توصلت دراسة حديثة إلى أن سلالة أوميكرون الشبح "بي إيه 2" (BA 2) قد تكون أخطر من سلالة أوميكرون الأصلية، والمعروفة باسم "بي إيه 1" (BA1).
وقد قام باحثون في اليابان بإجراء هذه الدراسة، التي نشرت في مرحلة ما قبل الطباعة على موقع بيو أركيف bioRxiv، ولم تتم مراجعتها بعد من قبل علماء آخرين.
وكتبت بريندا غودمان، في تقرير بموقع "سي إن إن" (CNN) أن فيروس "بي إيه 2" -أحد السلالات من فيروس أوميكرون- لا ينتشر أسرع من أوميكرون فحسب، بل قد يتسبب أيضا في مرض أكثر خطورة.
وتظهر التجارب المعملية الجديدة من اليابان أن "بي إيه 2" قد يكون لها خصائص تجعلها قادرة على التسبب في مرض خطير، مثل المتغيرات القديمة لكوفيد-19، بما في ذلك دلتا.
"الشبح" تفلت من مناعة اللقاحات
ومثل أوميكرون، يبدو أن سلالة الشبح تفلت إلى حد كبير من المناعة الناتجة عن اللقاحات. كما أن "بي إيه 2" لا تستجيب لبعض العلاجات، بما في ذلك سوتروفيماب Sotrovimab، وهو الجسم المضاد أحادي النسيلة المستخدم حاليا ضد أوميكرون.
وعادة، قبل نشر دراسة في المجلات الطبية، يتم فحصها من قبل خبراء مستقلين. وتسمح المطبوعات المسبقة بمشاركة البحث بسرعة أكبر، ويتم نشرها قبل المراجعة الإضافية.
وكتب الباحثون في الدراسة أن رقم التكاثر الأساسي لسلالة "بي إيه 2" أعلى 1.4 مرة من رقم التكاثر الأساسي لسلالة أوميكرون الأصلية "بي إيه 1".
ورقم التكاثر الأساسي -ورمزه (R0) وينطق "آر نات" (R-naught) أو "آر زيرو"- يشير إلى متوسط عدد الذين يتوقع أن ينقل الشخص المصاب المرض إليهم، فإذا كان لفيروس معين (R0) يساوي 3، فهذا يعني أن كل مريض سينقل المرض إلى 3 أشخاص آخرين.
أكثر قدرة على التكاثر
وأظهرت تجارب زراعة الخلايا أن سلالة الشبح أكثر قدرة على التكرار (replicative) أو التكاثر في الخلايا الطلائية للأنف البشرية.
علاوة على ذلك، أظهرت تجارب العدوى باستخدام الهامستر أن "بي إيه 2" أكثر تسببا بالأمراض من "بي إيه 1".
وقال الباحثون "تشير تحقيقاتنا متعددة النطاقات إلى أن مخاطر سلالة (بي إيه 2) على الصحة العامة يحتمل أن تكون أعلى من (بي إيه 1)".
وقال الدكتور دانيال رودس، رئيس قسم علم الأحياء الدقيقة في كليفلاند كلينك في ولاية أوهايو الأميركية "قد يكون، من منظور الإنسان، هناك فيروس أسوأ من (بي إيه 1) وقد يكون قادرا على الانتقال بشكل أفضل ويسبب مرضا أسوأ".
هذا وقد استعرض رودس الدراسة لكنه لم يشارك في البحث.
وقالت مديرة المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، الدكتورة روشيل والينسكي، إن المراكز تراقب عن كثب "بي إيه 2".
وقالت يوم الجمعة "لا يوجد دليل على أن (بي إيه 2) أكثر خطورة من (بي إيه 1)". وأضافت أنهم يواصلون مراقبة المتغيرات التي يتم تداولها محليا ودوليا، و"مراقبة البيانات الناشئة عن شدة المرض لدى البشر والنتائج المستخلصة من أوراق مثل هذه التي أجريت في ظروف معملية".
ويعتبر "بي إيه 2" متحورا بدرجة عالية مقارنة بالفيروس الأصلي المسبب لكوفيد-19 الذي ظهر في ووهان الصينية. كما أن لديه العشرات من التغييرات الجينية التي تختلف عن سلالة أوميكرون الأصلية، مما يجعله متميزا عن متغيرات ألفا (Alpha) وبيتا (Beta) وغاما (Gamma) ودلتا (Delta).
هل "بي إيه 2" نوع جديد؟
يجادل كي ساتو، الباحث في جامعة طوكيو الذي أجرى الدراسة، بأن هذه النتائج تثبت أن "بي إيه 2" لا ينبغي اعتباره نوعا من أوميكرون وأنه يحتاج إلى مراقبة عن كثب.
قال لشبكة "سي إن إن" إن إنشاء طريقة للكشف عن "بي إيه 2" على وجه التحديد سيكون أول شيء يتعين على العديد من البلدان القيام به.
