في خطابه الذي استمر 25 دقيقة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت كلمة “إيران” 22 مرة، ولكنه لم يذكر فلسطين أو الفلسطينيين، ولو مرة واحدة.
وذكر من خلال نص خطابه الذي وزعه مكتبه، اسم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي 4 مرات، دون أن يذكر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ولو مرة واحدة.
وحتى حينما نطق بـ”غزة وحركة حماس”، (مرة واحدة)، كان في سياقٍ مرتبط بإيران.
وفي المقابل، فقد قال كلمة “إسرائيل” 40 مرة.
وسادت تقديرات بأن يركز بينيت خطابه، الأول في الجمعية العامة للأمم المتحدة، على إيران، ولكنّ تجاهله الكامل للفلسطينيين، كان أمر مستغربا للكثير من المحللين الإسرائيليين.
فقد لفت أنشيل فيفر، المحلل في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، إلى “تجاهل بينيت القضية الفلسطينية في الأمم المتحدة”.
وكتب الثلاثاء: “سيبقى تجاهل القضية الفلسطينية سمة مميزة لنهج بينيت، حتى تعود، لا محالة، لتضربه، كما تفعل دائمًا”.
أما نداف إيال، المحلل في صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، فقال “كان عدم ذكر الفلسطينيين صارخًا للغاية، وسيخدم بينيت بلا شك في الداخل (داخل إسرائيل)”، في إشارة الى مواقف بينيت اليمينية الرافضة لقيام دولة فلسطينية والداعمة للاستيطان ومغازلته لليمين المتطرف.
وأضاف، الثلاثاء “إنه يريد منا أن نتأكد من أننا نلاحظ غيابهم عن الخطاب، دليلاً على ثقته في تكوين الحكومة، وفي قِيم اليمين على وجه الخصوص”.
ولفت إيال إلى أنه في حين تم ذكر إيران الكثير من المرات “فإن غزة، وهي قضية أكثر إلحاحًا وإشكالية من حيث العلاقات الخارجية الإسرائيلية، تم ذكرها مرة واحدة فقط”.
وبدوره، قال موقع “واللا” الإخباري الإسرائيلي “قضية واحدة لم تحظ بأي اهتمام من بينيت: الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، والصراع الدموي مع الفلسطينيين”.
وأضاف، الثلاثاء “لقد كان اختيارًا غريبًا. معظم الأزمات والأحداث السياسية والأمنية التي تعاملت معها الحكومة الإسرائيلية منذ أن تولى بينيت منصبه، تتعلق بالصراع مع الفلسطينيين، من مسيرة الأعلام (في القدس)، وإخلاء العائلات الفلسطينية في الشيخ جراح (بالقدس) وافتتاح القنصلية الأمريكية بالقدس، وهروب الأسرى (من سجن جلبوع)، والتصعيد في غزة (في مايو/أيار الماضي)، وحتى التصويت في الكونجرس على تمويل (المنظومة المضادة للصواريخ) القبة الحديدية”.
وتابع “حقيقة أن بينيت لم يذكرها ولو مرة واحدة، كانت بمثابة هروب وانفصال عن الواقع”.
وفسر تجاهل بينيت للقضية الفلسطينية بالقول “بالنسبة لرئيس الوزراء، الصراع مع الفلسطينيين شيء يمكن التعايش معه، وبدلاً من محاولة حلّه، ما عليك سوى إخماد الحرائق في كل مرة يثور فيها الأمر، وطالما أن الحرائق لا تندلع، فما عليك إلا أن تتجاهلها فقط”.
ولكن وديع أبو نصار، الخبير في الشأن الإسرائيلي، اعتبر أن تغييب بينيت للملف الفلسطيني، لم يكن مفاجئا، وعزاه الى 4 أسباب رئيسية.
وقال أبو نصار “أولا، لا يوجد مجتمع دولي ضاغط على إسرائيل، فالإدارة الأمريكية تقول إنها تتمسك بحل الدولتين ولكنها تقول أيضا إنه لم يحن وقت هذا الحل، فيما أن الاتحاد الأوروبي يتكلم عن ضرورة الحل، ولكنه لا يتحرك”.
وأضاف “ثانيا، الموقف العربي ضعيف جدا، فالدول العربية إما تطّبع مع إسرائيل أو صامتة، في حين أن الموقف الفلسطيني تسوده الاختلافات، دون وجود زخم فلسطيني حقيقي”.
وتابع أبو نصار “ثالثا، الأطراف المتحالفة مع بينيت في الحكومة، بما فيها حزبي العمل وميرتس والقائمة العربية الموحدة، لم يضغطوا عليه لكي يشمل خطابه في الأمم المتحدة مواقفهم المؤيدة لحل الصراع مع الفلسطينيين”.
وحول السبب الرابع، يضيف أبو نصار “من قال إن بينيت هو رجل سلام؟ إنه غير مقتنع أصلا بوجود شعب فلسطيني، ويعارض بشدة قيام دولة فلسطينية، وهو يعلم أنه إذا ما تحدث عن حل، فإنه لن يفلت من انتقادات اليمين”.
وتابع “وعليه، فإنا غير متفاجئ من تغييب بينيت للفلسطينيين عن خطابه”.
واستدرك أبو نصار “مصلحة إسرائيل تقتضي أن تتوصل إلى حل مع الفلسطينيين، هناك 13 مليون فلسطيني ولا يمكن لبينيت إخفائهم، وحتى لو تجاهلهم من خطابه، فإن ذلك لا ينفي وجودهم”.
واعتبرت صحيفة “جروزاليم بوست” الإسرائيلية، الثلاثاء، أن “تجاهل (الرئيس الفلسطيني محمود) عباس كان مقصودا لتوجيه رسالة” دون توضيح.
وفي إشارة إلى أنه خطاب يمثل اليمين المتطرف في إسرائيل، كتب النائب العربي بالكنيست أحمد الطيبي في تغريدة على تويتر: “خطاب بينيت في الأمم المتحدة: خطاب لرئيس الوزراء مع 40 توقيعا من الكنيست”.
وتتشكل الحكومة الإسرائيلية من أحزاب يمينية ووسطية ويسارية وحزب عربي.
وفي حين سارع قادة الأحزاب اليمينية للترحيب بخطاب بينيت، فإن أحزاب “العمل” و”ميرتس” والقائمة العربية الموحدة التزمت الصمت.
وكتبت النائب العربية بالكنيست عايدة توما سليمان في تغريدة على تويتر “أثبت بينيت اليوم في الأمم المتحدة أنه وحكومته يسيرون في طريق نتنياهو”.
وأضافت، الإثنين “تجاهل الاحتلال، ووجود الشعب الفلسطيني، وادعاءات التفوق الأخلاقي لإسرائيل، وتصعيد الحرب مع إيران؛ هذه هي المبادئ التي وجهت حكومة نتنياهو اليمينية، وهي توجّه حكومة بينيت”.