يديعوت: هكذا تتعمق الفجوة الاجتماعية – الاقتصادية في "إسرائيل"

الجمعة 11 فبراير 2022 05:05 م / بتوقيت القدس +2GMT
يديعوت: هكذا تتعمق الفجوة الاجتماعية – الاقتصادية في "إسرائيل"



القدس المحتلة/سما/

بقلم: يوسي يهوشع- يديعوت - وثيقة عسكرية داخلية تحلل الأصل الاجتماعي لمن يخدمون في الوحدات التكنولوجية المختلفة في الجيش، بدءاً من سلاح الاستخبارات حتى شعبة التنصت، ووفقاً لبياناتهم الاجتماعية – الاقتصادية، ما يؤكد الفجوات الدراماتيكية في المجتمع الإسرائيلي التي تتسع عقب الخدمة العسكرية في تلك الوحدات. فمن المعطيات التي وصلت إلى “يديعوت أحرونوت” حتى العام 2022، يتبين بشكل صارخ أنه بقدر ما يأتي الجندي من عائلة بمستوى اجتماعي – اقتصادي أعلى، فإن فرصه الانخراط في هذه الوحدات تكون أعلى. 

وفقاً للمعطيات، فإن الجنود الذين يأتون من العشريات 7 – 9 يشكلون وحدهم 74 في المئة من عموم العناصر التي تخدم في تلك الوحدات التكنولوجية المتطورة والمرغوبة. ففضلاً عن ذلك، في تلك العشريات العليا فقط يمكن رؤية أن تنفيذها في تلك الوحدات التكنولوجية أعلى من معدلها في عموم السكان. 

هكذا مثلاً تشكل العشرية السابعة 27 في المئة من عموم السكان، أما في وحدات التكنولوجيات فعدد الأفراد الذين يأتون من هذه العشرية يبلغ 31 في المئة. 

تشكل العشرية الثامنة 17 في المئة من عموم السكان، بينما في الوحدات التكنولوجية يخدم 23 في المئة من أبناء هذه العشرية. في العشرية التاسعة، تكاد النسبة تصل إلى الضعف: 20 في المئة ممن يأتون من هذه العشرية يخدمون في الوحدات التكنولوجية، بينما معدلهم في عموم السكان يصل إلى 12 في المئة فقط. 

أما الميل في العشريات الدنيا فمعاكس تماماً: من العشرية السادسة التي تشكل 12 في المئة من السكان وصل 7 في المئة فقط للخدمة في الوحدات التكنولوجية. ومن العشرية الخامسة التي تشكل 13 في المئة من السكان، 8 في المئة فقط يخدمون في الوحدات التكنولوجية. وهكذا أيضاً في العشرية الرابعة فإن 10 في المئة بين السكان مقابل 5 في المئة في الوحدات التكنولوجية، وكذا الثالثة والثانية. 

تتطابق هذه المعطيات مع ما كشفت عنه النقاب “يديعوت أحرونوت” قبل نحو سنة بالنسبة لوحدة 8200، وبموجبها فإن وجود الجنود من المدن القوية فيها مثل هوت هشارون، رمات هشارون، كفار سابا، رعنانا، هرتسيليا وموديعين، أعلى أحياناً بثلاثة أضعاف من معدلهم في باقي وحدات الجيش، بينما في بلدات المحيط مثل “إيلات“، و”نتيفوت” و“سديروت“ أدنى بنحو الثلث من معدلهم المتوسط في الجيش. 

الخدمة العسكرية هي اليوم المسبب للفجوات الاجتماعية الأكبر في إسرائيل: من يتسرح من الخدمة في وحدة تكنولوجية يفعل هذا مع بطاقة دخول لعالم التكنولوجيا العليا وللوظائف المنشودة للغاية، مع الشروط الأفضل، بينما الشبان الذين يتجندون للخدمة القتالية الخطيرة وكثيرة المتطلبات لا يحظون بذلك ويبدأون بفجوة هائلة حياتهم ما بعد التسرح من الجيش. 

