الجيش الإسرائيلي: مستعدون لخيار عسكري ضد إيران ومشكلتنا كيف نبدأ

الخميس 09 ديسمبر 2021 08:04 م / بتوقيت القدس +2GMT
الجيش الإسرائيلي: مستعدون لخيار عسكري ضد إيران ومشكلتنا كيف نبدأ



القدس المحتلة / سما /

هآرتس - بقلم: ينيف كوفوفيتش                   "رغم الخلافات التي ثارت أثناء المحادثات النووية بين الدول العظمى وإيران، إلا أن إسرائيل تستعد لسيناريو “اتفاق سيئ”، وتسرّع استعداداتها لخيار عسكري يمنع طهران من التوصل إلى السلاح النووي. وهذه الاستعدادات تشمل توسيع بنك الأهداف وزيادة وتيرة التدريب وشراء معدات متطورة. مع ذلك، يدرك جهاز الأمن أن الأمر سيستغرق سنوات قبل أن تصبح هذه الاحتمالية واقعية.

إضافة إلى ذلك، المختصون الذين ينشغلون بالاستعداد لعملية عسكرية ضد إيران يعتقدون أن سيناريو مهاجمة إسرائيل لجميع المنشآت ذات الصلة بالمشروع النووي، يمكن للإيرانيين استعادة المعرفة والقدرات في مرحلة معينة. لذلك، في المنظومة الأمنية شرحوا للمستوى السياسي بأن أي عملية عسكرية يجب ألا تنفذ إلا إذا أدت إلى عدم استطاعة إيران استعادة برنامجها النووي، أو كما حدد ذلك مصدر أمني مؤخرًا: “هذا يجب أن يكون مثل السهم في قلب المشروع”.

حسب تقدير الجهات الاستخبارية في إسرائيل، قامت إيران بقفزة نحو درجة أعلى في كل ما يتعلق بقدراتها للوصول إلى مستوى تخصيب لليورانيوم 90 في المئة، الذي يمكن من إنتاج السلاح النووي (أعلنت طهران أنهم وصولها إلى مستوى 60 في المئة). في السيناريو الذي تصل فيه إيران إلى هذا المستوى، فثمة تقدير بأنها تستطيع إنتاج كمية تكفي لقنبلة واحدة خلال شهر ونصف تقريباً. ولكن هيئات الاستخبارات في هذا السيناريو، تعتقد أن إيران تحتاج إلى سنتين لتطور سلاحاً نووياً قابلاً للاستخدام.

الاستعداد لعملية عسكرية لم يبدأ مؤخراً. وعملياً، خطط جهاز الأمن لها بهذه الصورة أو تلك في العشرين سنة الأخيرة. مع ذلك، وسع الجيش الإسرائيلي وهيئات الاستخبارات في السنتين الأخيرتين بنك الأهداف في كل ما يتعلق بالمشروع النووي الإيراني. “هذه أداة استراتيجية تم نقلها إلى متخذي القرارات، وستكون على طاولة هيئة الأركان العامة في يوم اتخاذ القرار”، قال مصدر أمني. وقال مصدر أمني رفيع آخر: “للجيش الإسرائيلي قدرة عسكرية لضرب المنشآت النووية في إيران، لكن علينا تعزيزها وتطويرها كي تصل إلى دوائر أبعد”.

تصريح آخر وصل في هذا الأسبوع من جهة رئيس الأركان، أفيف كوخافي، الذي قال في احتفال بمناسبة استكمال العائق حول القطاع: “نقوم بتطوير الدفاع في كل القطاعات، لكننا نتذكر بأن الحسم يتحقق بالهجوم. نعزز بشكل بارز وباستمرار، وبصورة خاصة تجاه إيران، في السنة الأخيرة”. وقال جهاز الأمن إن شيئاً ما كامن خلف هذا التصريح.

على خلفية ذلك، أعد الجيش برنامج تدريبات وبناء قوة للسنة القادمة. مع التأكيد على “الدائرة الثالثة”، وهي إيران ومشروعها النووي. زيادة المنشآت والمسافة التي يجب اجتيازها للقيام بعملية عسكرية والعمق الذي توجد فيه منشآت تخصيب اليورانيوم والحماية حولها، كل ذلك يعرفه جهاز الأمن منذ سنوات. ولكن ازدادت مؤخراً وتيرة الاستعدادات. هذا الأمر واكبه أيضاً تعزيز منظومات الجيش الإسرائيلي. ففي السنوات الأخيرة، استثمرت إسرائيل أموالاً باهظة في جهاز الاستخبارات والسايبر وتطوير سلاح الجو، الذي يتوقع أن يقف في جبهة التحدي العسكري.

