كيف تنظر إسرائيل إلى علاقاتها مع ألمانيا بعد ميركل؟

الثلاثاء 12 أكتوبر 2021 08:34 م / بتوقيت القدس +2GMT
كيف تنظر إسرائيل إلى علاقاتها مع ألمانيا بعد ميركل؟



القدس المحتلة /سما/

معاريف - بقلم: د. عمانويل نافون زميل كبير في معهد القدس للاستراتيجية والأمن                          "جرت زيارة المستشارة الألمانية انجيلا ميركل إلى إسرائيل بعد نحو أسبوعين من الانتخابات الألمانية، التي وضعت حداً لحكمها الطويل لمدة 16 سنة. تقدم إسرائيل شكرها لميركل على دعمها لها في الساحة الدولية، ولكن يجب أن تستعد للعهد الذي ما بعدها.

أدارت ميركل على مدى 16 سنة الاقتصاد الرابع في العالم بهدوء وباستعداد للمساومة. كامرأة علوم، عرفت كيف تحسب وتدير. وكابنة لقس تربت في القسم الشرقي والشيوعي من ألمانيا، كانت ملتزمة بالقيم الليبرالية وأبدت حساسية تجاه الضعفاء، مثل قرارها موضع الخلاف في استقبال نحو مليون لاجئ في ألمانيا. صحيح أنها لم تقد خطوات تاريخية دراماتيكية مثل أوتو فون بسمارك الذي أقام الإمبراطورية الألمانية الثانية واتبع سياسة اجتماعية متقدمة، أو مثل هلموت كول الذي وحد الألمانيتين وأقام كتلة اليورو، ولكنها تصدت للأزمات برباطة جأش وانطلاقاً بالالتزام بالاتحاد الأوروبي. تعبير عن ذلك يمكن مثلاً أن نجده في قرارها إنقاذ اقتصاد اليونان وإبقائها في كتلة اليورو، وموافقتها في 2021 على برنامج اقتصادي سخي للاتحاد الأوروبي للتصدي لأزمة كورونا.

انتصرت ميركل في أربع حملات انتخابية بفضل شخصيتها المهدئة وسجلها الإداري. بديلها في المنصب، رئيس الحزب المسيحي الديمقراطي، أرمين لاشت، هو رجل عديم الكاريزما. حقق بقيادته للحزب المسيحي الديمقراطية، النتيجة الأسوأ له منذ تأسيسه. صحيح أن المرشح لمنصب اليسار لا حاجة لأن يترأس الحزب الأكبر كي يقيم حكومة، ولكن تفوق الحزب الاشتراكي الديمقراطي يمنحه شرعية أكبر لقيام ائتلاف مع الحزبين اللذين يلوحان كشريكين مميزين: حزب الخضر، والحزب الليبرالي.

بسبب إنجاز مبهر لحزب الخضر، فسيكون في كل ائتلاف ينشأ. لقد ضاعف الخضر قوتهم وأصبحوا الحزب الثالث في الحجم. وأطلق الناخب الألماني رسالة بأنه لا يمكن تجاهله. والائتلاف الذي يلوح في الأفق في هذه المرحلة هو بين الاشتراكيين الديمقراطيين وبين الخضر والليبراليين. هذه ثلاثة أحزاب تعززت في الانتخابات ولها أغلبية 56.6 في المئة في البوندستاغ. لن يكون الائتلاف المتوقع منسجماً: الحزب الليبرالي يؤيد السوق الحرة، وتخفيض الضرائب، ويتحفظ من السياسة المالية الأوروبية المشتركة. وعليه، فله خلاف جوهري سواء مع الاشتراكيين الديمقراطيين أم مع الخضر. ولكن سيناريو ائتلاف كهذا هو الأكثر معقولية في هذه المرحلة.

حكومة بقيادة الاشتراكيين الديمقراطيين ومع شريك كبير مثل الخضر، قد يجعل جهود إدارة بايدن صعبة لخلق جبهة غربية حيال الصين وروسيا. عندما صعد الاشتراكيون الديمقراطيون إلى الحكم في المرة الأولى، بادروا إلى سياسة نظيفة مع الاتحاد السوفياتي رغم استياء الأمريكيين. اليوم أيضاً، يعتبر الاشتراكيون الديمقراطيون أكثر إنصاتاً لروسيا من المحافظين. وبالنسبة للصين، مشكوك أن تتمكن ألمانيا من السماح لنفسها بالسير على خط مع الولايات المتحدة في ضوء المصالح الاقتصادية الألمانية: منذ 2016 الصين هي الشريك التجاري الأول لألمانيا. ستكون الحكومة المتوقعة أقل وداً لإسرائيل من تلك التي كانت بقيادة ميركل. ومع أن حزب اليسار المتطرف لم يجتز نسبة الحسم ولن يكون في الائتلاف، لكن للحزب الاشتراكي الديمقراطي جناحاً راديكالياً لا يمكن تجاهله. من جهة أخرى، لإسرائيل فرصة لتسويق تفوقها التكنولوجي في مجال الطاقة المتجددة لحكومة تعمل على أجندة انتقال للطاقة في حزب الخضر.