حماد صبح: لا تأبه يا بن عطوان.. على نفسها وعلى أهلها جنت “براقش” الإسرائيلية..

السبت 16 أبريل 2022 01:17 م / بتوقيت القدس +2GMT
حماد صبح: لا تأبه يا بن عطوان.. على نفسها وعلى أهلها جنت “براقش” الإسرائيلية..



كتب حماد صبح:

كل من يعرف إسرائيل وأذرعها التي تمارس بها جرائمها المتباينة لا يستغرب منها أي جريمة أو تصرف منافٍ للمتعارف عليه من القيم الأخلاقية والمُتبعات القانونية. إنها تقتل الفلسطينيين قتلا شبه يومي، فإذا دافعوا عن أنفسهم بأضعف الوسائل سمت دفاعهم إرهابا ، وإذا مجدوا مواطنيهم الذين يضحون بأرواحهم في هذا الدفاع الذي تقره كل شرائع الله والإنسان غضبت من الممجدين، واتهمتهم بتشجيع الإرهاب ، وطلبت من العالم إدانتهم. إنها مثل اللص الذي أخفق في السطو على البيت لوجود صاحبه فيه ، فذهب إلى الشرطة، واشتكاه لوجوده في بيته. وحقا ليس بعد الكفر ذنب، فلا عجب في كل ما تقوله إسرائيل عن الفلسطينيين من القبائح أو تقترفه في حقهم من الجرائم بعد أن اقترفت الذنب الأكبر بسرقة وطنهم. كل قبائحها وجرائمها بعد سرقته متفرعات وامتدادات سياقية لتلك السرقة.
ونحن الآن في مواجهة موبقة  إسرائيلية جديدة من تلك المتفرعات والامتدادات، وهي اتهام عبد الباري عطوان رئيس تحرير “رأي اليوم” بتشجيع “الإرهاب الفلسطيني” ضد إسرائيل لامتداحه العملية التي نفذها الشهيد رعد حازم في تل أبيب ، وقتل فيها ثلاثة إسرائيليين وجرح عشرة. وتولت حملة الاتهام صحيفة ال “جويش كرونيكل” اليهودية الصهيونية اللندنية، وتطلب فيها تطبيق قانون محاربة الإرهاب بحقه الذي _ لاسمح الله _ سيؤدي لسجنه خمسة عشر عاما في حال نجاح حملة اتهامها له من خلال رفع قضية عليه .
وعبد الباري لم يشجع إرهابا، كل ما قاله في قناته على اليوتيوب ، وكل ما كتبه في “رأي اليوم” لا يتعدى الإقرار المشروع بحق شعبه ، وهو ابن سدود التي اغتصبتها إسرائيل وشردت أسرته منها مثلما شردت مئات آلاف الأسر الفلسطينية من مدنها وقراها؛ في حماية حياته وحقوقه في وطنه. إسرائيل وأنصارها وأذرعها المتنوعة بما فيها الإعلام ، ومنه ال “جويش كرونيكل”، يستهولون أن يدافع فلسطيني بمفرده عن شعبه مثلما فعل رعد، ويرون عمليات القتل والاعتقال والاقتحامات التي ينفذها آلاف الجنود والمستوطنين الإسرائيليين المسلحين شيئا عاديا ودفاعا عن النفس وحربا على الإرهاب.
يضعون معايير تلائم عدوانهم وتسوغه، وبستنكرون حق ضحاياهم في أن يكون لهم معاييرهم التي يتصرفون  وفقها لرد شيء من هذا العدوان، وهي معايير ربانية وبشرية مجمع عليها . هل يريدون من الفلسطينيين أن ينثروا الورود على جنودهم ومستوطنيهم المعتدين؟! لا أحد ينثر وردا على معتدٍ. وأبدت إسرائيل في الحين الأخير قلقا واضحا من عودة القضية الفلسطينية إلى أخذ حيز من الاهتمام العالمي، وبدت هذه العودة في كثرة واصفيها بالعنصرية في مؤسسات أكاديمية وحقوقية وتشريعية مرموقة في أوروبا وأميركا ، وهي قطعا أسوأ كثيرا من دولة عنصرية.
العنصرية قد تكتفي بالتفرقة بين الناس في الحقوق ، ولكنها لا تقتلهم وتعتقلهم وتسرق أرضهم وتهدم بيوتهم مثلما تفعل إسرائيل في الضفة والقدس ، وهي لا تحاصرهم وتحدد عدد ونوع السلع المسموح لهم باستيرادها مثلما تفعل في غزة. ثلث يهود أميركا قالوا في استطلاع منذ يومين أن إسرائيل دولة عنصرية.
وكشف، قبل أمس، استطلاع مشترك لقسم القضايا الحرجة في جامعة ميريلاند ومشروع  العلوم السياسية للشرق الأوسط بجامعة جورج تاون اعتبار 60 % من الأكاديميين والباحثين الأميركيين إسرائيل دولة فصل عنصري. وهذه النسبة العالية من هذه النخب الأكاديمية ذات المعرفة الموثوقة بما تبدي رأيها فيه؛ انتصار معنوي مبين  للحق الفلسطيني، وهزيمة معنوية صادمة للباطل الإسرائيلي. وترعب هذه الاستطلاعات إسرائيل ، وتنفذ سهاما نارية في قلبها لكونها من بلد هو المؤيد الأكبر لها ، ولها في مجتمعه ومؤسساته وسائل تأثير كثيرة، وأخفقت هذه الوسائل في صبغ صورتها الحقيقية باللون الديمقراطي والإنساني الذي أصرت دائما على أنه لونها. فجرائمها التي تقترفها ضد الفلسطينيين يستحيل إخفاؤها بأي وسيلة في زمن صار العالم فيه تحت الأضواء الإعلامية بالصورة قبل الكلمة ثانية بثانية.
 تردي صورة إسرائيل في العالم ، وتعري دمويتها وسوادها وبشاعتها ، وموجات الرعب والكرب والقنوط التي عجنت روحها عجنا عاصفا حارقا بعد العمليات الفلسطينية في عمقها ، والوسواس الذي قبض على تلك الروح الشريرة المظلمة من عمليات أخرى؛ سلبتها كثيرا من السيطرة على أقوالها وأفعالها، فصارت تطلق سهامها الطائشة في كل اتجاه على من تعدهم معادين لها ومؤيدين للحق الفلسطيني في الدفاع عن النفس، واتجه أحد سهامها عبر ال “جويش كرونيكل” إلى عبد الباري عطوان، وخدمته بهذا السهم وخدمت قضيته وقضية شعبه. كثيرون في العالم سيتحدثون عنه وعن شعبه وعن ظلم إسرائيل لهما، وسيذكر كثيرون أنه من أسدود الفلسطينية التي سرقتها إسرائيل،  وستنهال من كل العالم سهام كثيرة على جسدها الذي  يتغذى من خيرات فلسطين الني سطت عليها في وضح التاريخ، وستكون مثل الكلبة “براقش” التي جنت على نفسها وعلى أهلها في الحكاية العربية الشهيرة حين نبحت أعداءهم ، فاستدلوا على وجودهم ، وقتلوهم وقتلوها. ودائما وأبدا، وهذا قضاء إلهي عادل، لا يحيق المكر السيء إلا بأهله . فزت يا بن عطوان _ إن شاء الله _ وفازت قضية شعبك العادلة.