7 دقائق في البحر الأحمر.. هكذا تروي إسرائيل سيطرتها على سفينة “كارين إيه”

الثلاثاء 04 يناير 2022 04:05 م / بتوقيت القدس +2GMT
7 دقائق في البحر الأحمر.. هكذا تروي إسرائيل سيطرتها على سفينة “كارين إيه”



القدس المحتلة /سما/

إسرائيل اليوم - بقلم: حنن غرينوود                  "“فتش المقاتلون كارين ايه ولم يجدوا شيئاً”، ­ تلك ذكرى يستعيدها العميد احتياط يوسي كوبرفاسر، رئيس دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” في 2002، الذي كان في غرفة العمليات الطائرة فوق سفينة السلاح في البحر الأحمر.

“سأل موفاز ماذا يحصل، فأجابه تشيني أنهم وجدوا سكين أرز. نظر إلى الوراء، إليّ، وقال: يا كوبرفاسر، ستعود إلى تل أبيب عبر نافذة الطائرة. قلت له فيواصلوا التفتيش. وعندها، سألوا الكابتن: أين السلاح، فأجاب: لمَ لمْ تسألوا؟ وأراهم. صخرة أزيحت عن قلبي”.

قبل عشرين سنة بالضبط، خرجت عملية إلى حيز التنفيذ تكاد تكون غير مسبوقة تسمى “سفينة نوح”. وفي إطارها، سيطر مقاتلو الوحدة البحرية 13 على سفينة سلاح فلسطينية. كانت الأيام أيام الانتفاضة الثانية، وكان دم الإسرائيليين يسفك كالمياه. في آذار 2002، بعد شهرين من القبض على “كارين ايه” قتل 81 إسرائيلياً في 11 عملية انتحارية. ونشبت في نهاية ذاك الشهر حملة “السور الواقي”.        

السلطة الفلسطينية التي كانت قد عرَضت نفسها كمحبة للسلام قبل بضع سنوات من ذلك، فعلت في تلك الفترة كل ما في وسعها كي تشجع مزيداً من العمليات، واشترت لهذا الغرض سفينة وحملتها بأسلحة إيرانية، لو كانت وصلت إلى المنطقة لغيرت وجه الصورة.  

“فهمنا أن عرفات يبحث عن مصادر سلاح لأجهزة الأمن الفلسطينية وللتنظيم”، يروي رئيس الأركان في حينه شاؤول موفاز. “بعد بضعة أشهر من القبض على سفينة سلاح أخرى، سانتوريني، بدأت الأنباء الأولى تصل إلى شعبة الاستخبارات عن “كارين ايه” في آب 2001م، عندها أدركت أنه يجب فتح العين على البحر الأحمر”.

حُملت السفينة في جزيرة كيش الواقعة في خليج عُمان بخمسين طناً من الوسائل القتالية وانطلقت باتجاه مصر. ومن هناك خطط المخربون بتهريب الوسائل القتالية الخطيرة عبر حاويات إلى قطاع غزة. شخّص الجيش الإسرائيلي خروج السفينة، فقرر الخروج في عملية استثنائية في حجمها.

       نافذة زمنية لساعة

على الجانب العملياتي، ائتمن مقاتلو الوحدة البحرية 13 الذين تدربوا قبل ذلك على الهبوط من المروحيات بالحبال، ولم تكن هذه القدرة متوفرة لدى الجيش الإسرائيلي في حينه، للسيطرة على السفينة بواسطة قوارب سريعة. كان إلى جانبهم أيضاً سفن صواريخ وغيرها من السفن في قلب البحر. وعملت مروحيات قتالية وطائرات قتالية في الجو، وكذا طائرات استخبارات. وبسبب الطبيعة الدراماتيكية والمعقدة للعملية، قاد عملية السيطرة رئيس الأركان موفاز بنفسه، إلى جانب قادة سلاح الجو وسلاح البحرية وشعبة الاستخبارات، من طائرة قيادة خاصة. “كنا ملزمين بأخذ القرارات في الميدان، يروي موفاز. 500 كيلومتر عن شواطئ إيلات، مع قوة هائلة بحجمها وفي نافذة زمنية لساعة فقط من هدوء العاصفة، وصل المقاتلون مع أدواتهم الكثيرة إلى “كارين ايه”.

“في تلك الفترة، كانت هناك عمليات كبيرة في إطار الانتفاضة الثانية، لكن لا شك بأن هذه كانت مهمة استثنائية”، يروي د. أليكس دان، مدير عام وزارة الاستخبارات اليوم، وفي حينه قائد سرب مروحيات هينشوف (بلاك هوك) التي أنزلت مقاتلي الوحدة البحرية إلى السفينة. سبع دقائق فقط استغرقت السيطرة على السفينة، لكن لم ينجح المقاتلون في البداية في إيجاد السلاح المخبأ. وبعد أن قاد الكابتن القوة إلى الحاويات، اكتشف الكنز الهائل. 50 طناً من السلاح الذي كان معداً لاستخدام المخربين في قطاع غزة، بما في ذلك آلاف الصواريخ وقاذفات الهاون، وصواريخ آرب.بي.جي، ومئات البنادق الرشاشة والبنادق القناصة.

       معنى استراتيجي

يشير موفاز إلى أنه، مع كل الاحترام للصواريخ، كان التخوف من المواد المتفجرة: “كان في السفينة 2.2 طن من C4، التي كانت تكفي لأكثر من 450 عملية انتحارية. كان هذا سيلحق بنا ضرراً مجنوناً، أكثر بكثير من كل كاتيوشا”.

كان المعنى الاستراتيجي للعملية حرجاً بقدر لا يقل عن النجاح الأمني. في ذاك الوقت، وجدت الحكومة والجيش صعوبة في إقناع الأمريكيين بالحاجة إلى الخروج لحملة عسكرية لاحتلال مناطق السلطة الفلسطينية والقضاء على الإرهاب، كون الأمريكيين كانوا مقتنعين بأن عرفات شريك حقيقي وليس مخرباً متخفياً. عندما وصل موفاز إلى الولايات المتحدة حاملاً التوثيق الذي أثبت بأن عرفات هو الذي أرسل السفينة، أدى الأمر إلى تغيير الاتجاه الذي أعطى إسرائيل في نهاية الأمر شرعية للخروج إلى حملة “السور الواقي”.

في مرآة الزمن، يقول د. أليكس دان، مدير عام وزارة الاستخبارات اليوم، إن العملية ساعدت الجيش الإسرائيلي مثل كثيرين آخرين، في قطع شوط طويل، الأمر الذي يقوم به اليوم أيضاً. في المعركة التي بين المعارك. “يتعلم الجيش الإسرائيلي على الدوام، وكل عمليات كهذه مهمة. معرفة الماضي أمر مهم للتخطيط للمستقبل. الشجاعة السياسية التي كانت في العملية ها هي تطبق اليوم أيضاً.