برأي كل الجهات المختصة التي تعنى بهذا المجال – من شعبة القوى البشرية في الجيش، عبر المختصين في وحدة 8200 وانتهاء بوزارة الدفاع – فإن الحل موجود في مكان واحد: رفع مستوى التعليم في المحيط. وفي الأثناء نجد أن الذين يدخلون تحت الحمالة لإصلاح الوضع هم الجيش ووزارة الدفاع، رغم أنها مهمة وطنية من الدرجة الأولى. 

لقد كان لرئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو فرصة للاهتمام بالموضوع، بل وناشدوه لعمل ذلك، لكنه اختار ألا يفعله. ينبغي الأمل في ألا يفوت رئيس الوزراء الحالي نفتالي بينيت هذه الفرصة مرة أخرى، الذي هو نفسه جاء من عالم التكنولوجيا، وألا يبقي المهمة للجيش وحده. 

ثمة تركيز قد يساعد في الوصول إلى نتائج تؤدي إلى تقليص الفجوة، وهو تعزيز تعليم الرياضيات. تبين من فحص أجراه الجيش تناسب أعلى بين خريجي خمس وحدات تعليم رياضيات وبين علامات عالية في التصنيف العسكري، وبعد ذلك في القبول للوحدات التكنولوجية. ومع ذلك، ولغرض الإيضاح، فليست كل وحدة 8200 مثلاً هي تكنولوجية ويوجد فيها بالفعل جنود ليسوا من خريجي الفروع العملية. 

يقول ضابط كبير في شعبة القوى البشرية إن “بينيت شجع بصفته وزيراً للتعليم، تدريس الرياضيات وبدت النتائج واضحة في المعطيات حيث طرأ تحسن ما، غير أن هذا ليس كافياً، وهو مطالب كرئيس للوزراء بعمل المزيد مثلما هو مطلب من وزيرة التعليم يفعت شاشا بيتون“.  

ما الذي تفعله المنظومة العسكرية في هذه الأثناء؟ وفقاً لمعطيات الجيش، فإن نحو 17 في المئة فقط من الجنود في الوحدات التكنولوجية يأتون من المحيط – نحو نصف نصيبهم بين السكان. هذا معطى سيئ جداً. فقد حدد وزير الدفاع بني غانتس الذي تناول الموضوع هدفاً طموحاً للوصول إلى 30 في المئة من الجنود من المحيط في غضون ثلاث سنوات ممن يخدمون في الوحدات التكنولوجية، ويعمل رئيس الأركان أفيف كوخافي على المشروع مع شعبة القوى البشرية وسلاح الاستخبارات والتنصت. يجري رئيس الأركان بحثاً شهراً في حالة الوضع، وكلف رئيس شعبة القوى البشرية اللواء ينيف عاشور، بمهمة تحقيق نتائج من المصادر القائمة، وواضح أن الاتجاه إيجابي. 

إن خطة توسيع عدد الجنود من المحيط في الوحدات التكنولوجية تتضمن توفير مصادر مالية لدورات إثراء في المحيط تتجاوز ساعات التعليم الرسمية. إضافة إلى ذلك، بدأ الجيش بتكييف سياقات التصنيف والفرز مع إلغاء الاختبارات وتغييرها إلى جانب الوصول إلى الشبان في الشمال والجنوب لإجرائها بدلاً من مطالبتهم بعمل ذلك في المركز. فضلاً عن ذلك، يصل ضباط من الوحدات التكنولوجية إلى المدارس والمحيط كي يعثروا على متجندين محتملين ذوي معرفة ذات صلة ممن لم ينجحوا في الاختبارات، ولكنهم ذوو فرص لأن يقبلوا وينجحوا في الوحدات التكنولوجية ويعطونهم فرصة ثانية بعد دروس تعزيز. 

ولكن بعد كل أعمال الجيش المباركة هذه، فإن على الدولة أيضاً – وزارة التعليم والسلطات المحلية– أن تستيقظ كي تردم هذه الفجوات. هذه ليست من مهمة الجيش فقط، بل مهمة وطنية سيكون في نهايتها هنا مجتمع متساوٍ أكثر وستردم الفجوات الاقتصادية – الاجتماعية، لا أن تتسع فحسب مثلما يحصل في السنوات الأخيرة.