ولدى سلالة بي إيه.2 طفرات جينية يشعر الباحثون بالقلق من أنها قد تجعل التعرف عليها أكثر صعوبة مقارنة بسلالة "بي إيه 1".
والنسخة "بي إيه 1" من السلالة أوميكرون أسهل نسبيا في تتبعها من السلالات السابقة، ويرجع هذا إلى أنه لا يوجد بها واحد من 3 جينات يستهدفها اختبار تفاعل البلمرة المتسلسل "بي سي آر" (PCR).
وليس في "بي إيه 2" (أوميكرون الأصلي) هذا الجين المستهدف المفقود. وعوضا عن ذلك، يرصدها العلماء بالطريقة التي رصدوا بها السلالات السابقة ومن بينها سلالة دلتا، بتتبع الخرائط الجينية للفيروسات المحالة إلى قواعد البيانات العامة.
وقد تم تقدير أن "بي إيه 2" معد بنسبة 30% أكثر من أوميكرون. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، تم اكتشافه في 74 دولة و47 ولاية أميركية.
مقاومة بالأجسام وحيدة النسيلة
وجدت الدراسة الجديدة أن "بي إيه 2" يمكنه نسخ نفسه في الخلايا بسرعة أكبر من "بي إيه 1" النسخة الأصلية من أوميكرون. كما أنه أكثر مهارة في جعل الخلايا تلتصق ببعضها البعض. ويسمح هذا للفيروس بتكوين كتل أكبر من الخلايا، تسمى "سينسيشا" (syncytia) من "بي إيه 1".
وهذا مقلق لأن هذه الكتل تصبح بعد ذلك مصانع لإنتاج المزيد من نسخ الفيروس. وكانت دلتا جيدة أيضا في تكوين المخلوقات المخلوية، والتي يُعتقد أنها أحد أسباب وصفها بأنها مدمرة جدا للرئتين.
وعندما قام الباحثون بإصابة الهامستر بسلالة "بي إيه 2″ و"بي إيه 1" أصيبت الحيوانات المصابة بسلالة "بي إيه 2" بالمرض، وكانت وظائف الرئة أسوأ. وفي عينات الأنسجة، كانت رئتا الهامستر المصابة بسلالة "بي إيه 2" أكثر تضررا من تلك المصابة بـ "بي إيه 1".
وعلى غرار أوميكرون الأصلي، كان "بي إيه 2" قادرا على اختراق الأجسام المضادة في دم الأشخاص الذين تم تطعيمهم ضد كورونا.
وكان أيضا مقاوما للأجسام المضادة للذين أصيبوا بكوفيد-19 في وقت مبكر من الوباء، بما في ذلك ألفا ودلتا. وكان "بي إيه 2" مقاوما تماما تقريبا لبعض علاجات الأجسام المضادة وحيدة النسيلة.
نقطة مضيئة
ولكن كانت هناك نقطة مضيئة، حيث يبدو أن الأجسام المضادة في دماء الذين تعرضوا لأوميكرون مؤخرا تقدم بعض الحماية ضد "بي إيه 2" خاصة إذا تم تطعيمهم أيضا.
وهذا يثير نقطة مهمة، كما تقول ديبورا فولر عالمة الفيروسات في كلية الطب بجامعة واشنطن والتي راجعت الدراسة، ولكنها لم تكن جزءا من البحث.
وتقول فولر: إنه على الرغم من أن "بي إيه 2" تبدو معدية ومسببة للأمراض أكثر من أوميكرون، فإنها قد لا تتسبب في موجة أكثر ضررا من عدوى كوفيد-19.
وتضيف "أحد المحاذير التي يتعين علينا التفكير فيها، عندما نحصل على متغيرات جديدة قد تبدو أكثر خطورة، هو حقيقة وجود جانبين للقصة: نظام المناعة لدينا يتطور أيضا، وهذا يؤدي إلى تراجع الأمور".
سباق ضد كورونا ومتحوراته
في الوقت الحالي، كما تقول فولر "نحن في سباق ضد الفيروس، والسؤال الرئيسي: من في الصدارة؟
وتضيف "ما نريده في النهاية أن يكون المضيف متقدما على الفيروس. بعبارة أخرى: مناعتنا تكون متقدمة خطوة للأمام على السلالة التالية التي تظهر، ولا أعلم أننا وصلنا إلى هذا الحد حتى الآن".
لهذا السبب -تقول فولر- إنها تشعر أن الوقت لم يحن بعد للمجتمعات لرفع الأقنعة.
وتختم بالقول "كنا على بعد حوالي 10 أقدام من خط النهاية. إن نزع الأقنعة الآن ليس فكرة جيدة. إنها ستعمل فقط على تمديد الأمر. دعنا نصل إلى خط النهاية".