تشير مصادر فلسطينية مطلعة، إلى أن هناك “دولا وازنة”، تقف وراء ترتيبات عقد “اللقاءات السياسية”، بين مسؤولين فلسطينيين وآخرين إسرائيليين، وآخرها لقاء المسؤول الفلسطيني حسين الشيخ بوزير الخارجية يائير لابيد، ضمن المحاولات الرامية للبحث عن “أفق سياسي” قبل انعقاد جلسة المجلس المركزي القادم لمنظمة التحرير، المتوقع في حال بقي الجمود السياسي، أن يتجه صوب اتخاذ “قرارات مصيرية”، قد تشمل “التحلل” من الاتفاقيات الموقعة، فيما أثارت تلك اللقاءات حفيظة الفصائل الفلسطينية.
لقاءات بدعم دولي
وحسب المصادر فإن هناك “دولا وازنة” في مقدمتها الولايات المتحدة وأخرى أوروبية وعربية، دعت الفلسطينيين في الحوارات والاتصالات الأخيرة التي أجريت سواء برام الله أو في عواصم غربية، إلى الشروع بعقد لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين، في إطار العمل على تقريب وجهات النظر، وكسر الجمود السياسي الحاصل.
ورغم أن الجانب الفلسطيني، الذي قبل بتلك اللقاءات، وعقد أولها في مدينة رام الله، باستضافة الرئيس محمود عباس بمقر المقاطعة وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس، في شهر سبتمبر من العام الماضي، واللقاء الثاني بينهما في منزل الأخير نهايات الشهر الماضي، لم يكن راضيا عن نتائجها ذات الشأن “الحياتي والأمني”، كونها اقتصرت على وزير الجيش فقط، دون مستويات أخرى لها علاقة بالحل السياسي والاتفاقيات المعطلة، إلا أنه قبل الطرح، حتى يكون بذلك قد استنفد كل الخيارات المتداولة دوليا في الوقت الحالي، قبل انعقاد المجلس المركزي.
وتلا ذلك “التذمر” الفلسطيني من اقتصار اللقاءات على مسؤولين عسكريين، في وقت جرى الحديث عن تدخلات دولية، ضغطت على إسرائيل، من أجل الموافقة على بحث ملفات سياسية، وأن تكون الشخصية المشاركة في هذا الشأن، ذات اختصاص، ما نجم عنه مؤخرا اشتراك وزير الخارجية لابيد، وعقده اللقاء الأول مع مدير المخابرات الفلسطينية اللواء ماجد فرج، قبل أن يعقد لقاء ثان مساء الأحد مع رئيس هيئة الشؤون المدنية الوزير حسين الشيخ، المرشح عن حركة فتح حاليا لعضوية اللجنة التنفيذية.
وتحاول إسرائيل من وراء الدفع بلابيد، إعطاء إشارات على تغيير نمط التعامل مع الملف الفلسطيني، وتخفيف الضغط الدولي عليها، بعد أن كانت تلك اللقاءات توكل لوزير الجيش.
وقد كان لابيد يرفض سابقا فكرة اللقاء برئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، قبل أن يعدل عن ذلك، بعقده لقاءات مع أكثر المسؤولين قربا للرئيس عباس، وهما اللواء فرج والوزير الشيخ، كما عبر عن رأيه بأن حل الدولتين غير قابل للتطبيق.
لا تقدم
لكن رغم تلك اللقاءات ذات “الطابع السياسي” كما يسميها المسؤولون الفلسطينيون، إلا أنها لم تقدم حتى اللحظة شيئا ملموسا يمكن البناء عليه في هذا الوقت، بخصوص إمكانية استئناف العملية السلمية من جديد.
وتفيد المعلومات المتوفرة، أن الجانب الإسرائيلي لا يزال على مواقفه السابقة، التي ترفض فكرة إعطاء الفلسطينيين حقوقهم التي كفلها القانون الدولي والاتفاقيات الموقعة، ليسير بذلك على نهج الحكومات السابقة التي كان يقودها حزب “الليكود”، بل يتشدد في كثير من المواقف.
وفي اللقاءات الأخيرة، لم يعط الجانب الإسرائيلي، أي تعهدات بوقف النشاطات الاستيطانية، التي تؤثر على شكل الدولة الفلسطينية المنشودة، كما لم يغير موقفه حين طرح ملف القدس للنقاش، وهو أمر يؤكد استنتاجا فلسطينيا سابقا بأن تشكيلة حكومة تل أبيب الحالية، هي من تشجع المستوطنين على تصعيد اعتداءاتهم ضد المناطق الفلسطينية، في ظل وجود أحزاب يمينية تحاول الدفاع عن مشاركتها في حكومة تشارك فيها أحزاب يسارية وعربية.
وعلمت “القدس العربي” أن الجانب الفلسطيني، يطلع أولا بأول الدول المهتمة حاليا بالملف الفلسطيني، وفي مقدمتها الإدارة الأمريكية وعدد من الدول الأوروبية والعربية، على نتائج تلك الاجتماعات، ويواصل النقاش مع كل من مصر والأردن حول الرؤى المقدمة حاليا حول عملية السلام.
وذكرت تقارير عبرية، أن اللقاء بين الشيخ ولابيد، عقد بعلم رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، وكذلك وزير الجيش بيني غانتس.
لكن الشيخ أعلن بالتزامن عن الكشف عن ذلك اللقاء، أنه سيتم الإعلان عن 500 اسم لعائلات فلسطينية حصلت على الهويات الفلسطينية.
رفض حماس والجهاد
هذا وقد أغضب اللقاء الذي جمع الشيخ بلابيد حركة حماس، وقال الناطق باسم الحركة عبد اللطيف القانوع “إن لقاء الشيخ لابيد يعكس حالة السقوط الوطني الذي وصلت إليه السلطة”، وأضاف “استمرار هذه اللقاءات العبثية مع قادة الاحتلال هي خيانة لتضحيات شعبنا ويجب إنهاء هذه اللقاءات المشينة فوراً ووقف التعويل على الاحتلال وقادته المجرمين”.
وتعقيباً على اجتماع الشيخ مع لابيد، قال مسؤول المكتب الإعلامي لحركة الجهاد الإسلامي دَاوُدَ شهاب “هذه اللقاءات لها ثمن كبير يمس بجوهر قضيتنا وحقوقنا الوطنية، فهي تأتي في وقت تتصاعد فيه الحرب الصهيونية على الضفة والقدس وفلسطين الأرض المحتلة عام 48، وبالتالي فإن هذه اللقاءات تمثل غطاءً لمخططات الاحتلال وحربه التي تستهدف شعبنا وأرضنا ومقدساتنا”.
وأدان شهاب اللقاء، وحذر من خطورة استمرار السلطة في “نهج بناء علاقات شراكة أمنية واقتصادية وسياسية مع العدو”، ودعا القوى والشخصيات لـ “رفع صوتها في وجه هذا النهج”، كما حذر من “التساوق مع أي دعوات لتكريس هذا النهج ومنحه الغطاء”.