غسان كنفاني ..فارس أدب المقاومة ،،، محمد سالم

الخميس 08 يوليو 2021 09:08 ص / بتوقيت القدس +2GMT
غسان كنفاني ..فارس أدب المقاومة ،،، محمد سالم



لكنعان تبكي طيورُ الندى.. لقد كان برقاً يثورُ، فيُنجب رعداً، فتبكي الغيومُ، وتبكي السماءْ.. وما كان كنعانُ، إلاّ حنينَ المُحبِّ لأحبابه الفقراء.. كنعانُ المولود في عكا، شمال فلسطين، في التاسع من نيسان عام 1936، استشهد  في تموز 1972.. في انفجار سيارة مفخخة. على أيدي عملاء إسرائيليين في خِسَّةٍ غادرةٍ مجرمة؛ استشهد وهو عائد الى حيفا و ارض البرتقال الحزين؛ تقبل التعازي في أي منفى. وهذا  "ما تبقي لكم"؟.


هذا المقال كتبته على ذكرى الالم ، ذكرة استشهاد فارس الأديب المقاوم غسان كنفاني، وأنشره بدون تعليق.. إكراما لسيرة الرجال. أن دوره في القضية الشريفة العادلة يحتاج إلى بحثٍ مطول . ان فلسطين التي يجري حبها في كل قطرة في دمائه،وكل مناديًا بالوحدة الوطنية بعقل وحكمة و طهارة النفس والعلو عن الصغائر؛ كان  دون ذلك الموت؛  ألا إلى غير رجعة يا زمن الهمس والصراخ، والنوم المفزَّع، والقلق الشائع، والخوف المبيد، والوطن الحر، والدم المسفوك، والشعب الجريح، والتاريخ الممزَّق، والأمل المظلم، واليوم الكالح، والغد العبوس، والحق المضاع.
 

ولما عشت للدنيا متواضعا بإعراضك عنها وللآخرة معزٍّا بإقبالك عليها صغر في عينك ما كبر في اعين الاخرين" عندما اقرأ هذه الأوصاف ارآها تتمثل تمامًا في سجايا شهيد القضية الشريفة غسان كنفاني، وأنه يمكننا أن نقول فيه نفس هذه الكلمات، و لأنك في كل المقاييس أكبر .. لأنك انقى واغلى واطهر وحيد شببت وحيدا رحلت وحيد اهديك حلم حياتك حبرا وان كان هذا الحلم تأخر، فمن جاء بالوعد لم يتأخر. فلا أجدُ من كلمات الحب والاخلاص والوداع و الشكر والامتنان والتقدير ما يفي نُبلك وثقافتك واحترامك وحبك لقضية شعبك، ولمهنة الكتابة والادب والصحافة، المبدع والاديب العالمي الكبير ، الذي اعتاد طوال عمره أن يقولَ الحقَّ في زمن يخافُ كثيرون فيه من مناصرته. الرجل النبيل الذي يساوي قلمُه، ما يفوق ثِقَلُه قافلةً من المرتعدين الراجفة قلوبُهم عن قولة حق. ولأن قلمك كان حرٍّا جريئًا لم تنافق سلطة، ولم تحنِ رأسك، ولم تتنازل عن رأيك ولم تكتب إلا ما يمليه عليك ضميرك وقضية شعبك. ولد عملاقًا.. ومات شهيدا .. نبيلاو سيدا.. شهما.. مكرما.


ما أريد التحدث فيه هو جانب من جوانب شخصيته، وهو الشجاعة والجسارة وقول الحق، وهي ميزات نادرًا ما نجدها في الناس، فكلمة الحق قالها حينما كان الحق لا يُقال بل لا يجرؤ أحد على التفكير فيه، قالها في فترة كانت السجون مفتوحة على مصراعيها، والمعتقلات تفتح ذراعيها للداخلين، والمخابرات تعمل بجد ونشاط للتجسس على الفلسطينيين، وليس على الأعداء!! كان يقول ويكتب الحقيقة؛ ويعلم لله كم كانت الحقيقة محفوفة بالمخاطر! ويعلم لله كم من ضحايا كلمة الحق سقطوا في أيدي الصهاينة والزبانية وذاقوا التعذيب والأهوال وهم شهود على هذه الفترة العصيبة من تاريخ اشباه العرب، ولو كانت الكلمة بلا قيمة لما قتلوا كنفاني في الثلاثين من عمره ولم يصبروا على حروفه ..ولو كانت خربشات القلم هينة لما أصابهم الرعب من كاريكاتير لطفل اسمه حنظلة حتى اغتالوا صاحبه!!. الا حقا و صدقا ما يقوله الشاعر العربي " إِنَّ الـعَـظـائِـمَ كُفؤُها العُظَماءُ "

