نشر رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، مئير بن شبات، مقالًا بصحيفة "إسرائيل هيوم" الإسرائيلية الناطقة بالإنجليزية، حرّض فيه على قانون "لم شمل العائلات الفلسطينية"، وربط بينه وبين المواجهات التي تندلع بين الفينة والأخرى في المجتمع العربي بالداخل الفلسطيني.
واستهل بن شبات مقاله، بالكشف عن اجتماع عمل شارك فيه قبل حوالي 20 عامًا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أريئيل شارون، ومدير وكالة الأمن الإسرائيلية في ذلك الوقت آفي ديختر، والسكرتير العسكري لشارون الميجر جنرال يوآف جالانت، حيث عُقد الاجتماع في قاعدة رابين بتل أبيب.
وأوضح بن شبات، أنه وآفي ديختر، شرحا لرئيس الوزراء شارون مشكلة تصاريح الإقامة التي تمنحها إسرائيل للفلسطينيين والمواطنين الأجانب في إطار طلبات لم الشمل، قائلًا: "لم نكن بحاجة إلى المبالغة في المخاطر. شارون اندهش من حجم الظاهرة واختتم حديثه بالقول: ’من المستحيل الاستمرار على هذا النحو‘ وقام بتوجيهنا إلى صياغة رد مشترك مع وزارتي الداخلية والقضاء"، حسب قوله.
وأضاف أنه "من المفترض أن يمنع قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل الذي تم إقراره كشرط مؤقت في عام 2003 بعض هذه المخاطر على الأمن القومي لإسرائيل من خلال الحد من إمكانية منح تصاريح الإقامة والجنسية للفلسطينيين في إسرائيل عن طريق لم شمل الأسرة".
"ويمكن رؤية هذه الظاهرة بوضوح في العمليات الأمنية التي حدثت خلال الانتفاضة الثانية واستمرت لعدة سنوات. أولئك الذين لديهم تصاريح إقامة أو جنسية لم شمل عائلات، تورطوا في هجمات بمعدل أعلى بكثير مقارنة بالسكان العرب"، وفق بن شبات.
وأشار إلى أن الأمر ذاته ينسحب على وضع البدو في النقب، حيث تورط أولئك الذين حصلوا على تصاريح الإقامة أو الجنسية في إطار لم شمل الأسرة (أو أفراد من الجيل الثاني) في عمليات أمنية كبرى وقعت في السنوات الأخيرة في الجنوب، تمثلت في قتل الجندي الإسرائيلي رون كوكيا في نوفمبر 2017، وفي هجوم إطلاق النار في تشرين الأول/ أكتوبر 2015 على محطة الباصات المركزية في بئر السبع والذي قُتل فيه الجندي عمري ليفي، وخطة هجوم كبير على قاعة مناسبات في بئر السبع عام 2016، تم الكشف عنها وإحباطها مسبقًا".
وجاء في مقال بن شبات، أنه بحسب قضاة المحكمة العليا الذين رفضوا الالتماسات ضد القانون، فإن انتهاك الحقوق الدستورية في إسرائيل يعتبر أمرًا نسبيًا، حيث كتب القاضي آشر جرونيس في حكمه: "حقوق الإنسان ليست وصفة للانتحار القومي". وأوضح القاضيان الياكيم روبنشتاين ومريم ناؤور اللذان اتفقا معه، أن الحق في الحياة الأُسرية هو حق دستوري، لكن لا يجب بالضرورة أن يتم الوفاء به ضمن حدود الدولة.
ولفت المسؤول الإسرائيلي، إلى اتساع الثغرات التي تم من خلالها فحص طلبات الإقامة على مدار عدة سنوات، "حيث تم تضييق القيود على الرجال الذين تقل أعمارهم عن 35 عامًا والنساء دون سن 25 عامًا، كما وجد الانخفاض المُرحّب به للإرهاب المؤسسي والتغيير الذي طرأ على خصائصه تعبيرًا عن الأعداد المطلقة للحالات التي تورط فيها حاملو تصاريح الإقامة أو الجنسية. لم يتلاشى الخوف من التورط في الإرهاب، لكن المؤشر الإحصائي ووزن هذا الادعاء شهد حالة من التراجع".
