ما زالت الهجمات الفدائية الفلسطينية تتردد أصداؤها في الأوساط الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، إلى الحد الذي وصلت فيه حالة الهستيريا أن ينشر الجيش أفراد الكوماندوز في الشوارع، وهو أمر غير مسبوق في دولة الاحتلال، ما يشير بصورة لا تخطئها العين إلى انتشار موجة من الرعب، وسط تحذيرات من انتفاضة ثالثة، استمرارا للانتفاضات السابقة التي شهدتها الأراضي المحتلة منذ حرب العام 1967.
أكثر من ذلك، فإن بعض الأصوات الإسرائيلية، لاسيما رئيس الوزراء نفتالي بينيت، والذين يدعون إلى تنفيذ عملية "كاسر الأمواج"، لا يمكنهم ضمان عدم إيداع المزيد من القتلى الإسرائيليين في هجمات قادمة، ما يزيد من إرث الذاكرة الجمعية للإسرائيليين، تارة من منظمة التحرير وفتح وأيلول الأسود والجبهة الشعبية، واليوم مع حماس والجهاد، وجميع مقاتليهما لديهم أسلحة، وقد ينفذون هجمات ملهمة وانتقامية.
ران أدليست الكاتب الإسرائيلي بصحيفة معاريف، ذكر في مقال أن "العمليات الفلسطينية الأخيرة دفعت دولة الاحتلال لوضع جندي وشرطي في كل ناصية، لمواجهة المسلحين المفترضين الذين يجوبون شوارعها، وباتت إسرائيل تطاردهم، من خلال إحداثيات جغرافية موجهة بواسطة نظام تحديد المواقع العالمي GPS".
وأضاف أن "تقنيات الهجمات الفلسطينية تتغير، لكن النية واحدة وهي زيادة الخناق حول أعناق الإسرائيليين، والنتيجة أنه محكوم عليهم بانتفاضة إلى الأبد، وفي غضون ذلك تبذل الحكومة جهودها للتهدئة، وصولا لمنح الإسرائيليين رخصة حيازة الأسلحة، والسماح لجنود الكوماندوز بأن يجوبوا شوارع تل أبيب، ما يعني أن الحكومة وصلت حد الجنون، لأنه ليس معقولا أن تبقى الدولة في حالة استنفار طوال سبعة أيام خلال الأسبوع، فضلا عن إصابتها بجنون العظمة وتأجيج الكراهية".
ولا يتردد الإسرائيليون وهم يراقبون جهود الحكومة لوقف موجة العمليات الفدائية، في تقديم مزيد من الاعترافات بأن الطريقة الوحيدة لضمان العودة إلى روتين الحياة، هي العمل على كبح جماح الحرب الخماسية في وقت واحد، ومصدرها الضفة الغربية وقطاع غزة ولبنان وسوريا وإيران، لأنه في هذه الحالة فإن الأمن الشخصي للإسرائيليين سيكون معرضا للخطر، ما يستدعي من الحكومة تقليص عدد الحروب، والحد من نطاقات القتال المنتشرة على طول الحدود المختلفة للدولة.
في الوقت ذاته، تبرر أصوات إسرائيلية أخرى استمرار حالة المواجهة الأمنية بزعم أنه ليس لدى الفلسطينيين شركاء، لأنهم يريدون إما مائة بالمائة أو صفر، حتى وصل الأمر إلى نشوب صراع ديني بين الجانبين، والنتيجة أنه لن يتم حلها إلا عن طريق العنف، رغم أنها تكلف الجمهور الإسرائيلي كثيرا من الدماء والدموع، بالتزامن مع إشاعة المزيد من التحريض ضد فلسطينيي 48.
وفيما تسعى دولة الاحتلال لتحييد غزة عن المواجهة القائمة، فإن اتهامات إسرائيلية توجه للحكومة بشأن إساءتها فهم تفكير حماس بزعم أنها تبحث عن طرق لعدم التصعيد، من خلال منحهم المال، والسماح للعمال بالعمل في الداخل، لكن ذلك يدل على خطأ تفكير إسرائيلي تجاه الفلسطينيين في غزة.
عربي 21