لا يزال موضوع الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة يشكل نقطة خلاف بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية، بعد أن حظي الاحتلال بدعم كامل من قبل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، لكن الرئيس الجديد جو بايدن وطاقمه في البيت الأبيض ووزارة الخارجية ومكتب الأمن القومي يرون جميعا أن إقامة المزيد من الوحدات الاستيطانية من شأنها أن تعرقل أي حلول سياسية مع الفلسطينيين.
يستعيد الإسرائيليون، لاسيما المستوطنين منهم، ما عاشوه من مواجهة حامية مع إدارة الرئيس الديمقراطي الأسبق باراك أوباما، من فرض قيود صارمة على إعلان المشاريع الاستيطانية من جهة، واستصدار قرارات دولية تدينها، ما أوصل العلاقات بين تل أبيب وواشنطن إلى حائط مسدود.
اليوم، وفي ظل محاولة إسرائيلية واضحة لعدم تكرار ما واجهوه إبان إدارة بايدن، فقد كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت، أن "يوسي دغان رئيس المجلس الاستيطاني في الضفة الغربية ذهب في زيارة لواشنطن، ومن المتوقع أن يلتقي بعشرين من أعضاء الكونغرس الجمهوريين والديمقراطيين الذين يزعمون أن إدارة بايدن تضغط على نفتالي بينيت رئيس الحكومة لتجميد البناء في المستوطنات، زاعما أن تجميد البناء الاستيطاني قد يؤدي إلى انشقاق في إسرائيل".
وأضاف التقرير "رغم موافقة الحكومة الحالية بالفعل على خطط بناء استيطاني خارج الخط الأخضر، فإن دغان يعقد حاليًا سلسلة اجتماعات طويلة في واشنطن مع أكثر من 20 عضوًا في الكونغرس ومجلس الشيوخ والجمهوريين والديمقراطيين، ضد ما يسميه ضغط حكومة بايدن؛ للحد من إقامة المزيد من المشاريع الاستيطانية في المستوطنات الإسرائيلية، بهدف إنشاء مجموعة نشطة في الكونغرس تكافح تجميد البناء".
مع العلم أن بايدن يعمل منذ أن تولى بينيت منصبه في رئاسة الحكومة على تجميد البناء الاستيطاني، ولم ينعقد المجلس الأعلى للتخطيط الاستيطاني المخول بالموافقة على البناء في المستوطنات، فيما يتحدث مسؤولون كبار في الإدارة الأمريكية عن طلب للحد من البناء الاستيطاني من جهة، ومن جهة أخرى التعبير عن التزامهم المتكرر بحل الدولتين مع الفلسطينيين، وهو ما يتعارض مع توجهات الحكومة الإسرائيلية الحالية.
وقد كشف النقاب أن من بين أعضاء الكونغرس الذين التقى بهم دغان المندوب اليهودي من ولاية نيويورك لي زلادن، ولذلك فإن الغرض من الاجتماعات التي يعقدها تشكيل تحالف شركاء لإسرائيل، والعمل معا من أجل منع استمرار الرفض الأمريكي للبناء الاستيطاني في الضفة الغربية، سواء في عهد الحكومة الحالية، أو أي حكومة أخرى، في حال واجهوا قرارا بتعليق البناء الاستيطاني لدى الإدارة الأمريكية.
الأوساط الاستيطانية الإسرائيلية ذاتها تعتقد أن القرار والمسؤولية في عدم مواصلة البناء الاستيطاني لا يقع فقط على عاتق بايدن، بل على الحكومة الإسرائيلية ذاتها برئاسة بينيت، بزعم أنه لا يمكن لأي حكومة أن تختبئ وراء التصريحات الأمريكية، خاصة بعد سماع العديد من المواقف الصادرة عن أعضاء الكونغرس الجمهوريين والديمقراطيين.
في الوقت ذاته، فإن الجهود الاستيطانية لكبح جماح المواقف الأمريكية المناهضة للاستيطان تحمل مخاوف كبيرة من حدوث خلاف بين إسرائيل والولايات المتحدة، لذلك فقد ركز دغان والوفد المرافق له في محادثاتهم مع أعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ على ما وصفوه بحق اليهود في الضفة الغربية، والاكتفاء بمشاريع السلام الاقتصادي مع الفلسطينيين، المتمثلة بإقامة المناطق الصناعية المنتشرة في الضفة الغربية، للحيلولة دون تشكل صدع جدي بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
عربي 21