تلقى مركز "شمس" بكثير من الاستغراب والصدمة قرار مجلس الوزراء رقم 3 لسنة 2021 والقاضي بإلغاء المادة 22 من "مدونة السلوك وأخلاقيات الوظيفة العامة" وفقاً لما ورد في العدد 181 من الجريدة الرسمية، والتي كانت تنص على أن "للموظف الحق في التعبير عن رأيه، ونشره بالقول أو الكتابة، أو غير ذلك من وسائل التعبير أو الفن مع مراعاة أحكام التشريعات"، كما تنص المادة محل الإلغاء على أنه "يجب على الموظف عند إبداء رأي أو تعليق أو مشاركة في مواقع التواصل الاجتماعيّ، أن يوضح أنه يمثّل رأيه الشخصي فقط، ولا تعكس (وجهة نظره) رأي الجهة الحكومية التي يعمل بها".
وقال مركز "شمس" أنه ينظر بعين الخطورة إلى هذه الخطوة التي تأتي في سياق محتقن بعد أن أصدر الرئيس مرسوماً بتأجيل الانتخابات العامة المنتظرة منذ سنوات طويلة إلى أجل غير مسمى، وبعد مقتل ناشط سياسي بارز على يد قوة أمنية مشتركة تقول أنها كانت تنوي اعتقاله، الأمر الذي فجر موجة من التجمعات السلمية الغاضبة في الشارع الفلسطيني تم قمعها بالقوة المفرطة. ما يشير إلى سعي متسارع نحو منهجة انتهاكات الحق في التعبير عن الرأي، وإلى انتقال من ارتكاب الانتهاكات على مستوى ممارساتي من جهات إنفاذ القانون المباشرة والميدانية إلى انتهاك مؤسساتي ممنهج على مستوى التشريعات والسياسات.
ورأي مركز "شمس" أن هذا القرار يشكل مخالفة للقانون الأساسي الفلسطيني لا سيما فصل الحقوق والحريات الذي كفل حرية التعبير عن الرأي باعتبارها حق أساسي من الحقوق الدستورية، ولالتزامات دولة فلسطين القانونية بموجب الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي انضمت إليها وفي مقدمتها العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية.
كما وشدد مركز "شمس" على أن قرار مجلس الوزراء بإلغاء هذه المادة لا يجب أن يكون محل إلزام او إنفاذ بأي شكل من الأشكال، لمخالفته مبدا الهرم التشريعي، إذ كفل القانون الأساسي الفلسطيني (الدستور المؤقت) وجملة من القوانين حرية التعبير، وهما ما كان يجب على المدونة احترامهما. محذراً في الوقت نفسه من التعسف في استعمال هذه الخطوة لقمع الحريات العامة والخاصة للموظفين العموميين من قبل مسؤوليهم أو الجهات الحكومية التي يعملون لديها.
واعتبر مركز "شمس" إن هذا القرار الذي هو إساءة لصورة فلسطين الدولية إذ يتم تقديمها من خلاله كدولة قمعية تنتهك الحقوق والحريات، كما يسيء لشعبها كشعب واقع تحت الاستعمار يناضل من أجل تحرره الوطني، إذ كيف من الممكن فهم تطلع قيادة بحرية واستقلال شعبها في الوقت الذي تمارس انتهاكات منهجية لحقوقه الأساسية. محل استنكار وإدانة ويشكل انتهاكاً لحق الموظفين في التعبير عن الرأي وامتلاك آرائهم السياسية، ويعكس رؤية للموظف على أنه ملك للحكومة وليس موظف يعمل لديها مقابل أجر، وهو ما يستوجب دعوة مركز "شمس" إلى التراجع الفوري عنه، وإلى القيام بدلاً من ذلك باتخاذ سياسات تعزز حرية التعبير عن الرأي وتكفلها في ظل ما تتعرض له من انتهاكات واسعة.