كشف تقرير صحافيّ إسرائيليّ، أنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، مناحيم بيغن، والرئيس الأميركي الأسبق، رونالد ريغان، بحثا طرد اللاجئين الفلسطينيين من لبنان، بالتزامن مع اجتياح إسرائيل للبنان عام 1982. كما اقترح الأوّل ترحيل الفلسطينيين إلى دول عربية أخرى كليبيا والعراق وسورية.
وأفاد التقرير الذي نُشر في صحيفة "هآرتس" الإسرائيليّة، اليوم الجمعة، بأنّ "محضر لقاء بين رئيس الحكومة الإسرائيلية، والرئيس الأميركي في حزيران (يونيو) 1982، كشف أن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة، بأنها لا تنوي وقف اجتياح لبنان عند خط 40 كيلومتر من الحدود، كما أُعلِن رسميًّا" حينها.
وذكر التقرير أن بيغن وريغان، التقيا بعد أسبوعين من بدء الاجتياح الإسرائيليّ للبنان في واشنطن، مشيرا إلى أنّ "الأميركيين اعترفوا بحقّ إسرائيل في التحرك ضد منظمة التحرير الفلسطينية، التي كانت متمركزة في لبنان بعد إبعادها من الأردن في السبعينيات، ومنه انطلقت في تنفيذ عمليات في الأراضي الإسرائيلية".
وفي حين قال التقرير إنّ الأميركيين، "انتقدوا شدة القتال الإسرائيلي، وأزعجهم مصير مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين عاشوا في لبنان كلاجئين، منذ ترحيلهم أو فرارهم من إسرائيل في عام 1948"، أكّد أن الرئيس الأميركيّ، فحَص إمكانية اندماج اللاجئين الفلسطينيين في لبنان في المجتمع المحلي ليصبحوا مواطنين لبنانيين.
وأورد التقرير تساؤلَ ريغان، خلال اللقاء الذي حضره مسؤولون إسرائيليون آخرون: "الغالبية العظمى من هؤلاء الفلسطينيين، وليس (المنتَمين لـ) منظمة التحرير الفلسطينية، إذا ما وعدتهم الحكومة اللبنانية بالجنسية، أليس ذلك حلًّا؟".
وأضاف ريغان، بحسب التقرير: "بعد كل شيء، هم في بلد مختلف... سمعت أن من يريد أن يكون جزءًا من المجتمع اللبنانيّ، مدعوٌّ للقيام بذلك"، ليردّ السفير الإسرائيليّ لدى الأمم المتحدة، يهودا بلوم، على ذلك بالقول، إنّ "في لبنان مشكلة توازن دينيّ"، وأنه إذا مُنح اللاجئون الفلسطينيون مكانة دائمة، فإن التوازن نفسه يمكن أن يضطرب، لأن معظمهم من المسلمين. وأضاف: "أتفهم لماذا لن يوافق لبنان على منحهم ’وضعا دائما’".
وذكر التقرير أنّ بيغن ردّ بأنه "يوجد في لبنان ما بين 350 ألف و400 ألف لاجئ فلسطيني، وأن ما بين 15 إلى 20 ألفا منهم ’إرهابيون منظَّمون، ومسلّحون بأسلحة ثقيلة’".
وفي ما يخصّ اللاجئين، قال إن "بعضهم على الأقل يجب أن يغادروا لبنان"، مضيفا أنها "دولة صغيرة"، لذا فقد عرَض إرسالهم إلى دول عربية أخرى، وقال في هذا الصدد أن "ليبيا تقول إنها صديقة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهي دولة كبيرة. لماذا لا تستقبل الناس؟".
وأضاف أن "العراق بلد ضخم، به موارد هائلة، ومياه ونفط؛ لماذا لا يذهبون إلى هناك؟"، زاعما أن "العراق فارغ وسورية فارغة".
وأشار التقرير إلى تدخُّل السفير الإسرائيليّ لدى الولايات المتحدة، موشيه أرنس، والذي قال: "من المؤسف أنّ بعض الدول العربية ليست مستعدة لقبول عدد كبير (من اللاجئين). السعودية وسورية وآخرون يمكنهم أيضا".
وتساءل ريغان: "هل يمكن إيجاد إجابة، حتى يتم إيجاد حلّ نهائيّ للمشكلة؟"، ليجيب بيغن: "سيتم إيجاد حلّ إذا كانت هناك رغبة في إيجاده"، مقترِحًا ترحيل الفلسطينيين في لبنان إلى دول عربية أخرى، قال "إن لها أراض شاسعة، (بالإضافة إلى) المياه والنفط ومليارات الدولارات".
ومن أجل تعزيز حجّته بأنه يجب "إعادة توطين" الفلسطينيين، أشار بيغن إلى أزمات اللاجئين المختلفة في التاريخ، عادًّا أن "إعادة التوطين هي الطريقة الإنسانية والطبيعية لحلّ مشاكل اللاجئين"، مضيفا أن هذا حدثَ أيضًا في أجزاء أخرى من العالم، مثل باكستان والهند وتركيا واليونان، "وفي كل مكان"، وفق زعمه.
40 كيلومترا... امتدّت حتّى احتلال نصف أراضي لبنان
وذكر التقرير أنه "في 5 حزيران/ يونيو 1982 قررت الحكومة الإسرائيلية خوض الحرب. وجاءت صياغة القرار على النحو التالي: ’تكليف الجيش الإسرائيلي بمهمة إخراج جميع المستوطنات الشمالية، (شمال إسرائيل) من مرمى نيران الإرهابيين المتمركزين هم، ومقارّهم وقواعدهم في لبنان"، مشيرا إلى أن الهدف في إسرائيل "كان... الاستيلاء على المنطقة (التي تمتدّ حتى) 40 كم شمال الحدود مع لبنان".
كما أوضح التقرير أن "الهدف الرسمي، كان الشروع في عملية واسعة النطاق ومحدودة زمنيا، هدفها القضاء على المنظمات الإرهابية التي أطلقت صواريخ ’الكاتيوشا’ على المستوطنات الشمالية".
وبحسب التقرير، فإنّ "الرقم 40 كان ذا أهمية كبيرة، ففي 6 يونيو (حزيران)، كرره بيغن في رسالة أرسلها إلى الرئيس ريغان. وفي 8 يونيو، أعلن بيغن أيضًا في نقاش في الكنيست، أن إسرائيل ستتوقف عن القتال، بعد صدّ إرهابيي منظمة التحرير الفلسطينية على بعد 40 كيلومترًا من الحدود" الإسرائيلية - اللبنانية. لكن "رغم ذلك، لم تتوقف الحرب عمليا عند 40 كلم، بل استمرت حتى بيروت، واستولت إسرائيل على نحو نصف الأراضي اللبنانية".
وشدّدت الصحيفة على أنّ "الانحراف عن خطة الاستيلاء على 40 كم، كان السبب الرئيسي للجدل العام حول الحرب، والانتقاد الذي وجهته الولايات المتحدة لإسرائيل، وكذلك النقد الداخلي في إسرائيل".
وأفاد التقرير بأن ريغان، قد أدرك أن إسرائيل تجاوزت الأربعين كيلومترا، و"انتقد إسرائيل في 9 يونيو (حزيران) لتجاوزها هذا الخط، في رسالة أرسلها إلى بيغن".