يخشى المواطنون العرب في منطقة النقب، على ما تبقى لهم من أراضٍ، بعد الاعتداءات الأخيرة من قبل الصندوق القومي اليهودي.
ويشهد النقب احتجاجات من السكان، قد يكون لها عواقب على مستقبل الحكومة الإسرائيلية، بعد احتجاج القائمة العربية الموحدة، الداعمة للحكومة، على تجريف الصندوق القومي اليهودي أراض بالنقب، وزراعتها توطئة لمصادرتها.
وذكر جُمعة الزبارقة، مُركّز لجنة التوجيه العليا للعرب في النقب، أن إسرائيل تستهدف 6 قرى، أراضيها صالحة للزراعة.
وقال الزبارقة: “الناس موجودون في أراضيهم وبيوتهم، ولكنهم (الصندوق القومي اليهودي) يحرثون الأراضي في محيط القرى والبيوت، وهذا غير مقبول لدينا، لأن المجال الوحيد للتطور، هو في هذه المنطقة”.
وتابع الزبارقة: “بالتالي فإن صراعنا هو على الحيّز (الأراضي)، وهذا ليس بجديد، ولكن في الآونة الأخيرة، زادت الاعتداءات بشكل جذري”.
والصندوق القومي اليهودي، هو منظمة غير ربحية، تنشط في جمع الأموال من اليهود في العالم، بغرض وضع اليد على الأملاك الفلسطينية.
وأشار الزبارقة إلى أن الطواقم الإسرائيلية استأنفت، الأربعاء، أعمال تجريف الأراضي وزراعتها بالأشجار، رغم احتجاجات السكان.
وقال: “بالأمس (الثلاثاء) تم اعتقال 21 شابا، وتم اعتقال 9 اليوم (الأربعاء) وقد جرى تمديد اعتقالهم لعدة أيام رغم تقديم استئناف على اعتقالهم”.
وأشار الزبارقة إلى أن قوات الشرطة الإسرائيلية، تقتحم القرى العربية بالنقب، وتعتدي على المواطنين المحتجين على عمليات التجريف.
بدورها، قالت الشرطة الإسرائيلية مساء الثلاثاء: “أُصيب شرطيان بجروح طفيفة ويتم علاجهما”.
وأضافت: “يستمر نشاط الشرطة في مكان الحادث، مع عدم التسامح مطلقا مع مثيري الشغب” بحسب زعمها.
وفجّرت الأحداث خلافات في داخل الحكومة الإسرائيلية، ليس من الواضح إذا ما كانت ستؤثر على مستقبل بقائها.
فقد قال وزير البناء والاسكان الإسرائيلي زئيف إلكين لهيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، إن “هذه الأعمال ستستمر”.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء: “من المقرر أن تستمر أعمال تجريف وغرس الأشجار في النقب مدة عام”.
في المقابل، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن وزير الخارجية يائير لابيد دعوته إلى “الامتناع عن غرس الأشجار وإجراء تقييم للوضع للحيلولة دون المساس بأرزاق السكان البدو في المنطقة”.
وكانت القائمة العربية الموحدة، التي يرأسها النائب منصور عباس، قد أعلنت أنها ستقاطع ابتداء من مساء الثلاثاء، التصويت في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) إلى حين وقف أعمال التجريف.
ومن شأن هذا القرار أن يؤثر على مشاريع القوانين التي تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى تمريرها في الكنيست.
وقال النائب في القائمة العربية الموحدة، مازن غنايم في تدوينة على “فيسبوك”، الأربعاء: “أنا مازن غنايم، ابن مدينة سخنين وابن الوسط العربي، أعلنها من هنا من صفحتي الرسمية ومن كل منبر، من اليوم من هذه الساعة، أنا ضد هذه الحكومة حتى تتراجع عن كل أعمال التجريف في النقب”.
وأضاف: “لا يُعقل أن نعطيهم حكومة، وهم يستكثرون علينا العيش بكرامة على أرضنا. النقب بيتي، النقب أهلي، والنقب خط أحمر”.
وتستند الحكومة الحالية، وهي ائتلاف هش من قوى غير متجانسة فكريا وعرقيا، في بقائها على أصوات القائمة العربية الموحدة التي تمتلك 4 مقاعد في الكنيست.
وكان رئيس المعارضة الإسرائيلية وزعيم حزب “الليكود” اليميني بنيامين نتنياهو، قد قال في تغريدة على تويتر: “ما من أحد باستطاعته وقف زراعة الأشجار في أرض إسرائيل”.
ويقول الزبارقة إن الصندوق القومي اليهودي، يحاول مصادرة ما تبقى من أراض عربية في النقب، بذريعة زراعتها بالأشجار.
ويضيف: “ما يعتبرونه أرضا فارغة، هي في الحقيقة أملاك الناس، يعتدون عليها من منطلق أن ما هو لي هو لي، وما هو لك هو أيضا لي، وهذا هو تلخيص الفكر الصهيوني؛ والصندوق القومي اليهودي يجمع الأموال من حول العالم من أجل الاستيلاء على الأراضي”.
وأضاف: “قضية زراعة الشجر وخلع البشر، هي عبارة عن فكر توسعي وتضييق على الناس، هم يريدون أن يبقونا في قرى معزولة لا مجال لتطورها المستقبلي ولا مجال للعيش الكريم أو الزراعة أو تربية المواشي فيها”.
وتابع الزبارقة: “الناس هنا تعيش على تربية المواشي بشكل أساسي، وهذا يتلاشى شيئا فشيئا، بسبب الاستيلاء على الحيّز.. أي على الأرض”.
ولفت الزبارقة إلى أن الصراع في النقب، بات على 5 في المئة من الأرض فقط، بعد أن سيطرت إسرائيل على 95 في المئة من أراضيه.
وقال: “نحن نتحدث عن أقل من 5 في المئة من أراضي النقب، كل عرب النقب يعيشون على أقل من 5 في المئة من أراضيه، في حين أن دولة إسرائيل والمستوطنين معهم 95 في المئة من الأرض”.
وأضاف: “إن العرب البالغ عددهم 300 ألف، يُشكلون 32 في المئة من سكان النقب يعيشون على 5 في المئة من الأرض، وكل الملاحقات التي تراها وتسمع عنها من هدم وتجريف هي على الـ5 في المئة”.
وتابع الزبارقة: “نحن نتحدث عن ثلث عدد السكان، يعيشون على 5 في المئة من الأرض وهم يلاحقونا على هذه الأرض”.
وحول توقعاته حيال إمكانية نجاح القائمة العربية الموحدة في وقف عمليات التجريف، أجاب الزبارقة: “لا نعوّل على الوزراء، وإنما نعوّل على صمود شعبنا الذي يصمد منذ النكبة على مدار 73 عاما، على هذه الأرض”.
وأضاف خاتما حديثه: “لا خيار لنا في هذه المعركة إلا الانتصار”.
وتبلغ مساحة منطقة النقب نحو 14 ألف كيلو متر مربع، ويغلب عليها الطابع الصحراوي، وتقطنها تاريخيا، عشائر عربية ترتبط اجتماعيا بقبائل سيناء وشبه الجزيرة العربية، والأردن.