ومع ذلك، فإن التأثير الواسع لمنح تصاريح الإقامة ولم شمل الأسر لم يتراجع.لا يتعلق الأمر فقط بالتأثير الديموغرافي في ضوء تعريف إسرائيل كدولة يهودية، ولا المسار الذي تم إنشاؤه للإدراك العملي لـ "حق العودة"، ولكن تأثيره العميق على أنماط التمرد والصراع من قبل عناصر في الجمهور العربي تجاه سلطات الدولة أو المجتمع اليهودي؛ وفق بن شبات.
وفي إطار التحريض على قانون لم الشمل، تابع بن شبات، قائلًا: إنه "لا يخفى على أحد أن الكثيرين ممن حصلوا على تصاريح إقامة أو جنسية لم شمل عائلات هم على اتصال وثيق بمناطقهم الأصلية في أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة. حياتهم في إسرائيل لم تمحو تقاربهم مع هذه المناطق، حيث ما زال هؤلاء على تواصل مع ما يحدث هناك ويشاركون عاطفيًا ويتأثرون بها ولديهم أيضًا تأثير على محيطهم الحالي، للأسف"، وفق تعبيره.
وقال: إن "أولئك الذين ما زالوا يعيشون هنا بسبب لم شمل الأسرة ليسوا وحدهم من يحمل هذه المشاعر. الفلسطينيون المقيمون في إسرائيل والذين يعملون بشكل غير قانوني ويعيشون أحياناً في مجتمعات عربية أو مدن مختلطة يشجعون جو المواجهة ويشجعون التطرف. حيث أدى اتساع العلاقات التجارية والتوظيفية بين إسرائيل والضفة الغربية والفجوات في خط التماس إلى زيادة كبيرة في أعدادهم".
وأكد أنه "لا يمكن عزو التطرف الذي ميز الاشتباكات التي وقعت طوال العام الماضي إلى هذا فقط. إن مستوى تأثير هاتين المجموعتين السكانيتين على مستوى حدة الاشتباكات موضوع يحتاج إلى دراسة عن كثب. سيكون من المثير للاهتمام تقييم العلاقة بين مستوى العنف ومعدل أولئك الذين لديهم تصاريح إقامة لم الشمل والأشخاص غير القانونيين في المناطق التي حدث فيها الاضطراب".
"حتى لو لم يكن هذا هو السبب الرئيسي لهذه المشكلة، فمن المهم أن تأخذ في الاعتبار الآثار المترتبة على لم شمل الأسرة للمقيمين أوالمواطنين. تحتاج ظاهرة الفلسطينيين غير الشرعيين أيضًا إلى التعامل معها بشكل حصري، ولكن في إطار آخر"؛ أضاف بن شبات.
وختم رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق مئير بن شبات، مقاله بإبداء تأييده لقانون المواطنة وانعكاسه على أمن إسرائيل، قائلًا: إن "قانون المواطنة الذي سيحد من منح تصاريح الإقامة وفقًا للغرض الأصلي للحكم المؤقت، هو فرصة للتوقف أو على الأقل للحد من هذه العملية. إن قانونًا كهذا لن يخدم المصالح الوطنية لإسرائيل فحسب، بل أيضًا تطلعات العديد من مواطنيها العرب الذين أزعجهم التطرف في وسطهم ويعانون من تداعياته المدمرة على صورتهم واقتصادهم ومجتمعهم ونسيج العلاقات التي أقيمت بينهم وبين المجتمع اليهودي وسلطات الدولة والذين يتوقون إلى شراكة إيجابية ومستقرة"، حسب وجهة نظره.