قال الخبير العسكري الاسرائيلي يوآف ليمور أن "فرقة الضفة الغربية في الجيش أنهت تدريباتها السنوية الأسبوع الماضي، وكما هو الحال دائما، فقد كانت السيناريوهات التي تم التدرب عليها متطرفة، سواء المرور بحالة طوارئ تتطلب استيلاء سريعا على الضفة الغربية، إلى التعامل مع هجمات اختطاف معقدة، وعلى عكس التدريبات السابقة، فقد أعرب المشاركون في التدريب هذه المرة عن أسفهم للشعور بأن بعض الأشياء التي تم محاكاتها قد تحدث في الواقع".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" أنه "لا يوجد مؤشر على شيء محدد قد تشهده الضفة الغربية، لكن إذا كان الأمر كذلك فعلا، فسوف يكون محبطا، رغم أن مزيجا من مجموعة متنوعة من المؤشرات، ونظرة رصينة للمستقبل، تظهر أن المنطقة تواجه التغيير، وليس بالضرورة للأفضل، ناقلا عن قائد الفرقة المنتهية ولايته العميد يانيف آلوف، أننا "على أعتاب عهد جديد تتم كتابة مقدمته هذه الأيام".
يرتبط هذا التقدير المتشائم بالحدث الدراماتيكي من وجهة النظر الإسرائيلية، والمتمثل بالخسارة المستمرة لحكم السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، لا سيما ازدياد الجرائم، بما في ذلك تجارة المخدرات والسلاح، وانخفاض في عدد الاعتقالات لأعضاء حماس من قبل أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، والنتيجة أن العناصر المعادية على الأرض باتت ترفع رؤوسها في الضفة الغربية.
ما زال الإسرائيليون يستشهدون بما شهدته شمال الضفة الغربية مؤخرا، حين تحولت جنازة القيادي في حماس وصفي قبها إلى تظاهرة حاشدة للحركة، وشملت رفع الأعلام والأسلحة، وما تزعم إسرائيل أنه تحد للسلطة الفلسطينية، بالتزامن مع احتفال أبو مازن بعيد ميلاده الـ86، ومن الواضح أنه لن تقوم دولة فلسطينية في عهده، لكن إخفاقات تجربته السياسية قد تلقي بظلالها على ما سيتبقى من إرثه.
في الوقت ذاته، ينشغل الإسرائيليون بمستقبل السلطة الفلسطينية التي يصفونها بأنها تعيش في مرحلة الضباب، بزعم أن حماس "تقضم" رصيدها بين الفلسطينيين، نتيجة التنافس الذي تحياه ذات السلطة على وراثة عباس، وفي ظل غياب أفق سياسي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فإن عجلة القيادة والاستقرار مخصصان للجيش وجهاز الأمن العام، وليس المستوى السياسي، لأنهما من يحافظان على الأمن، ويضمنان الهدوء النسبي على الأرض، خشية عودة العمليات المسلحة.
لا تخفي إسرائيل أنها تطالب محافلها الأمنية والعسكرية بإبقاء السلطة الفلسطينية حية في المستقبل، لمنع من تصفهم بأعدائهما المشتركين من السيطرة على الضفة الغربية، والحيلولة دون تكرار سيناريو سيطرة حماس على غزة قبل عقد ونصف، ولهذا الغرض التقى رونين بار رئيس الشاباك الجديد مؤخرا مع أبو مازن في رام الله، وقبله التقى رئيس مجلس الأمن القومي آيال خولتا في القاهرة مع نظيره المصري.
لا تتردد الأوساط الأمنية الإسرائيلية في الاعتراف بأن التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية أنقذ الكثير من أرواح الإسرائيليين من هجمات المقاومة الفلسطينية، ومن ثم فإن أي ضعف يصيب المنظومة الأمنية الفلسطينية، يشكل خبرا سيئا للسلطة الفلسطينية، ولإسرائيل أيضا، ويضع عبئا إضافيا على الشاباك الذي يقود جهود مكافحة العمليات المسلحة، ولهذا الغرض يتم تنفيذ حملات من الاعتقالات ضد الفلسطينيين من قبل الجيش الإسرائيلي.
وتزعم الدوائر المقربة من الشاباك أن الجيش ينفذ أسبوعيا ما بين 80-120 عملية مكافحة عمليات مسلحة، ما بين 3-4 كل ليلة في أغلب الأحيان، ويتم كشف الهجمات، وإحباطها على مراحل، رغم أن الشاباك والجيش يواجهان في بعض الأحيان خلايا نائمة تخطط لهجمات واسعة النطاق، من التفجيرات إلى عمليات الخطف، وتجمع كمية كبيرة من الأسلحة من العبوات الناسفة إلى البنادق.
صحيح أن إسرائيل ترى في إحباطها لهذه الجهود نشاطا إيجابيا لمواجهة حماس، لكن الجانب السلبي لهذه الجهود أنها تكشف عن عدم توقف محاولات حماس المسلحة، وجرأتها الظاهرة، ومن يعلم، فقد تنجح في واحدة من التدحرج نحو تنفيذ بعض هجماتها، مع العلم أن المعلومات الإسرائيلية تزعم أن معقل حماس في الضفة الغربية تتركز في مدينة الخليل، وقد تم الكشف عن بعض تحضيراتها المسلحة فيها.
عربي 21