إسرائيل اليوم - بقلم: يعقوب نيجل ومارك دوفوفيتس "يستعد رئيس الوزراء بينيت للقائه مع بايدن، ومساعداه الكبيران أيال حولتا وشمريت مئير، سيكونان في واشنطن الأسبوع المقبل لتمهيد اللقاء. وسيكون البرنامج النووي على رأس جدول الأعمال. ستعرب إسرائيل عن موقفها دون صدى عام كي تبني تعاوناً بين رئيس الوزراء والرئيس، ولكن محظور الوقوع في الخطأ؛ فمعظم المحافل الرسمية في إسرائيل قلقة جداً من السياسة الأمريكية تجاه إيران.
بايدن ملتزم بالعودة إلى الاتفاق النووي العليل من العام 2015، مثلما أعلن في الانتخابات، ووزير الخارجية بلينكن وجه تعليماته لمبعوثه إلى المفاوضات أن يعطي الإيرانيين تقريباً كل ما يطلبونه كي يعودوا إلى الاتفاق. الاحتجاجات الشعبية في إيران على نقص المياه والكهرباء والظلم الاقتصادي تتحدى النظام، ورئيسي يدرك أن العودة إلى الاتفاق هو السبيل الوحيد لمساعدة اقتصادية مكثفة يحتاجها النظام. ويرى أيضاً اليأس الأمريكي في العودة إلى الاتفاق بأي ثمن، وسيستغل ذلك لابتزاز مزيد من التنازلات.
تفهم القدس بأن هذا اتفاق أسوأ بكثير من الاتفاق الأصلي، “JPOA ناقص، ناقص”. تقدمت طهران في برنامجها من العام 2015، ونعرف اليوم الكثير من الأمور التي لم نكن نعرفها من قبل، ورغم ذلك تستعد واشنطن للتخفيف من العقوبات أكثر بكثير من العام 2015. وافقت الولايات المتحدة على أن ترفع عقوبات عن أكثر من ألف جسم، بما في ذلك البنوك، وكل العقوبات القطاعية والعقوبات على خامينئي ومقربيه، بل وإخراج الحرس الثوري من قائمة منظمات الإرهاب. العقوبات المتبقية ستكون طفيفة ولن تمنع المليارات من العودة إلى الصندوق لتزود تعاظم القوى والدعم للإرهاب بالوقود.
يفهم بينيت ومساعدوه بأن الاتفاق الأصلي عليل بشكل فتاك، وأنه يمنح مساراً آمناً لسلاح نووي مع أفول القيود في 2030، وأدركوا أن العودة إلى الاتفاق الأصلي أمر متعذر. إيران تخصب حتى 60 في المئة، وتجمع مخزونات من المواد، وتنتج وتفحص أجهزة طرد مركزي متطورة، وتمنع وصول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى المواقع العاملة وإلى المواقع التي جرت فيها نشاطات نووية. طهران تصر على الاحتفاظ بأجهزة الطرد المركزي المتطورة لديها، وفي أفضل الأحوال ستحافظ على تخزينها. في 2027 ستنتهي القيود على إنتاج وتركيب أجهزة الطرد المركزي على نطاق صناعي، بما في ذلك المتطورة، وفي 2031 ستنتهي القيود على مستويات التخصيب، بما في ذلك للسلاح، وعلى مخزونات المواد. وإضافة إلى ذلك، سيسمح بالتخصيب في فوردو وببناء مشاريع تخصيب جديدة، وسيرفع الحظر عن معالجة البلوتونيوم ويسمح ببناء مفاعلات مياه ثقيلة وتخزينها. وسيكون بوسعها أن تبني عشرات القنابل.
في ضوء الواقع المتشكل، فإن بينيت ملزم بالإصرار على أن يتضمن كل اتفاق معالجة ووقفاً تاماً لثلاثة مركبات البرنامج: المواد المشعة، وتطوير السلاح، ووسائل إطلاقه. المواد المشعة وتكنولوجيا إنتاجها يجب أن تكون محفورة تماماً وخاضعة لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية – محظور أن يكون هذا مفتوحاً للمفاوضات. الإيرانيون على مسافة ثلاثة حتى خمسة أشهر من “الاختراق”، وهي المدة الزمنية لإنتاج اليورانيوم المخصب لقنبلة واحدة. وبالمقابل، فإن لهوس المعالجة في زمن الاختراق يجب أن يتوقف، هذا مفهوم قديم. إيران لن “تخترق”، بل “ستسترق”، بواسطة أجهزة الطرد المركزي المتطورة التي تخصب بسرعات أعلى بكثير، وبالتالي مطلوب أجهزة طرد مركزي أقل، ما يسمح بإخفاء النشاط في منشآت سرية.
