قال جنرال إسرائيلي إن "الأموال التي وعد بها وزير الحرب بيني غانتس لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خلال لقائهما الأخير، بقيمة نصف مليار شيكل، إنما هي صفقة عرضية تجعل الاحتجاج على دفع رواتب الأسرى الفلسطينيين أمرا سخيفا، ومنافيا للقانون الإسرائيلي، وبذلك فإن هذه الحكومة ومن أجل تحقيق هدوء مع الفلسطينيين على المدى القصير، لكنها تقوض الجهود المبذولة لوقف دفع رواتب الأسرى وعائلاتهم".
وأضاف يوسي كوبرفاسر رئيس شعبة الأبحاث الأسبق في جهاز الاستخبارات العسكرية-أمان، في مقال نشرته القناة 12، أن "المفارقة تقول إن هذا المبلغ الذي قدمته الحكومة الإسرائيلية للسلطة الفلسطينية على أنه قرض يستوجب السداد، عبر تحويلات أموال الضرائب، يقترب من قيمة المبلغ المجمد من الحكومة الإسرائيلية، وهو 600 مليون شيكل سنويا، أي 50 مليون شيكل شهريا، وهي قيمة الرواتب التي تدفعها السلطة للأسرى في السجون الإسرائيلية".
وأوضح أن "المبلغ المجمد بالكامل سيتم تحويله فعلياً للسلطة الفلسطينية، وبالتالي، وبغض النظر عن أفعال هذه الحكومة الإسرائيلية، وسلوكها السياسي، لكنها تضعف بشدة قدرة إسرائيل على مطالبة السلطة الفلسطينية بوقف دفع هذه الرواتب، لأنها بذلك تشجع كراهية إسرائيل، والتحريض على العنف، وتمجيد الأسرى، كما يضعف مطالبة إسرائيل بمقاضاة السلطة الفلسطينية أمام الجهات الدولية، وعرقلة تحركاتها لتقويض شرعية إسرائيل، بالتوجه لمحكمة الجنايات في لاهاي".
وأشار إلى أن "الحكومة الإسرائيلية تتذرع في خطوتها هذه بأن السلطة الفلسطينية قد تنهار بسبب الأزمة الاقتصادية الشديدة التي تعانيها، لاسيما بسبب الأضرار التي لحقت بتدفقها النقدي، بسبب وقف المساعدات العربية والدولية والإجراءات الإسرائيلية، والإنجازات الاستراتيجية لحماس عقب حرب غزة الأخيرة، وتعزيز موقعها في النظام الفلسطيني، والإضرار بهيبة ومكانة أبو مازن بعد الاتفاقات الإبراهيمية للتطبيع، وإلغاء الانتخابات العامة، ومقتل المعارض نزار بنات".
وأكد أن "المستوى السياسي الإسرائيلي يسعى للتأكيد بين حين وآخر أن التعاون الأمني مع الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية ضروري لكبح المقاومة المسلحة، وهذه التصريحات الخاصة بقادة المؤسسة العسكرية والأمنية تُسمع كثيرًا حتى يتكون لدى الإسرائيليين انطباع بأننا أمام اتفاقيات لا يمكن الطعن فيها، رغم أن الفلسطينيين جميعاً يقودون حملة أيديولوجية وسياسية ضد إسرائيل، ولا يستبعدون استخدام العنف من أي نوع".
ولفت إلى أن "الفلسطينيين يتفاخرون بأن الرأي العام العالمي مرّ مؤخرًا بتغيير تدريجي نحو قبول روايتهم للصراع مع إسرائيل، خاصة اعتبارهم لليهود الأشكناز من نسل الخزر، وليس لهم صلة باليهود الذين عاشوا في فلسطين قبل ألفي عام، أما الشعب الفلسطيني فهو صاحب هذه الأرض، لأن الفلسطينيين من نسل الكنعانيين وغيرهم من الشعوب التي عاشت هنا قبل وصول بني إسرائيل، ويعتبرون الصهيونية أداة استعمارية وامبريالية، واستخدامها كجسر في نضالهم ضد المسلمين".
وزعم أن "الفلسطينيين يرون في صراعهم مع إسرائيل متعدد الأبعاد، ويتضمن نضالًا عنيفًا، وكل أنواعه مبررة أخلاقياً، ولكن لأسباب التكلفة والعائد، فقد اندفع الفلسطينيون للتركيز على ما يسمونه "المقاومة الشعبية اللاعنفية، بما فيها إلقاء الحجارة وقنابل المولوتوف وعمليات الطعن وهجمات الدعس، فيما تعتقد حماس بأن هناك مجالًا لتنفيذ هجمات بالأسلحة النارية في الضفة الغربية وقطاع غزة، لكنها تستخدم عنفاً أخف عبر البالونات الحارقة والمظاهرات على طول السياج".
وأضاف أنه "بحسب هذه الرواية الفلسطينية للصراع مع إسرائيل، فإن الفلسطينيين هم الضحية الوحيدة في هذا الصراع، وحتى ذلك الحين، لديهم الحق في استخدام كل أنواع النضال، وليس لإسرائيل والغرب، المسؤولين عن معاناتهم، الحق في انتقادهم لدعمهم للعنف، ولا ينبغي الاعتراف بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، لأنه غير موجود عملياً، وفي الحد الأدنى يمكن قبول إسرائيل كدولة للشعب الإسرائيلي مؤقتًا، لجميع مواطنيها".
وأوضح أن "عباس الذي التقى مع غانتس مستعد لمواصلة التعاون الأمني مع إسرائيل، ويرى أن محاولة التضييق على خطوات حماس تخدم مصالحه السياسية، لكنه مستعد للتعاون معها عندما يكون مناسبًا له، ومع ذلك فإن الخوف من انهيار سلطته بسبب محنتها المالية يعتبر أمرا مفرطا، ومبالغا به، لأن السلطة تعيش ضائقة سياسية، وليس اقتصادية، وقد مرت بالفعل بأزمات أكثر ضيقاً، لكنها لم تنهار".
ونوه إلى أنه "خلال أزمة كورونا، توقفت السلطة الفلسطينية عن تلقي أموال الضرائب من إسرائيل والتعاون الأمني، ولم يزداد حجم العمليات المسلحة، ربما لأن من ينفذ الغالبية العظمى من عمليات وقف هذه الهجمات هي المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، أما مساهمة السلطة الفلسطينية فهي ثانوية، وحتى اليوم، فإن السلطة قادرة، بعكس التحذيرات الأمريكية، على العمل حتى بدون المساعدة الإسرائيلية المضمونة".
وأضاف أن "تقارب أبو مازن وأجهزته الأمنية من إسرائيل سيجعلهم عرضة للهجوم الفلسطيني، وتقديمهم كمتعاونين مع "الاحتلال"، لكن الغريب أن إسرائيل تولي أهمية كبيرة لمنع التصعيد بالضفة على المدى القصير، وتعتقد أن أفضل طريقة لذلك من خلال تحسين الوضع الاقتصادي، وحتى لو كان هذا الاعتقاد صحيحًا، فليس من الضروري أن يتحقق بتحويل الأموال للسلطة الفلسطينية، بل بزيادة عدد تصاريح العمل في إسرائيل، لأنها المحرك الرئيسي للاقتصاد في الضفة الغربية".