فلسطين ونوفمبر! ..ابراهيم محمد الهنقاري

الخميس 04 نوفمبر 2021 12:15 م / بتوقيت القدس +2GMT
 فلسطين ونوفمبر! ..ابراهيم محمد الهنقاري



كلما هل علينا شهر نوفمبر “تشرين الثاني” من كل عام هلت علينا ذكرى الظلم التاريخي الذي وقع لشعبنا الفلسطيني المجاهد الصابر على كل مكروه.
ففي الثاني من هذا الشهر عام ١٩١٧ صدر ما عرف في التاريخ الفلسطيني بوعد بلفور .
فمن هو بلفور. !؟ وما هو الوعد.!؟
الذي وقع الوثيقة الظالمة للشعب الفلسطيني دون ان تكون له اية صلاحية لاصدار مثل هذه الوثيقة الظالمة هو السير ارثر جيمس بلفور وزير خارجية بريطانيا في ذلك الوقت و تم ذلك يوم ٢ نوفمبر ١٩١٧.
أما من كتب و أعد الوثيقة الظالمة فهم
وولتر روتشيلد ( يهودي صهيوني).
ارثر بلفور. ليو اميري. الفرد ميلنر.
هل هم أيضا يهود صهاينة. !؟
الله أعلم.
أما الوعد فقد كان “دعم الحكومة البريطانية لاقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.”!!
ومن الملفت للنظر ان هذه الوثيقة تضمنت أيضا الكثير من الخديعة ومن التضليل الواضح في صيغتها وهذا نصها الحرفي:
“تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف إلى إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين. و ستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية.
على أن يفهم جليا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين ولا الحقوق ولا الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد اخر.”
و هنا نسجل الملاحظات التالية على هذه الوثيقة الظالمة:
١- تمت بكل الوسائل الممكنة السياسية والعسكرية مخالفة النصف الاخير من ذلك البيان. فقد تم بدعم كامل من الحكومة البريطانية الإتيان بكل عمل لالحاق الضرر بالحقوق المدنية لسكان فلسطين وهم الفلسطينيون.!
٢- تعمد البيان عدم الإشارة مطلقًا الى الشعب الفلسطيني مباشرة وتعمد الاشارة الى أهل فلسطين الحقيقيين بانهم من “الطوائف غير اليهودية زالمقيمة في فلسطين.”!! ومع ذلك لم يتم احترام حقوقهم حتى كمقيمين في فلسطين كما جاء في تلك الوثيقة الظالمة و تم تشريدهم في أصقاع الأرض الأربعة.!
٣- تعمد البيان الى ما يشبه الاعتراف بأن فلسطين هي “يهودية” وان الفلسطينيين ليسوا اكثر من طائفة من الطوائف المقيمين في فلسطين. !!
وتلك مغالطة تاريخية لم يكن من حق أي كان أن يقولها أو يضمنها في وثيقة رسمية حتى لو كان “حكومة صاحب الجلالة”.!
٤- تعمدت الوثيقة الاشارة الى ضرورة المحافظة على حقوق اليهود المقيمين في الدول الاخرى تحسبا لامكانية فشل المشروع الصهيوني في فلسطين.!
٥-كانت فلسطين بعد انهيار الخلافة العثمانية نهاية الحرب العالمية الاولى تحت “الوصاية” البريطانية بموجب قرار من “عصبة الامم” وهي المنظمة الدولية التي كانت قائمة قبل تحويلها بعد ذلك الى “هيئة الامم المتحدة ” الحالية.
٦- يعتبر وعد بلفور بذلك باطلا و غير شرعي ومخالف للقرار الدولي الذي فوض بريطانيا العظمى بالوصاية على فلسطين ولم يخولها بتحويلها إلى وطن لليهود و تشريد شعبها.
إن الظلم التاريخي الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني الشقيق منذ ما يصل الى ١٠٤ سنوات حتى اليوم منذ تاريخ وعد بلفور إنما تتحمله الحكومة البريطانية بسبب هذا الوعد الظالم وغير الشرعي و المخالف للقرار الدولي الذي وضع احدى مقاطعات دولة الخلافة العثمانية وهي فلسطين تحت الوصاية البريطانية فقط ولم يفوضها المجتمع الدولي كما نقول اليوم بغير ذلك.
نعلم أن النضال الفلسطيني لم يتوقف لحظة واحدة ضد وعد بلفور وما نتج عنه من مأساة فلسطين التي تعرفها الحكومة البريطانية جيدا و لكنها لا تعمل بجد حتى لتحقيق الجزء الاخير من رسالة وزير خارجيتها بلفور الى زعيم الحركة الصهيونية العالمية روتشيلد وذلك بسبب النفوذ المتزايد عاما بعد عام للصهيونية العالمية على الحكومة البريطانية وعلى غيرها من الحكومات الخاضعة للنفوذ الصهيوني في اوروبا وفي الولايات المتحدة.
لا شك أن العالم قد تغير بعد أكثر من مائة عام على وعد بلفور. و حان الاوان لانصاف الشعب الفلسطيني .
لا شك أن أجيالا من الفلسطينيين قد عانت أشد المعاناة طوال تلك السنوات القاسية المتتابعة والتي شهدت تضحيات الشعب الفلسطيني و مقاومته للاحتلال الصهيوني.
وسوف تستمر تلك المقاومة حتى تعود فلسطين الى أهلها الفلسطينيين.
يبقى أن نقول في ذكرى وعد بلفور إنه من غير المقبول أن نرى أي خلاف بين الفصائل الفلسطينية. بل لابد أن تتوحد كامل الفصائل الفلسطينية في تنظيم مقاوم واحد لا هدف له سوى تحرير فلسطين.
كما نقول إنه ليس فقط من غير المقبول بل إنه من العار أن نرى دولا عربية تسعى لما يسمى “بالتطبيع ” مع
العدو الصهيوني المحتل لفلسطين العربية.
المقاومة حق مشروع لكل من اغتصبت أرضه و حرم من سيادته على وطنه.
دعم المقاومة الفلسطينية للاحتلال الصهيوني واجب ديني و قومي على كل الدول العربية و الإسلامية .
و لن يستريح الشعب الفلسطيني الشقيق و لن يستريح العرب و لن يستريح العالم إلا بعد تحرير فلسطين.!
وعلى الحكومة البريطانية أن تساهم بشكل فعال لاعادة حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة إليه.
ختاما لابد لنا في ختام هذا الحديث عن وعد بلفور الظالم و المسؤول عن مأساة فلسطين، لابد لنا ان نترحم على أرواح شهداء فلسطين خلال ما يزيد عن قرن من الزمان فهم الذين ضحوا بارواحهم من اجل ان تبقى قضية فلسطين حية امام العالم لعل هذا العالم يتمكن اخيرا من دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق.
“و ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين.”
صدق الله العظيم.
لعل هذه الذكرى تنفع المؤمنين بالله كما تنفع المؤمنين بحقوق الشعب الفلسطيني المجاهد الصابر ولعلها تنفع الحكام العرب و الشعب العربي ليقوموا بواجبهم تجاه الشعب الفلسطيني الشقيق دون تأخير و دون تطبيع.
والسلام على فلسطين الجهاد والمقاومة.
و السلام على كل من اتبع الهدى والحق وساند الشعب الفلسطيني الشقيق لاسترداد حقوقه المشروعة في وطنه.
ابراهيم محمد الهنقاري.