صحيفة اسرائيلية تتساءل: هل تقترب السلطة الفلسطينية من المشهد اللبناني الحالي؟

الجمعة 30 يوليو 2021 06:11 م / بتوقيت القدس +2GMT
صحيفة اسرائيلية تتساءل: هل تقترب السلطة الفلسطينية من المشهد اللبناني الحالي؟



القدس المحتلة /سما/

يتواصل الحديث حالياً عن استقرار السلطة الفلسطينية. وتشير مقالات لمحللين وخبراء إلى ضعف دراماتيكي في مكانة رئيس السلطة محمود عباس (أبو مازن) بين الجمهور. وذلك في ضوء موت “خاشقجي الفلسطيني”، نزار بنات، في الخليل، الذي كان من المعارضين الصاخبين له. رجال المخابرات الفلسطينية اعتقلوا بنات وضربوه حتى الموت. ومنذ ذلك الحين، تجري مظاهرات ضد أبو مازن. قد يضاف إلى ذلك نقاش حول الوضع الاقتصادي المتفاقم للسلطة، التي -حسب تقارير مختلفة- تقف على شفا الانهيار، مثل لبنان تقريباً. في ضوء هذه التطورات، أعلن منسق أعمال الحكومة في المناطق اللواء غسان عليان، عن زيادة حجم العمالة الفلسطينية لفرع البناء بنحو 15 ألف تصريح، وكذا لفرع الفندقة. وسواء شاء كل محبي الـ BDS على أنواعهم أم أبوا، فإن الاقتصاد الفلسطيني متعلق بقدر كبير بالاقتصاد الإسرائيلي. وكل مقاطعة حقيقية على إسرائيل ستخلق مئات آلاف الأفواه الجائعة في الضفة الغربية.

وينبغي القول: الوضع في الضفة وفي السلطة يختلف عنه في لبنان؛ فالكهرباء تعمل، وكذا أيضاً توريد المياه، ولا يوجد داخل السلطة جسم عسكري يتأمر عليها مثل “حزب الله”. العكس هو الصحيح: فتح وأجهزة أمن السلطة تواصل السيطرة على الوضع، حتى وإن كان جزئياً (رغم أن أحداث هذا الأسبوع في الخليل والمعارك بين حمولتين تثير علامات استفهام حتى اللحظة). كما أن الوضع الاقتصادي والسياسي للسلطة ليس على شفا الانهيار بعد، ولكنها أزمة تتشكل من عدة عناصر.

بداية، جباية الضرائب في السلطة قلت بشكل واضح في السنة الأخيرة بسبب كورونا وإبطاء كاسح في النشاط الاقتصادي. إضافة إلى ذلك، فإن المساعدة الاقتصادية التي درجت السلطة على تلقيها من دول عربية كالسعودية والإمارات توقفت، في ضوء الأزمة مع دول الخليج على خلفية اتفاقات إبراهيم في عهد ترامب. صحيح أن الرئيس في واشنطن تغير منذئذ، ولكن سياسة دول الخليج بقيت على حالها تجاه السلطة، وكذا مساعدة الاتحاد الأوروبي، للميزانية والبنى التحتية… ثم توقفت لأسباب غير واضحة. ويبلغ دين السلطة للبنوك نحو 2.3 مليار دولار، وهو مبلغ طائل في معايير فلسطينية. وحسب مصادر مختلفة، فقد بلّغت البنوك السلطة بأن ليس في نيتها تقديم المزيد من القروض لها لدفع رواتب موظفيها.

وإضافة إلى العجز المالي المتفاقم، ففي مطلع آب ستكون هناك تشويشات في دفع رواتب الموظفين وأعضاء أجهزة الأمن – أولئك الذين يضمنون بقاء السلطة، بما في ذلك أزمة نزار بنات التي قمعوا الاحتجاج ضد أبو مازن بكل سبيل ممكن.

وعلى المستوى السياسي أيضاً، تعاني السلطة من أزمة عقب إلغاء انتخابات السلطة وقضية بنات. لا شك بأن لو أجريت انتخابات في السلطة لفازت حماس، وذلك بسبب المعركة الأخيرة في غزة، التي فسرها كثيرون في الضفة كانتصار للمنظمة. ولكن لحظّ أبو مازن ورفاقه، لا توجد انتخابات في الأفق، وكل إمكانية للمصالحة مع حماس تبدو بعيدة مثلما كانت دوماً. بمفاهيم عديدة، يذكر الوضع بين السلطة وحماس بالوضع مع إسرائيل: نزاع غير قابل للحل، في أفضل الأحوال لإدارته، وحتى هذا محدود الضمان.

ورغم كل ما كتب هنا، يجدر بالذكر أنه لا توجد اليوم مظاهرات جماهيرية ضد أبو مازن في المناطق. صحيح أن بعض المظاهرات قد أجريت هنا وهناك، ولكنها توقفت بعد أن بعثت “فتح” برجالها إلى الشوارع. أو كما شرح لي هذا الأسبوع زميل فلسطيني: “ضد من سيتظاهرون؟ أبو مازن؟ لو سمحت، السؤال: ما البديل؟ الجمهور في الضفة لا يريد في معظمه حماس أو الاحتلال الإسرائيلي ليدير شؤونه. صحيح أن عباس يعتبر خياراً سيئاً، ولكنه أقل سوءاً مقارنة بالإمكانات الأخرى”.

الأنباء الطيبة للسلطة و”فتح” هي تغيير النهج من حيث الجانب الأمريكي، ومن حيث الجانب الإسرائيلي مع تشكيل حكومة بينيت -لبيد. صحيح أنه لا يوجد اتصال بين رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس الفلسطيني، ولكن هذا الأخير يتصل مع وزير الدفاع بيني غانتس، ومع رئيس الدولة إسحق هرتسوغ، وآخرين. بل التقى هذا الأسبوع وزراء “ميرتس” مع وزراء الفلسطينيين. يفهم الجانب الفلسطيني بأن إسرائيل تريد الحفاظ على استقرار السلطة ومكانة أبو مازن. وزيادة عدد تصاريح العمل للفلسطينيين في فرع البناء يعد تعبيراً عن هذا النهج، وذلك رغم قرار الخصم من أموال ضرائب السلطة ورواتب الأسرى الفلسطينيين وعائلات المخربين مرة أخرى. بأي حال، وضع محمود عباس اليوم أفضل مما كان في عهد نتنياهو. أولئك الذين تحدثت معهم طرحوا موضوعاً واحداً يخلق قلقا ًكبيراً في “فتح”: إمكانية أن تتوصل إسرائيل وحماس إلى صفقة شاملة لتحسين الوضع الاقتصادي في غزة مقابل الهدوء. والمقابل، وفي إطار هذه التفاهمات، تتم أيضاً صفقة لتحرير أسرى فلسطينيين مقابل الإسرائيليين المحتجزين في غزة. وإذا ما خرجت مثل هذه الصفقة إلى حيز التنفيذ، كما يشرحون، فإنها ستمنح تعزيزاً كبيراً لحماس في غزة والضفة، وستتسبب بكثير من الاضطرابات حول مكانة السلطة.