مدرعة حديثة ووسائل تكنولوجية متطورة تمكنه من الاصطدام بالعدو دون ان يعرض الجنود والسكان لخطر زائد." ندخل عند الضرورة، ولا ندخل عندما لا يكون هنالك ضرورة، وعندما ندخل، ندخل بقوة".