إن تطوير السلاح مسألة عصية من ناحية التعريف والرقابة، رغم اتضاح المعرفة عنه منذ 2015 بفضل كشف الأرشيف النووي الذي عرض التطلعات الحقيقية لإيران وحالة البرنامج. عززت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأدلة في أثناء زياراتها، ولكن إيران تواصل منعها وترفض الاستجابة لأسئلتها. كل صفقة ملزمة بأن تدفع النظام للاعتراف بنشاطاته السابقة، وتفتح ملف السلاح الذي أغلق في 2015 وتجيب عن الأسئلة التي نشأت عن المكتشفات الجديدة.
لا يمكن إجمال صفقة دون اعتراف بالفروقات وبتصريح كامل عن الماضي. تصفية رئيس البرنامج فخري زادة، ألحقت بالفعل ضرراً جسيماً بالبرنامج، ما يثبت أن تصفية العلماء المتصدرين أو قادة البرنامج على ما يبدو أكثر من تصفية البنى التحتية، ولكن هذا لا يغني عن المطالبة بألا تسمح أي صفقة بوجود مجموعات سلاح مثل SPND وما ينشأ عنها. ومعالجة وسائل الإطلاق، وبالأساس الصواريخ الباليستية القادرة على حل رؤوس متفجرة نووية، تتطلب أكثر من قرار من الأمم المتحدة القابلة للتفسير والإلغاء. فحظر السلاح الذي ضعف في 2015 سينتهي في 2023. كل صفقة يجب أن توقف تطوير الصواريخ هذه، مع أن إيران تدعي أنها ليست في المفاوضات. وتحت الضغط يتغير الموقف.
يعد بايدن بصفقة “طويلة وقوية وواسعة أكثر”. الخطوة إيجابية مقارنة بزعم أوباما أن الصفقة قطعت كل مسار إلى السلاح إلى الأبد، ولكنها خيال عديم المعنى إذا ما عادوا إلى اتفاق 2015. ولن يكون للإيرانيين أي حافز للعودة إلى المفاوضات، وستصبح إيران دولة حافة نووية حتى 2031.
لن يصطدم بينيت علناً بالولايات المتحدة، وهذا حسن الآن، ولكنه ملزم بأن يكون حازماً في نقل المبادئ المركزية: لن تكون إسرائيل جزءاً من الاتفاق إذا تضمن العودة إلى الاتفاق. ستحافظ إسرائيل على “حرية عمل” كاملة، ونوصي بأن تعمل الولايات المتحدة وإسرائيل معاً على جمع المعلومات عن برنامج السلاح الذي يحظر على الولايات المتحدة أن توافق على ثلاثة مطالب إيرانية: عدم فتح الـPMD وألا تستخدم معطيات الأرشيف، وألا ترد على نتائج الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
كي تبقى إسرائيل ذات صلة، فعليها أن تعزز الخيار العسكري (لا MOP ولا قاذفات استراتيجية. فثمة سبل أفضل بكثير). وعلى رئيس الوزراء أن يوضح بأن إسرائيل ستعمل وحدها إن لم يكن من مفر. كل مؤشر علني على أن القدس ستعمل بموافقة أمريكية فقط سيورط واشنطن، ويصعب على بايدن نفي المشاركة، وقد يعقد أو يمنع العمل الإسرائيلي.
ويحظر على إسرائيل الدخول الآن في محادثات “التعويض” مع الإدارة، وأن تمتنع عن كل حديث عن تعريف معنى الاتفاق “الطويل، القوي والواسع أكثر”، قبل أن توافق إيران رسمياً على الدخول في المفاوضات. وسيؤدي الفشل بإسرائيل إلى أن تأكل السمك الفاسد ويُلقى بها من المدينة.
كل إشارة بأن القدس مستعدة للمساومة على مبادئها ستغير السياسة والمشهد السياسي في واشنطن، ولا سيما قبيل انتخابات الوسط في 2022 وانتخابات 2024. الموظفون وأصحاب المصالح، الذين يسربون للمراسلين في إسرائيل والولايات المتحدة عن الرغبة الإسرائيلية في التعويض وعن المطالب التي تريدها إسرائيل وتحتاج لأن تطرحها، يريدون الضغط على رئيس الوزراء، ولكنهم سيضرون إسرائيل وسيضرون علاقاتها مع الولايات المتحدة.
حكومة إسرائيل ملزمة بالبقاء موحدة وأن تشرح لبايدن سبب خطأ مستشاريه. أما إضافة مواضيع إقليمية، وصواريخ تقليدية أو معالجة QME للمحادثات الحالية فستكون خطأ. وبعد أن تحل مشكلة النووي، يمكن للولايات المتحدة وإسرائيل أن تتصديا معاً لباقي المواضيع.