يُقال إنّ الصورة تُساوي ألف كلمة، وهذه المقولة ربّما تنطبِق على المُستشرق الإسرائيليّ وأستاذ العلوم السياسيّة في الجامعة العبريّة بالقدس الغربيّة، مئير المصري، الذي تستضيفه قنوات فضائية عربية بين وقت وآخر ليدلي بآرائه بصفته محللاً سياسيًا. د. المصري، كان قد أطلق تحديًا أمام متابعيه على موقع التواصل (تويتر) قبل ثلاثة أشهرٍ، جاء فيه أنّه “إذا لم تدُكّ إسرائيل منشآت إيران النوويّة قبل نهاية شهر آذار (مارس)، سمّوني “سوسن”.
مصري، وهو عضو اللجنة المركزيّة في حزب العمل الإسرائيليّ، (يسار-وسط)، أخفق في التحدي، لكنّه ما زال يظهر عبر وسائل إعلام عربية باسم مئير، لأنّه يراهن على أن الجميع ينسى مع مرور الوقت، كما ذكر الإعلامي علي عبادي في موقع (العهد) على الإنترنيت، علمًا أنّ تحديه يندرِج في إطار الحرب النفسيّة الشرسة التي تدور على كافة الجبهات بين إيران وإسرائيل.
وأضاف: “استخدم مئير على نحو السخرية اسم سوسن العربيّ الذي يحمل معنى زهرة طيبة الرائحة، وأراد من ذلك إظهار “رجولته” الفكرية الوقّادة عن طريق إطلاق تنبؤ اتضح أنه حمل ذهانيّ كاذب. لكنّه لا يدرك أوْ لا يريد أنْ يقتنع بأنّ السوبرمان الإسرائيليّ صاحب المبادرة والقادر في كلّ وقتٍ على إلحاق الهزيمة بأعدائه، وفق الصورة الذهنيّة الإسرائيليّة السائدة، بات يفتقد قدراته الساحرة على الإطاحة بكل من يقف في وجهه”.
وأشار عبادي إلى أنّ “سوسو العبري (تطلق سوسو أحيانًا بين الرجال العرب على من يفقد رجولته)، ما زال يعيش في جلباب آبائه ويحاول أنْ يحشو أذهان بعض المشاهدين العرب بصور بطولاتٍ خارقةٍ عفا عليها الزمن. والمطبّعون العرب الذين يتوجه إليهم بهذه البطولات الإعلامية يتلقون هذا الخطاب بالترحاب، لأنهم يعشقون الانتقال من أداء مخيّب إلى رهان اكثر خيبة”، على حدّ تعبيره.
وبرأيه فإنّ “بلطجيّ المنطقة لم يعد يخيف أحدًا، وليس من باب الصدفة أبدًا أنّه الآن يركض خلف القريب والبعيد لتعطيل احتمال نشوب مواجهة جديدة مع الشعب الفلسطينيّ، هذا الشعب الذي يهشّم أسطورة الفزاعة التي خطفت أنفاس العرب في ستة أيام من عام 1967”.
يُشار في هذا السياق إلى أنّ وزير المالية الإسرائيليّ الحاليّ، أفيغدور ليبرمان، كان قد صرحّ مؤخرًا بأنّ الدولة العبريّة لم تُسجّل أيّ نصرٍ في الحروب التي خاضتها منذ العام 1967، على حدّ قوله.
والسؤال الذي ما زال مفتوحًا: بعد إخفاقه في التحدي، هل يقتنع المستشرق الإسرائيليّ بضرورة أنْ يبدّل وظيفته الدعائية، وليس اسمه، ليصير مطبّلاً في سوق المطبّعين، بدلاً من أنْ يكون محللاً سياسيًا؟
وسؤال آخر: هل تُقدِم إسرائيل في ظلّ المُتغيّرات بالمنطقة والتطورّات بالشرق الأوسط، هل تُقدِم على ضرب إيران عسكريًا لتدمير برنامجها النوويّ باعتباره تهديدًا وجوديًا؟ للتنويه، فإنّ واشنطن وقادة الأجهزة الأمنيّة في تل أبيب يُعارِضون اللجوء للخيار العسكريّ، رغم أنّ إسرائيل أعلنت رسميًا أنّها في حلٍّ من الاتفاق النوويّ بين إيران والولايات المُتحدّة الأمريكيّة، والذي بحسب المصادر سيتّم التوقيع عليه قريبًا جدًا.


