رأى تقرير صادر عن أبرز معاهد الأبحاث الإسرائيلية، اليوم الخميس، إن لإسرائيل مصلحة واضحة بالحفاظ على استقرار ومكانة السعودية، في وقت وصف فيه التقرير السعودية بأنها محاطة بتهديدات متصاعدة، من البحر والبر والجو والفضاء السيبراني. ودعا التقرير إسرائيل إلى العمل سرا لدى الإدارة الأميركية من أجل أن تكون إجراءاتها ضد السعودية ضئيلة، في ظل تزايد الانتقادات في الحزب الديمقراطي لممارسات ولي عهد السعودية محمد بن سلمان.
وأشار التقرير، الصادر عن "معهد ابحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، إلى أن موقع السعودية الجغرافي "يتميز بكثرة الجبهات والحدود الطويلة والمخترقة. وقوات أمن المملكة تواجه في الوقت نفسه عددا كبيرا من مراكز التهديد".
وتمتد حدود السعودية على 4415 كيلومترا، إضافة إلى ساحلها بطول 2640 كيلومترا، وبحيث أن "قليلة هي المقاطع في هذه الحدود التي بالإمكان الشعور أنها آمنة فعلا. وبما أن الخليج الفارسي هو طريق ملاحة إستراتيجي، يمر عبره تصدير نفط المملكة إلى آسيا وتتواجد فيه آبارها النفطية والغازية، فإن حساسيته لا تقل، وربما تتزايد، عن أي نقطة أخرى في الحدود البرية. كما يوجد تخوف دائم عند حدود السعودية مع دول الخليج الصديقة من سيناريوهات انقلاب يوصل إلى الحكم، من دون إنذار كاف، نظاما شيعيا مواليا لإيران".
وبحسب التقرير، فإن إيران تشكل التهديد المركزي على السعودية. "وتدور بين الجانبين مواجهة مسلحة منذ سنوات عديدة وفي عدة جبهات: في اليمن حيث تحارب السعودية الحوثيين، هجمات إيران واذرعها المتكررة لمنشآت وناقلات النفط السعودية، هجمات سايبر متكررة ضد السعودية، تخوف من أنشطة إيرانية تآمرية بين السكان الشيعة في السعودية، التواجد الإيراني في العراق الذي يعزز شعور القيادة السعودية بأنها ’مطوقة’ من إيران لأول مرة من جميع الجهات. وذلك إضافة إلى تخوفات السعودية من البرنامج النووي الإيراني وانعكاسه على حرية عمل إيران في المنطقة".
وأشار التقرير إلى أن العراق تشكل "تهديدا مزدوجا" على السعودية، بسبب وجود ميليشيات موالية لإيران فيها، بإمكانها شن هجمات ضد السعودية، وكذلك بسبب وجود بقايا تنظيم "داعش" الذين بإمكانهم التسلل إلى السعودية من حدودها الطويلة وتنفيذ هجمات ضد أهداف سعودية. "كما أن الحدود مع الأردن تشكل تحديا مشابها من خلال تسلل جهات معادية وأسلحة إلى المملكة".
وفي الحلبة السعودية الداخلية، هناك "جهات أخرى تشكل خطرا بين مجموعات سكانية ساخطة، قوات الأمن وداخل العائلة المالكة ايضا. والإصلاحات المتشددة التي يدفع بها بن سلمان تسرّع التوترات الداخلية وتزيد مخاطر التآمر والتأثير الأجنبي في المملكة".
وفيما يتعلق بالفضاء السيبراني، جاء في التقرير أن "السعودية هي على ما يبدو بين أكثر دول العالم التي تتعرض لهجمات سيبرانية. وتتعرض البنية التحتية لتقنية المعلومات السعودية لهجمات دائمة من جانب جهات معادية. وتشير التقديرات إلى أن إيران تقف وراء معظم هذه الهجمات التي تستهدف البنية التحتية للكهرباء والطاقة، المياه، تحلية المياه ورموز الحكم".