والأجهزة الأخرى تم تعزيزها، ويدرك جهاز الأمن أنه سيتم تضمين كل أذرع الجيش الإسرائيلي والهيئات الأخرى في عملية عسكرية. هذه العملية، وفق تقدير إسرائيلي، ستقتضي استعداداً في البحر والجو والبر. وتدرك إسرائيل بأن عملية عسكرية يتوقع أن يترتب عليها رد في عدة جبهات من جانب المنظمات المتماهية مع إيران والتي تعمل في أرجاء الشرق الأوسط. طبقاً لذلك، يعتقد الجيش الإسرائيلي أن قوة القتال مع “حزب الله” وحماس ستكون مختلفة عما اعتدنا عليه في المواجهات في السنة الأخيرة.

شرعية دولية

في إطار الاستعدادات، بلور سلاح الجو منظومة تدريبات تشمل مناطق عمليات بعيدة مثل إيطاليا وبريطانيا واليونان. هذا من أجل تطوير قدرات انطلاق من عدة مناطق وليس من إسرائيل فقط. التعاون الدولي مع سلاح الجو له أهمية حتى في خلق شرعية لعملية عسكرية. ولسلاح الجو تعاون مع دول كثيرة في مناورات، لكن ذلك لا يدل بالضرورة على تعاون عملياتي. وثمة تقدير بأن هذا الأمر يزيد شرعية إسرائيل في العمل. ومن أجل الاستعداد لعملية، فإن سلاح الجو اشترى وسائل قتالية متطورة في السنة الأخيرة، منها قنابل ورؤوس حربية خاصة، التي يمكنها مواجهة الصعوبات الموجودة في مهاجمة المنشآت النووية.

مثلما في سلاح الجو، يدرك الجيش الإسرائيلي أنه سيضطر لاستخدام سلاح البحرية في سيناريو عملية عسكرية. في الشهر الماضي، على خلفية استعراض القوة التي حاولت إيران عرضها عن طريق مناورة بحرية واسعة في خليج عُمان، أجرى سلاح البحرية مناورة بحرية في البحر الأحمر. استمرت المناورة بضعة أيام، وشارك فيها الأسطول الخامس الأمريكي وسلاح البحرية للبحرين وسلاح البحرية للإمارات. والجيش الإسرائيلي يدرك أهمية هذا التعاون. ولذلك، اشترى سلاح البحرية أسلحة متطورة كثيرة، بعضها طور في إسرائيل. وهذه تمكن الجيش من استخدام قدرات جديدة على المدى البعيد.

ولتقديرات تفيد بأن أي عملية ضد إيران قد تؤدي إلى مواجهة مع “حزب الله” في الشمال، أعلن كوخافي بأنه سيتم التأكيد على تدريبات سلاح البر والاحتياط بشكل خاص في السنة القادمة. وعلى خلفية ذلك، تم تخصيص مليار شيكل تقريباً لصالح الاستعداد للقتال في الشمال، وتم تحويل مئات الملايين لشراء معدات قتالية لسلاح البر. كما سيجري الجيش الإسرائيلي 15 مناورة لوائية تقريباً في 2022، وضعفاً أو أكثر من تدريبات الاحتياط.

“ما زالت الطريق طويلة”

في الشهر الماضي، زار كوخافي “يفنئيل” في الجليل السفلي ليتابع بنفسه مناورة إجمالية للوحدة متعددة الأبعاد “رفائيم”، التي تم تشكيلها في ولايته، ويمكنها أن تشكل جسماً رئيسياً في القتال في حال حدوث مواجهة في الشمال. في المناورة تم فحص طرق ووسائل قتالية متطورة، يمكن دمجها بشكل واسع مستقبلاً في الجيش الإسرائيلي، وبمشاركة سلاح الجو وقسم الاستخبارات وقسم التنصت والأسلحة البرية الأخرى. في المناورة تم دمج مئات جنود الاحتياط الذين تم استدعاؤهم لفحص أهلية الجيش للمواجهة مع “حزب الله”.

أراد كوخافي أن يفحص كل مرحلة في المناورة، وأدرك في نهايتها القادة أن الطريق ما زالت طويلة، وأنه يجب اجتيازها. “نحن هنا لنعرف القدرات، ونرى كيفية استخدامها بصورة صحيحة”، قال ضابط كبير. “كل قائد كتيبة وقائد فصيل يرى هذه القدرات فعليه أن يعرف بأنه إذا وجب علينا القتال في الوقت القريب فلديه ما يكفي من الوسائل والقدرات، حتى بدون القدرات التي تم تطويرها في وحدة “رفائيم”.

يعتقد بعض في جهاز الأمن بأن ما زالت هناك درجة من عدم اليقين رغم كل برامج الجيش وتدريباته. “نملك الآن قدرات جيدة لمهاجمة المشروع النووي الإيراني”، قال مصدر أمني سابق مطلع على تفاصيل التدريبات. “المشكلة هي كيف سنذهب إلى الحرب إذا فرضت علينا في أعقاب الهجوم. نحن في مواجهة مكشوفة أمام إيران بقوة منخفضة. المعنى هو أنه يجب علينا الإدراك وتحديد الانتقال إلى وضع الحرب. وليس مؤكداً أن هذا واضح لجميع الجهات ذات الصلة”.