تواصل أسعار صرف العملات التراجع مقابل الشيكل، إذ شهد الدولار الأمريكي انهيارا أمام العملة "الإسرائيلية"، ما أثر بشكل كبير على المواطنين الفلسطينيين لا سيما الموظفين الذين يتلقون رواتبهم بالعملة الأمريكية. في الأسواق الفلسطينية، يصرف الدولار الأمريكي اليوم مقابل 3.13 شيكلا، في انخفاض غير مسبوق منذ سنوات طويلة، فيما اليورو الأوروبي يُصرف مقابل 3.63 شيكل.
وفي هذا السياق، كتب المحلل الاقتصادي "الإسرائيلي" غاد ليئور مقالا في صحيفة "يديعوت آحرنوت" أمس، قال فيه إن الدولار واليورو يواصلان الاتجاه إلى الأسفل، مضيفا أن "هبوطات أسعار هذه العملات في إسرائيل تتسبب بصدمات في سوق العملة وستؤثر على الأسعار في البلاد إذا ما استمر الميل".
وذكر أن سعر الدولار الرسمي تحدد أمس عند 3.13 شيكل، مستطردا : "لقد خسرت العملة الأمريكية حتى الآن 4 في المئة في الأسبوعين الأخيرين. وانخفض اليورو إلى معدل 3.62 وهو الأدنى منذ 21 سنة ويقترب من السعر الأدنى له مقابل الشيكل".
وتابع إنه "رغم محاولات المحافظ البروفيسور امير يرون، لمنع انهيار أسعار العملات الأجنبية حيال الشيكل المعزز، فإن شراء نحو 25 مليار دولار منذ بداية السنة لا يمنع في هذه اللحظة الانخفاض في أسعار الدولار واليورو. وكلما كانت العملة الإسرائيلية أقوى، يصعب على الصناعيين والمصدرين الربح، والخوف دائماً هو أن يؤدي هذا إلى إغلاق خطوط إنتاج وإقالة عمال".
تفسير ذلك بسيط: المصدرون يبيعون إنتاجهم في الخارج ويحصلون بالمقابل على عملية أجنبية. فإذا كانوا قبل سنة قد استبدلوا 100 دولار بـ 3.40 شيكل، فقد حصلوا صباح أمس على 3.13 شيكل فقط مقابل الـ 100 دولار. وإذا حصلوا على 400 شيكل عن مئة يورو السنة الماضية، فإنهم قد حصلوا أمس على 362 شيكلاً فقط. ولما كانت نفقاتهم في البلاد بالشيكل، مثل دفع أجور الكهرباء والمياه و”الأرنونا” وما شابه، فإن وضعهم ساء جراء قوة الشيكل".
وفقا للكاتب. وأردف قائلا : "كما أن منافسة المنتجين والمصدرين الإسرائيليين مع منتجات الدول الأخرى تتضرر أيضاً. فالصناعيون ورجال التكنولوجيا العليا في إسرائيل عليهم أن يرفعوا الأسعار منعاً للخسائر، وسيجدون صعوبة في المنافسة مع منتجات من بلدان أوروبا وآسيا، وإرهاباً من الشرق الأقصى والصين واليابان، التي تغرق الأسواق بإنتاجها الزهيد وبعضه في مستوى عالٍ أيضاً".
وقال د. رون تومر لـ “مامون”: “رغم أن هذا يفترض أن يخفف من غلاء المعيشة، فالأمر لا يحصل عملياً. وهذا لا يؤدي إلى انخفاض في الأسعار. فهل هبطت أسعار السيارات كنتيجة لانخفاض الدولار؟ لا. معجون الأسنان؟ لا. الوحيدون الذين يربحون هم المستوردون”. وعلى حد قوله، إن تضرر الصناعة "الإسرائيلية" شديد، ويصل أيضاً إلى التكنولوجيا العليا، وقد يمس بالناتج القومي الخام. “عندما يتعزز الشيكل نجد أن الفرع الإسرائيلي للشركة ذاتها يصبح أقل ربحية، وكذا أجر العامل الإسرائيلي التي تحدد الشركة الدولية أجره بالدولار هو كذلك.
كما أن قدرة التكنولوجيا العليا الإسرائيلية على منافسة إزاء العالم تتضرر هي أيضاً. وأسعار المواد الخام التي ارتفعت بين 20 – 80 في المئة يضيف إلى أزمة الصناعيين، وإلى جانب الارتفاع في أسعار النقل البحري – فإن هذا يمس بالمصدرين عندنا مرتين. غالٍ عليّ أن أستورد مواد خام، وغالٍ عليّ أيضاً أن أصدر البضاعة. قسم كبير من المصدرين يواصلون التصدير بربح متدن أو حتى بدون ربح كي لا يخسروا عملاءهم في الخارج”
. وأكمل: فما الذي يمكن عمله؟ بنك إسرائيل قد يشتري كميات كبيرة أخرى من الدولارات، ولكن تجربة السنة الأخيرة لا تكفي. ثمة خطوة أخرى يمكن اتخاذها، وهي تخفيض الفائدة على الشيكل إلى سلبية، ولكن ما فعلته اليابان والاتحاد الأوروبي في الماضي لا يمكن تنفيذه اليوم في إسرائيل.
صحيح أن تخفيضاً كهذا للفائدة سيؤدي إلى ارتفاع في أسعار العملات الأجنبية، ولكنه سيرفع أسعار الشقق، حين تصبح الفائدة على قرض السكن صفرية. إذا كانت الفائدة متدنية بهذا القدر، فسيرتفع الاستهلاك. سيشتري الجمهور المزيد من البضائع وسيؤدي فائض الطلب إلى ارتفاع آخر في الأسعار، بينما التضخم المالي في إسرائيل في ذروة لم يسبق لها مثيل منذ عقد، وهي 2.5 في المئة منذ بداية السنة. وختم قائلا: ما هي التقديرات المستقبلية؟ إذا لم تنفذ الحكومة وبنك إسرائيل خطوات جريئة وفورية، فإن الدولار قد يتحطم إلى مستوى 3 شيكل وأقل. ولكن من الصعب التصديق بأن هذا سيحصل. رؤساء الاقتصاد على وعي بتداعيات مثل هذه الخطوة على التصدير الإسرائيلي وعلى الاقتصاد كله، ومن غير المتوقع أن يسمحوا له بذلك بهذه السرعة.