كتب غسان كنفاني ،بشكل أساسي بمواضيع المقاومة والتحرر الفلسطيني وكانت رواياته وقصصه القصيرة ومعظم أعماله الأدبية الأخرى قد كتبت في إطار قضية فلسطين وشعبها فمواهبه الأدبية الفريدة أعطتها جاذبية عالمية شاملة. ويستطيع ابهارك في كل لحظه بكل مثير عميق و طريف خلاب، و حيث تكون لغة طيعة بليغه شديدة الثراء شديدة الوضوح، ناعمه حاده كشفرة الموسي ان لم تتعامل معها بحذر و حذق جرحتك و أسالت دمك. بهذه اللغة أصبح غسان كنفاني- ربما - هو الوحيد بين كتاب العربية المعاصرة الذي يستطيع قول ما يريد قوله. يستطيع كذلك انتقاد أي وضع و أي شخصيه بكل حده و قسوة دون أن يتورط في أي خروج عن اللياقة أو حدود الأدب. أصدر كنعان فلسطين ، حتى تاريخ وفاته المبكّر ثمانية عشر كتاباً، وكتب مئات المقالات والدراسات في الثقافة والسياسة وكفاح الشعب الفلسطيني.

كأحد أشهر الكتاب والصحافيين العرب في القرن العشرين. فقد كانت أعماله الأدبية من روايات وقصص قصيرة متجذرة في عمق الثقافة العربية والفلسطينية. ونشرت جميع مؤلفاته ، في طبعات عديدة. وجمعت رواياته وقصصه القصيرة ومسرحياته ومقالاته ونشرت في أربعة مجلدات. وتُرجمت معظم أعماله الأدبية إلى سبع عشرة لغة ونُشرت في أكثر من 20 بلداً، وتمّ إخراج بعضها في أعمال مسرحية وبرامج إذاعية في بلدان عربية وأجنبية عدة. اثنتان من رواياته تحولتا إلى فيلمين سينمائيين. وما زالت أعماله الأدبية التي كتبها بين عامي 1956 و1972 وتحظى اليوم بأهمية متزايدة.

  يبدا بتغريبة النكبة و مأساتها والادب المقاوم على صعيد الرفض والتمسك الصلب بالثوابت والمواقف والجذور ، ودرس وكتب عن القضية الفلسطينية فيما عاناه الشعب الفلسطيني من قتل وتهجير واحتلال ارض فلسطين ، حين وقعت فظائع الجنود العصابات الصهيونية  أثناء نكبة عام 1948 م في كل فلسطين من سلب ونهب؛ على رغم أن العصابات الصهيونية’ قد اقترفوا مثل هذه الجرائم في أنحاء البلاد، بعد أن اطمأنت  إلى أن جميع العرب  قد أحُيطوا علمًا بجرائم الصهاينة، فهو الذي قال ان فلسطين من بحرها الى نهرها هي كل فلسطين ولا وجود لشيء اسمه (اسرائيل) لذلك كان كنفاني هدفا كبيرا للاحتلال الصهيوني ولكل ابناء الزواني اعوان الصهاينة. وشكل اغتياله ضربة للمقاومة ولمنظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني.

 لكنه اعطي دافعا قويا بما تركه من ارث ادبي وفنى وصحفي تفرد به عن غيره من جيله (فإسرائيل) عندما تقدم على عمليات الاغتيال ، تظن انها ستخرس هذه الاصوات وانها ستقضى على اى صرخة فلسطينية تطالب بالحق الوطني وتجرم الاحتلال بشكل دائم؛ الا ان هذه المحاولات تبوء بالفشل ويخرج غسان كنفاني اخر ، وكتاب وصحفيون جدد، يتسلحون في معركتهم بما تركه شهداء سابقون ومن ، مشى في طريقٍ طويلٍ جدٍّا غير ممهد، ولكنه أصرَّ على السير حتى ودعه الوداع الأخير.

اخيرا .. الروائي والقاص والصحفي الفلسطيني، الشريف الحر. الشهيد غسان كنفاني قيمه انسانيه للنفوس البشرية؛ انسان عذب الروح نقي السريرة  عف  اللسان ، يذكر الناس بخير ما فيهم ويشيد بفضل ذوى الفضل فيهم،  فالأعلام لا يحتاجون للألقاب ابدا ، اذا ذكرت اسماءهم مجرده ، تداعت الي الاذهان ، قيمتهم وقامتهم ووهبهم القارئ  او المستمع ما يستحقون من التقدير والتبجيل والالقاب والمحبة ، غسان كنفاني، ليس من الاعلام فقط. غسان فارس فرسان الادب المقاوم،و اديبنا العالمي البارع ، مبدع الرؤى والأناقة الفكرية والادبية حقا ..يموت الروتين وتحيا القامات الفلسطينية الشامخة. فيكفي ان تقول ابو عمار او جورج حبش او ابو جهاد ، اومحمود درويش ، وغسان كنفاني او ناجي العلي او فدوى وابراهيم طوقان. او ابو الطيب’ الشهيد الطيب" عبد الرحيم محمود، اوسمح القاسم، وابو سلمي عبد الكريم ، او اميل حبيبي،  وتوفيق زيادة؛ وغيرهم، رحم لله شهداء شعبنا و قائدنا  الكبير الغائب الحاضر المغفور له ياسر عرفات
 وأنزلهم منازل الصديقين والشهداء وحسن اولئك رَفِيقًا. وحفظ الله وطننا وشعبنا العظيم.