إسرائيل اليوم - بقلم: يوآف ليمور "تحاول إسرائيل معرفة ما إذا كانت المعاملة المتشددة تجاه الزوجين فكنين اللذين اعتقلا في إسطنبول هي مسألة محلية، أم أمر من علٍ. وهو أمر سيقرر استمرار المعالجة للقضية وفرص إنهائها في أقرب وقت ممكن.
كان التقدير الأولي في إسرائيل أن “تكبير الرأس” من الجهات المحلية هو الذي أدى إلى اعتقال الإسرائيليين، وأن الموضوع قابل للحل السريع. ولكن قرار المحكمة عدم طردهما من تركيا بل تمديد اعتقالهما أدى إلى تقديرات أخرى تقضي بوجود جهات معنية باستغلال القضية لخلق أزمة سياسية مقصودة مع إسرائيل. وذلك عقب الهبوط في شعبية أردوغان وحكومته على خلفية الوضع الاقتصادي في الدولة.
تسعى إسرائيل في هذه الأثناء لإدارة الجهود مع تركيا من خلف الكواليس. كما أنه السبب وراء تعليمات رئيس الوزراء بينيت للوزراء أمس بابقاء القضية في الظل. والفهم هو أن التصريحات من الطرف الإسرائيلي ستؤدي إلى تصريحات مضادة من الطرف التركي، مما يصعب الوصول إلى توافقات، وربما أسوأ من ذلك – تشديد مواقف تركيا وطرح مطالب يصعب على إسرائيل الاستجابة لها.
تعتزم إسرائيل في هذه المرحلة مواصلة الاتصالات الهادئة، التي يشارك فيها الرئيس هرتسوغ الذي تحدث مع الرئيس أردوغان فور انتخابه، ويشارك فيها أيضاً الموساد وبالطبع وزارة الخارجية. ليس لإسرائيل سفير دائم في أنقرة (وليس لتركيا سفير في إسرائيل)، ولكن آليات الحوار القائمة تتيح، عند النية الطيبة، حل الأزمة دون تفاقمها. ولكن على إسرائيل أن تستعد لاختيار تركيا طريق الأزمة. وكما أسلفنا، فإن هذا كفيل بأن يخدم أردوغان في الساحة الداخلية، بل أكثر من ذلك أيضاً: فالأتراك كفيلون بأن يطالبوا بجملة من الأثمان، بدءاً بالمكانة في الحرم عبر شؤون مختلفة ترتبط بغزة، وحتى المسائل المرتبطة بالغاز وبعلاقات إسرائيل الاستراتيجية مع اليونان وقبرص، وكلها أثمان لا يمكن لإسرائيل أن تستجيب لها. والزوجان هما اللذان سيدفعا ثمن ذلك.
في مثل هذا الوضع، ستكون إسرائيل مطالبة بالتفكير في تغيير نهجها تجاه تركيا. ينبغي أن تكون الخطوة الأولى الإعلان عن تركيا كمقصد خطير للإسرائيليين. ومثلما تفعل هيئة مكافحة الإرهاب حين يكون هناك تخوف من عمليات في مقاصد مختلفة، هكذا ستكون وزارة الخارجية مطالبة بأن تعلن “خطر الزيارة” لدولة يُعتقل فيها الإسرائيليون بذرائع عابثة ليصبحوا أوراق مساومة.
إن الأثر المباشر لمثل هذه الخطوة سيكون المس بالسياحة الإسرائيلية في تركيا. في فترة تعدّ فيها السياحة العالمية في درك أسفل عقب كورونا، فإن مثل هذه الخطوة ستكلف الأتراك بجيوبهم. واستمراراً لذلك، قد تحذر إسرائيل الإسرائيليين من الطيران عبر إسطنبول، التي تشكل قاعدة جذابة للطيران التواصلي من الشركات التركية لكل أرجاء العالم. وسيكون لمثل خطوة كهذه تداعيات اقتصادية على الشركات التركية، التي ترى في إسرائيل مقصداً استراتيجياً.
إسرائيل معنية بالامتناع عن خطوات متطرفة كهذه. العلاقات مع تركيا متوترة جداً منذ سنوات عديدة، ولكن الدولتين حرصتا حتى الآن على الفصل بين الجمود في العلاقات السياسية بينهما وبين الوضع الاعتيادي في العلاقات الاقتصادية.
لكن حتى لو وصلت القضية إلى نهاية ناجحة وسريعة، يجدر بإسرائيل أن تجري نقاشاً استراتيجياً عميقاً وأن تسأل نفسها ما الذي ينبغي أن تكون عليه سياستها المستقبلية حيال تركيا. وقبل ذلك، عليها أن تطلب من أنقرة ضمانات لسلامة وأمن الإسرائيليين الذين يصلون إلى تركيا. حتى ذلك الحين، نوصي كل إسرائيلي بأن يفعل ما هو مفهوم من تلقاء ذاته: أن يبتعد عن المشاكل، ولما كانت تركيا مليئة بها هذه الأيام – أن يبتعدوا عن تركيا.