دعا ممثلو منظمات أهلية وخبراء وحقوقيون، اليوم الاثنين، إلى ضرورة إيجاد حلول واقعية ومنطقية للمشاكل البيئية التي يعاني منها قطاع غزة، ووجوب تفعيل القوانين التي تحمي البيئة مؤكدين على حاجة القطاع إلى تنفيذ مشاريع بيئية تطويرية من شأنها النهوض بالمجتمع والدولة على حد سواء.
جاء ذلك خلال ورشــة عمـل نظمتها شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، بالشراكة مع مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية لعرض ورقة عمل حول الواقع البيئي ودور المنظمات الأهلية في حمايته.
وقال مدير شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا، إن هذه الورشة تناولت موضوعًا على الرغم من أهميته إلى أنه بات غائبًا عن أجندة صانع السياسة الفلسطيني ومنظمات المجتمع المدني وغيرها من المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، حيث باتت تداعيات البيئة خطيرة جدًا وتمس حياة الإنسان على هذه الأرض في ظل الحصار المستمر والجائر والمشدد إضافة إلى الانقسام السياسي وغياب المؤسسة التشريعية التي من دورها سن قوانين وتشريعات تحافظ على البيئة.
وأشار الشوا إلى أهمية الدور الذي يجب أن تقوم به المنظمات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني، سواء دورها في التأثير في السياسات العامة ودورها في توجيه أجندات ات الممولين ودورها في الرقابة على أداء السلطة الرسمية والعمل باتجاه الضغط في تبني سياسات حامية للبيئة، مؤكدًا على أهمية خلق جيل يعي أهمية البيئة من خلال التوعية والتدريب لكافة الفئات المجتمعية من الشباب والنساء.
من جهته تحدث أسامة عنتر مدير مؤسسة فريدرش ايبرت في قطاع غزة، عن التعاون المستمر مع شبكة المنظمات الأهلية في طرح مواضيع حساسة ومهمة وتمس حياة المواطنين.
وحذر عنتر من الوضع البيئي لقطاع غزة حيث وصفه بالأسوء في المنطقة، داعيًا إلى الالتزام الذاتي من قبل المواطنين للحفاظ على البيئة.
من ناحيته اســتعرض أحمد حلس في ورقـتـه البحثيـة التــي أعدهـا لصالح شبكة المنظمات الأهلية القضايا البيئيــة بمختلــف مكوناتهـا مثــل الميــاه والميــاه العادمــة، والنفايات الصلبة والخطرة، والطاقة، والبيئة البحرية، والتربة الزراعيــة، والهــواء، والتنــوع الحيــوي، وكذلــك التلــوث البيئــي بــكل أشــكاله، والذي من شــأنه أن يؤثــر في كل مناحي الحيــاة وعــلى رأســها الواقــع الصحـي للســكان، وأنــه بــات مــن الــضروري دراســة وتقييم الوضع البيئي بكامل مكوناته والبحث في سبل تطويره والسعي لتحسينه وخلق آليات فاعلة وممنهجة لضمان استقرار الوضع البيئي في القطاع.
وأكــد حلــس أن الاحتــلال الإسرائيلي يعتبر المعيق الأســاسي في عملية التنمية والتطوير في شتى المجالات ومن ضمنها تحسين الوضع البيئي وتنميته، مشيرًا إلى غياب التنســيق المشــترك والحقيقــي والعمــل التراكمــي والتكامــلي بــين كل المؤسســات الحكومية وغــير الحكوميـة والدوليـة.
ولفت حلس في الورقة البحثية إلى أن تردي الوضع الاقتصادي تسبب في ضعف الاهتمام بالبيئة، قائلًا إن “الواقــع الاقتصادي المحلي المتهــاوي الــذي يعيشه سكان القطاع، أدى وبشكل مباشر إلى انخفــاض ملحــوظ وتدهــور شـديد لمســتوى الجبايــة والتحصيــل والعائــدات الماليــة لــدى كل المؤسســات البيئيــة وخصوصًا الخدماتيــة منهــا، كالبلديــات والــوزارات ذات العلاقــة، الأمــر الــذي أضعــف تلــك المؤسســات وفاقــم كل الأزمــات العملياتيــة لديهــا، ما أضعف قدرتهــا عــلى أداء واجباتهــا تجــاه الســكان بالشــكل المناســب والمتكافــئ، وقــد أثــر ذلــك ســلبيًا ومبــاشرة في البيئــة بعناصرهــا المختلفة”.
كما نبهت الورقة إلى غيــاب العقــاب أو الــرادع الحقيقــي للمتجاوزيــن والمخطئــين في حــق البيئــة، أدى إلى الاســتهتار واللامبــالاة تجاه نتائج تلوث البيئة واستنزاف مواردها إضافــة إلى تحديــد دور المنظــمات الأهلية في حماية وتطوير البيئة في قطاع غزة.
ونبه إلى أثــر الانقسام الداخلي السلبي على وجه الواقع البيئي بغزة، مبيًا أن ذلك تسبب في غياب التطوير الفعلي للكوادر العاملــة في المجال البيئي الحكومي كسلطة جودة البيئة ووزارة الحكم المحلي عبر البلديات وسلطة المياه والدوائر البيئية لــدى وزارات الصحــة والزراعــة بشــكل غــير رشــيد نتيجــة غيــاب الوعــي والمعرفــة الكافيــة أو حتــى بدافــع الانتقــام مــن الظــروف أو الجهــات القائمة على إدارة شؤون المواطن.
ودعــا حلــس إلى تطوير القوانــين والسياسات وتفعيل الاجراءات التــي تحمــي البيئــة وتجــرم المتجاوزيــن، مبينـًا أن القانــون يكفــل للنــاس الحــق في بيئــة ســليمة ونظيفــة والتمتــع بأكــبر قــدر ممكــن مــن الصحــة العامــة والرفــاه، وحماية ثروات الوطن الطبيعية وموارده الاقتصادية والحفاظ على تراثه التاريخي والحضاري.
ودعا المشاركون إلى تطوير منظومة سياساتية عابره للقطاعات من أجل حماية البيئة وتطوير مدونة سلوك بيئية تنظم عمل مختلف المؤسسات لحماية البيئة.