لم تتوقف الأوساط السياسية والأمنية والعسكرية الإسرائيلية عن الترحيب بالاتفاق الموقع مع المغرب، ليشمل قضايا غير مسبوقة مع أي دولة عربية، وتحديدا في المسائل التسلحية والعملياتية، لما لها من دور كبير في عثور الاحتلال على موطئ قدم في هذه المنطقة الحساسة من شمال أفريقيا.
وإضافة لما أعلنه وزير الحرب بيني غانتس خلال زيارته للرباط عن تأثير هذا الاتفاق على صعيد تعاون الجانبين في مجالات التدريب العسكري، ومحاربة الأعداء "المشتركين" على عدة جبهات، ودوره في إيجاد تحالف استراتيجي بينهما، فقد أكد متحدثون آخرون أنهم أمام حدث غير مسبوق، وإحدى النتائج الطبيعية لاتفاقات التطبيع الإبراهيمية، بزعم أن إسرائيل أمام حدث مثير له تداعيات طويلة المدى على مصالحها في المنطقة.
داني سيترينوفيتس، رئيس شعبة إيران السابق في جهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، والباحث بمعهد السياسة والاستراتيجية، قال في حوار مع صحيفة معاريف إن "الاتفاق مع المغرب يمنح إسرائيل مصلحة في توسيع تعاونها في هذه المنطقة من الجانب الأمني، ما سيسمح بتقوية شراكاتها الإقليمية ضمن الاتفاقات الإبراهيمية، وتعمل على تعزيز ارتباطها في المنطقة، وبناء علاقة طويلة الأمد معها، ستكون حجر الزاوية لأمن إسرائيل".
وأضاف في الحوار أن "إسرائيل لا تبني أمنها بالاعتماد على أي دولة أخرى، لكن أي تحالف يساعدها في تبادل المعرفة والقدرات، وبناء علاقاتنا في المنطقة، وطالما أن علاقاتنا والمغرب مع الولايات المتحدة قوية، فهذا يساهم في حفظ أمن الدولتين، خاصة بالنظر للتهديد الإيراني، حتى لو لم يكن في قلب المحادثات، لكن الترحيب الحار الذي استقبل به الوفد الإسرائيلي في الرباط، والاحتفالات والإيماءات الرمزية تخبر الكثير عن علاقاتنا الثنائية".
لم يربط الإسرائيليون بين اتفاقهم العسكري الأمني مع المغرب وبين التحدي الذي تمثله إيران بصورة عشوائية، بزعم أنها تعمل على إرسال المزيد والمزيد من الأسلحة إلى مناطق الصراع، بعضها في المناطق المحيطة بإسرائيل بصورة مباشرة، وبعضها الآخر في المناطق المحيطة بالمغرب، ما قد يعطي مشروعية لتشكيل المزيد والمزيد من التحالفات الإسرائيلية في العالم العربي، لمواجهة عدو مشترك متمثل بإيران.
أكثر من ذلك، فإن بعض القراءات الإسرائيلية تضع العلاقات مع المغرب في مكانة أعلى من دول الخليج، رغم اتفاقيات التعاون والاقتصاد معها، ربما لأن المغرب اختار في خطوة غير مسبوقة وضع العلاقات مع إسرائيل في المقدمة، والتلويح بها أمام الخصوم والأعداء، مقارنة بسنوات طويلة من العلاقات السرية، على اعتبار أنه يعيش في وضع معقد للغاية من الناحية السياسية والأمنية.
في الوقت ذاته، فإن استياء المغرب من إيران، التي ترتبط بعلاقات قوية مع الجزائر، وتدعم جبهة البوليساريو في الصحراء الغربية، يوفر لإسرائيل والمغرب مصالح أمنية مشتركة، حيث تراقب إسرائيل عمليات حزب الله وإيران في القارة الأفريقية، وهذا مجال اهتمام المؤسسة العسكرية، التي تزعم أن لإسرائيل مصلحة واضحة في تأمين المغرب في معسكر الدول المعارضة لإيران، وخلق نوع من القاعدة الأمامية في أفريقيا ضد الوجود الإيراني في الجزائر.
ضمن تفسيرات إسرائيل لمسارعة المغرب لتطبيع علاقاته معها، أمنيا وعسكريا، على أنها لمواجهة تحدياته الأمنية الكبيرة في الأسابيع الأخيرة، لاسيما العلاقات المتدهورة مع الجزائر، وجبهة البوليساريو التي تدعمها، ما قد يؤدي لحرب حقيقية بينهما، وبالتالي يمكن لإسرائيل تقديم المساعدة العسكرية للرباط بموجب الاتفاقية الأمنية المشتركة، بما فيها الدعم الاستخباراتي والأمني لتحسين قدراته العسكرية بمواجهة التهديدات، وتضييق نفوذ إيران في أفريقيا وأماكن أخرى.
يستخلص الإسرائيليون أن الاتفاق مع المغرب أكثر بكثير من مجرد فتح باب للصناعات العسكرية الإسرائيلية، وإذا أضيف لذلك توطيد العلاقات مع دول الخليج، والعلاقات الأمنية الممتازة مع مصر والأردن، فإن ذلك قد يسبب انزعاجا ليس قليلا لإيران من التحالف شبه الإقليمي الذي يتشكل أمامها في الشرق الأوسط ومناطق أخرى في أفريقيا، ويترك تحالفاته على المستويين السياسي والدبلوماسي، وإمكانية تأثيرها في المجال الأمني داخل تلك المناطق النائية.
عربي 21