نقاط ضعف عسكرية
لفت التقرير إلى أن أكثر تهديد جوهري تواجهه السعودية حاليا هو تعرضها لهجمات واسعة ودقيقة بالصواريخ والطائرات من دون طيار، تستهدف منشآت نفطية وحيوية، بالتوازي من عدة جبهات ومن دون قدرة على توفير إنذار مبكر حيال هجوم مفاجئ، إلى جانب تسلل استخباراتي وعملاني. وذلك، فيما بحوزة إيران أكبر ترسانة في الشرق الأوسط من الصواريخ الموجهة عن بعد، صواريخ أرض – أرض وطائرات من دون طيار، التي تغطي مساحة السعودية كلها، وبضمنها منشآتها الإستراتيجية المشاطئة للبحر الأحمر.
ورغم إنفاق السعودية الهائل على أنظمة دفاعية، وخاصة بطاريات "باتريوت" الأميركية لاعتراض الصواريخ، إلا أنها ستواجه صعوبة في الصمود أمام هجمات واسعة من عدة جبهات بالتوازي، حسب التقرير. كما أن قدرات السعودية المحدودة هي نقطة ضعف عسكرية أخرى. وأضاف التقرير أن "سلاح البحرية السعودي صغير وقديم نسبيا وتأسس من أجل مواجهة أسلحة بحرية مشابهة، وخاصة في الخليج. كذلك فإن عديد قوات الجيش السعودي صغير نسبيا، ويوجد خلل إداري بنيوي في الموارد، وتنقصه بنية تحتية تكنولوجية وفجوات عميقة في القدرات القيادية".
وفيما يتعلق بإسرائيل، اعتبر التقرير أنها "موجودة في مرتبة متدنية في سلم التهديدات على السعودي، ويبدو أن السعودية لا تنظر إليها كتهديد له علاقة ببناء قوتها".
وأضاف التقرير أنه يتوقع أن يكون هناك تأثير على إسرائيل لتطور العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية، "وخاصة حيال اهتمام إسرائيل باستمرار اتجاه التطبيع في المنطقة، تعميق الاتفاقيات الموقعة بينها وبين دول الخليج وضم دول أخرى إلى هذه العملية، وفي مقدمتها السعودية. كذلك ثمة أهمية بالغة للحفاظ على الجبهة السياسية والأمنية الإقليمية ضد إيران، حيث السعودية هي جزء هام فيها".
وتابع التقرير أنه "من هنا، لإسرائيل مصلحة واضحة بأن يكون الاستهداف الأميركي للعلاقات بين واشنطن والرياض ضئيلا وقابل للتغيير بقدر الإمكان، ولكن أن يكون لاجما أيضا ويضع أمام ولي العهد السعودي حدودا لخطواته السياسية والعسكرية التي تقوض الاستقرار الإقليمي وخاصة تلك غير المنسقة مع الأطراف ذات العلاقة".
ودعا التقرير إسرائيل إلى أن "تستعرض أمام الإدارة الأميركية التبعات المحتملة للضغوط الممارسة على الرياض والدفاع عن السعودية بحذر وسرية، إذ أن تماهيا إسرائيليا علنيا مع المملكة عموما ومع بن سلمان خصوصا، الذي توجه له انتقادات شديدة خاصة من أوساط الحزب الديمقراطي، قد تلحق ضررا بالحوار بين إسرائيل وواشنطن".
وأضاف التقرير أن "استخدام السعودية أفضلياتها النسبية الواضحة لا يتوقع أن يهدد مصالح إسرائيلية. وثمة مصلحة بارزة لإسرائيل بالحفاظ على استقرار ومكانة المملكة كجزء من ترسيخ معسكر سني – براغماتي في المنطقة، يدعم اتفاقيات السلام معها وتنظر إلى إيران أنها تهديد لاستقرار المنطقة. وإذا تمكنت المملكة من أن تبعد عنها تهديدات من دون أن تظهر كمتصالحة ومن دون منح تنازلات لإيران والمحور الشيعي مقابل هدوء أمني، فإن إسرائيل ستخرج رابحة من ذلك أيضا".