ربط محللون إسرائيليون اليوم، الخميس، بين فرار الأسرى الستة من سجن الجلبوع، يوم الإثنين، وبين مقتل القناص الإسرائيلي بنيران أطلقها فلسطيني عليه عند السياج الأمني المحيط بقطاع غزة، قبل أسبوعين ونصف الأسبوع، ووصفوا كلتا الواقعتين بأنهما "سلسلة إخفاق متواصلة"، من شأنها أن تؤدي إلى تصعيد أمني محتمل.
وأشار المحلل العسكري في صحيفة "معاريف"، طال ليف رام، إلى أنه "يتوقع أن تكون الأيام القريبة متوترة جدا من الناحية الأمنية. وثمة احتمال أن تنعكس الأحداث الأخيرة على ما يحدث في قطاع غزة" حيث التوتر يتصاعد منذ أسابيع.
وأضاف أنه إذا كانت هذه الأحداث تشير إلى "إخفاقات متواصلة"، فإنها "بالنسبة للفلسطينيين هذه سلسلة أحداث رمزية ذات دلالة وطنية. وتسلسل الأحداث قد يتبعه تصعيد، الذي يمكن أن يشتعل بسبب حدث موضعي، مثل حدث غير مألوف في سجن أو اعتقال خلال اشتباك مسلح لأفراد الخلية الفارّة" من الجلبوع.
وتابع ليف رام أن "نشاط (الاحتلال) في جنين وليالي اعتقالات لناشطي "إرهاب" في المدينة قد تؤدي إلى رد فعل كهذا أو ذاك في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، لكن الاحتمال الأكبر لتسخين الوضع هو عند الحدود الجنوبية، حيث يتوقع أعمال شغب قرب الجدار، إطلاق بالونات حارقة وربما إطلاق قذائف صاروخية أيضا تكون مدعومة من الناشطين في يهودا والسامرة".
وبحسب ليف رام، فإن احتمال تصعيد كبير في الضفة "لا يعتبر مرتفعا في جهاز الأمن الإسرائيلي، باستثناء جنين، التي سيعمل الجيش الإسرائيلي فيها في الأيام القريبة أيضا... وعلى الأرجح أنه وفقا لحجم عمليات الجيش الإسرائيلي في محاولة العثور على المخربين (الأسرى الستة)، سنرى عمليات ومواجهات أكثر في جنين. ومن الجهة الأخرى، انتهى ذلك في المرات الأخيرة بعدد كبير من من القتلى (الفلسطينيين) في مخيم جنين، ومن هنا تكون الطريق قصيرة جدا للتأثير على قطاع غزة".
من جانبه، رأى المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن "نجاح الأسرى الستة سيدب رياحا جديدة في أشرعة الإرهاب في الضفة الغربية وقطاع غزة، وإذا انتهت مطاردتهم باشتباك مع قوات الأمن الإسرائيلية، فإنه ستعقب موتهم موجة عمليات مسلحة جديدة".
وأشار هرئيل أيضا إلى أن الأيام المقبلة ستكون متوترة، وإلى أن فرار الأسرى "يبدو أنه الأزمة الأمنية الأكثر إلحاحا لحكومة بينيت – لبيد: لانها تأسر الجمهور ووسائل الإعلام في إسرائيل، وكذلك بسبب التحسب من أن تقود إلى موجة عمليات تقليد في الجانب الفلسطيني".
ولفت هرئيل إلى فرار ستة أسرى فلسطينيين من سجن للاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، في 18 ايار/مايو من العام 1987، أي قبل أشهر من اندلاع الانتفاضة الأولى، في نهاية ذلك العام. وبقي الأسرى الفارين طلقاء خمسة أشهر، نفذوا خلالها عمليات مسلحة عديدة، وفي النهاية دار اشتباك مع قوات قوات الاحتلال، أسفر عن استشهاد خمسة منهم، ومقتل عنصر في الشاباك، بينما الأسير السادس، عماد الصفطاوي، تمكن من الفرار إلى مصر.
وكتب هرئيل انه "بعد شهرين من قتل افراد الخلية، اندلعت في المناطق الانتفاضة الأولى. والتاريخ لا يكرر أبدا نفسه بدقة، لكن يبدو أنه إذا لم تسيطر إسرائيل هذه المرة على الأزمة بسرعة، فإنها قد تكتشف أن المنظمات الفلسطينية وجدة مرة أخرى عود الثقاب الذي تبحث عنه".
بدوره، رأى المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشواع، أن فرار الأسرى من الجلبوع تستوجب تشكيل لجنة تقصي حقائق أو لجنة تحقيق خارجية. "وستركز اللجنة بطبيعة الحال على سلطة السجون، التي اتضحت أنها جهاز فاشل. لكن يحظر على لجنة التحقيق المستقبلية أن تتجاوز الإخفاق الاستخباراتي للشاباك، الذي لم يرصد تنظيمات تنظيمات وأنشطة كبيرة، في السجن وخارجه. وثمة خط واحد يربط بين إهدار معلومات استخبارية لأعمال السغب في الأشهر الماضية (في الضفة والقطاع) وبين إهدار المعلومات الاستخباراتية حول التخطيط للهروب من السجن".
وأضاف يهوشواع أنه "ليس صحيحا النظر إلى واقعة الفرار من الجلبوع في ملعب مصلحة السجون فقط. فمصلحة السجون، مثل باقي أجهزة الأمن، وكذلك قيادة الدولة، أدمنت على الهدوء وفعلت كل ما بوسعها من أجل الحفاظ عليه. حتى بثمن الخنوع للأسرى الأمنيين الذين أداروا أقساما بكاملها وخلقوا توازن رعب مقابل قيادة مصلحة السجون".
وبحسب يهوشواع، فإنه "بسبب الإدمان على الهدوء، قرروا في الشاباك عدم استخدام أجهزة تشويش الهواتف الخليوية، التي جرى نصبها في السجن بتكلفة ملايين الشواقل. والخوف من غضب الأسرى سبّب التنازل. ولو تم تشغيل هذا الجهاز، لوضع مصاعب أمام تخطيط المخربين المسجونين المسبق مع الجهات الخارجية التي ساعدتهم على الفرار".
ونقل يهوشواع عن مسؤول في سلطة السجون قوله إن "الهدوء يؤدي إلى الإدمان. والسجانون ينظرون إلى أعلى، إلى قيادة مصلحة السجون، ويدركون الرسالة: لماذا عليهم أن يخوضوا مواجهات مع الأسرى، فيما قادتهم ليسوا معنيين حقيقة بشيء آخر. يتم إملاء سياسة الهدوء من جانب المستوى السياسي، وليس من اليوم".