أعلنت السلطات الجزائرية، اليوم الأربعاء، تسلمها المدير العام السابق لشركة "سونطراك" البترولية، المؤمن ولد قدور، الملاحق في قضايا فساد عديدة، بعدما كان هاربا في الإمارات وقبلها دول أوروبية عديدة.
لكن ما قصة هروب ولد قدور خارج البلاد، وسر اعتقاله في الإمارات، ولماذا ظل معتقلا في الإمارات أشهر عديدة قبل صدور قرار بعودته إلى الجزائر.
بداية القصة
بدأت القصة في يوليو/ تموز عام 2019، عندما وضع المستشار المحقق لدى المحكمة العليا في الجزائر، بوضع المدير العام السابق لشركة "سونطراك"، تحت الرقابة القضائية مع سحب جواز سفره، بسبب ملاحقته بعدة تهم، منها إبرام صفقة مخالفة للأحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل بغرض إعطاء امتيازات غير مبرره للغير، وتبديد أموال عمومية، وكذلك إساءة استغلال الوظيفة.
ولكن الغريب أن ولد قدور نجح في الهروب خارج البلاد، قبل استصدار قرار توقيفه بساعات قليلة، وتنقل بين إيطاليا وفرنسا، قبل أن يسافر إلى الإمارات، التي هناك تم اعتقاله فيها.
وكانت الجزائر في تلك الفترة، وتعيش وسط زخم شعبي وحملة أطلق عليها حملة "أيادي نظيفة" غير مسبوقة، حيث تشكلت ما يشبه حكومة كاملة في سجن الحراش بالجزائر العاصمة، كما يتابع قضائيا أقوى رجال الأعمال في وقت الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وسط تعهد الجيش الوطني الشعبي بمرافقة العدالة إلى حين اجتثاث "فساد العصابة".
قضية سونطراك
ويتابع القضاء الجزائري الرئيس المدير العام السابق لسونطراك، المؤمن ولد قدور، بتهم عديدة، تتعلق بتبديد أموال، إساءة استغلال الوظيفة، منح امتيازات غير مستحقة، تحديدا في قضية متعلقة بشراء مجمع سوناطراك لمصفاة النفط أوغستا بإيطاليا، وغيرها من الملفات قيد التحقيق.
وفي فبراير/شباط الماضي أعلن رئيس الوزراء الجزائري السابق عبد العزيز جراد، صدور مذكرة توقيف دولية ضد ولد قدور، فيما سمي بفضيحة مصفاة "أوغيستا" الواقعة في صقلية بإيطاليا، والتي اشترتها سوناطراك في عام 2018 بكلفة مليار دولار، وتبين لاحقا أن الصفقة، التي تمت في عهد ولد قدور، غير مجدية.
وتم في هذه القضية معها أيضا اتهام نائب الرئيس المدير العام الأسبق لمجمع سوناطراك أحمد الهاشمي مازيغي، الذي تم القبض عليه ومحاكمته في تلك القضية.
كما كشف التحقيقات فضيحة أخرى، حيث تنازل ولد قدور عن بعض الحقول في مشاريع نفطية متواجدة بصحراء الجزائر، لصالح شركات أجنبية على غرار الشركة الإسبانية "ريبسول" والفرنسية "توتال"، إلى جانب إعادة تجديد عقد الشركة الإسبانية في حقول عين أمناس إلى 20 سنة أخرى، بطريقة مخالفة للقوانين المعمول بها، حيث تم التنازل لصالح هذه الشركات عن طريق التراضي، بعد أن أعطت حكومة أويحيى الضوء الأخضر لسوناطراك اعتماد هذه الصيغة.
رحلة دبي
أما بالنسبة على ملابسات القبض على ولد قدور، فهي تمت في دبي يوم 20 مارس/آذار، بينما كان قد هبط إليها كترانزيت في طريقه إلى سلطنة عمان، ولكن السلطات الإماراتية، اكتشفت وجوده على قائمة المطلوبين في الإنتربول الدولي.
وجاء ذلك الأمر، بعدما أصدرت الحكومة الجزائرية مذكرة اعتقال دولية بحقه، وتواجد اسمه في قائمة الانتربول للذين يجري البحث عنهم.
ولكن بعد ذلك أطلقت السلطات الإماراتية سراحه، بكفالة مع منعه من مغادرة الإمارات، وسط مطالبات جزائرية متلاحقة بضرورة عودته إلى البلاد لمحاكمته على الجرائم التي ارتكبها.
ولكن لم تكشف السلطات الإماراتية ولا الجزائرية، كيف وافقت الإمارات على إعادة ولد قدور إلى الجزائر مرة أخرى، وهل كان وجوده تلك الفترة في الإمارات للتأكد من أنه مطلوب فعليا على ذمة قضايا في الجزائر، أم ماذا؟
وتمت إقالة ولد قدور في أبريل/ نيسان 2019 من على رأس سونطراك، بعد عامين من توليه المنصب في خضم المظاهرات العارمة التي شهدتها الجزائر بداية من شباط/ فبراير من ذات السنة، ضد نظام الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة.
وسبق للعدالة الجزائرية أن حكمت بالسجن على ولد قدور، بتهمة التخابر لصالح جهات أجنبية سنة 2007، قبل أن تتم إعادته تأهليه ووضعه على رأس أكبر شركة في البلاد سنة 2017.