كيف ستؤثر زيارة العاهل الأردني لأمريكا على مصير الوصاية الهاشمية على الأقصى؟

الأربعاء 07 يوليو 2021 08:31 ص / بتوقيت القدس +2GMT
 كيف ستؤثر زيارة العاهل الأردني لأمريكا على مصير الوصاية الهاشمية على الأقصى؟



وكالات

الوصاية الهاشمية على المسجد الأقصى قد تكون أحد محاور زيارة العاهل الأردني الملك عبدالله والذي سيكون أول أول زعيم عربي يزور البيت الأبيض منذ تولى الرئيس الأمريكي جو بايدن منصبه.

فقد لا تكون رغبة الرئيس الأمريكي جو بايدن في تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين كبيرة، ولكنه يبدو عازماً على منع بعض الأطراف الثالثة من استغلال الجمود الذي تمر به المنطقة لصالحها، حسبما ورد في تقرير لموقع Responsible Statecraft الأمريكي.

ويبدو أن هذه واحدة من الرسائل التي يحملها؛ كون الملك عبدالله ملك الأردن أول زعيم عربي يستقبله بايدن بعد توليه الرئاسة الأمريكي.

وتكتسب هذه الزيارة أهمية إضافية مع بداية إجراءات المحاكمة مطلع هذا الشهر بحق اثنين من كبار المسؤولين الأردنيين المتهمين بالتحريض على الفتنة والتآمر مع ولي العهد السابق الأمير حمزة بن الحسين، الأخ غير الشقيق للملك عبدالله الثاني، لزعزعة استقرار النظام الملكي. وأهمية هذه الرسالة تزداد في وقت تتنافس فيه العديد من الدول ذات الأغلبية المسلمة على السلطة الدينية الناعمة في العالم الإسلامي.

لماذا تسعى السعودية لمنافسة الوصاية الهاشمية على المسجد الأقصى؟
يقول الموقع الأمريكي: "تستند السعودية في مطالبتها بقيادة العالم الإسلامي إلى وصايتها على أقدس مدينتين في الإسلام، مكة والمدينة. وهذه المكانة السعودية، ستتعزز بدرجة كبيرة إذا حصلت الرياض على حصة في إدارة الحرم القدسي الشريف الذي تتولى أوقاف الحكومة الأردنية إدارته منذ قرن مضى".

وصراع السيطرة على المواقع الدينية في القدس له تبعاته. إذ يراها آل سعود مهمة لتعزيز زعمها الديني بقيادة العالم الإسلامي. 

أما للأردن وملوكه من العائلة الهاشمية الذين، على عكس آل سعود، يعود نسبهم إلى النبي محمد، فالأمر لا يتعلق بالسلطة الدينية وحدها؛ إذ يشكل الفلسطينيون أكثر من 40% من سكان الأردن، ولذا فالحفاظ على الوضع الحالي في القدس، التي يعتبرها الفلسطينيون عاصمة دولة فلسطينية مستقبلية، أمر أساسي لضمان استقرار النظام الحاكم بالأردن.

سر التوترات بين السعودية والأردن
وقد شهدت العلاقات بين الأردن والسعودية توترات في ظل غضب السعوديين من رفض الملك عبدالله الحاد لاعتراف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالقدس كاملة عاصمة لليهود، بما في ذلك الجزء الشرقي من المدينة الذي ظل تحت حكم الأردن حتى عام 1967، وخطة الرئيس الأمريكي للسلام بين إسرائيل وفلسطين التي تدعم بقوة السياسات الإسرائيلية المتشددة، والتي كان يعتقد أن هناك تأييداً ضمنياً من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لها.

وكان الملك عبدالله يشك في أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بنيامين نتنياهو يؤيد مشاركة السعودية في إدارة الحرم الشريف، لكنه غير متأكد من موقف خليفة نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، الذي يرفض فكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة، إلى جانب إسرائيل ويدعم النشاط الاستيطاني الإسرائيلي.

وقد نفى مسؤولون أردنيون التقارير التي أوردتها العام الماضي صحيفة Israel Hayom المؤيدة لنتنياهو، والتي تنقل فيها قول دبلوماسيين سعوديين إن الأردن على استعداد لمنح السعودية صفة مراقب في الوقف الذي يدير الحرم القدسي الشريف.

ولم تعلن السعودية رسمياً عن سعيها لانتزاع السيطرة من الأردن على الحرم القدسي الشريف، لكن اهتمام السعودية بذلك واضح في العديد من تحركات المملكة في السنوات الأخيرة.

إذ قال العاهل السعودي الملك سلمان، مستعرضاً عضلات السعودية المالية في قمة عربية في الظهران في أبريل/نيسان عام 2018، إنه سيتبرع بمبلغ 150 مليون دولار لدعم المقدسات الإسلامية في القدس. وكان الهدف من هذا التبرع جزئياً مواجهة الهبات التي قدمتها تركيا، التي تتنافس بدورها على السلطة الدينية الناعمة في العالم الإسلامي، للمنظمات الإسلامية في القدس وكذلك المساعي التركية لحيازة عقارات في المدينة.


ومن حينها، تنشب خلافات بين السعودية والأردن في المنتديات العربية بشأن سيطرة الأردن الحصرية على إدارة الأماكن المقدسة في القدس، ويعتقد أن الرياض تتودد إلى شخصيات دينية فلسطينية بارزة.

وفي نهاية ولاية ترامب، أثار اجتماع غير معلن بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو مخاوف في الأردن من أن مصير الأقصى قد يكون مطروحاً في صفقة تطبيع بين البلدين، حسب صحيفة The Guardian البريطانية.

في ذلك الوقت وتحديداً في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أصدرت وزارة الخارجية الأردنية بياناً تتحدى فيه "محاولات تغيير الوضع التاريخي والقانوني الراهن للمسجد الأقصى". وقال الناطق باسمها ضيف الله الفايز: إن المملكة ستواصل جهودها في حماية المسجد الأقصى والعناية به، والحفاظ على حقوق جميع المسلمين فيه؛ امتثالاً للوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.

وظهر قلق الأردن من التحركات السعودية، فيما وصف بالنسخة الأردنية من محاكمة القرن،

عندما تم وضع الأمير حمزة، الأخ غير الشقيق للملك عبدالله قيد الإقامة الجبرية، وحوكم رئيس سابق للديوان الملكي.

وقيل إن هناك مؤامرة ترمي للحصول على مساعدة أجنبية لاستغلال ضعف الملك المتصور في وقت كان تحت ضغط من إدارة ترامب والسعودية لقبول صفقة القرن، حسب تقرير لصحيفة Los Angeles Times الأمريكية.

وآنذاك، أرسلت المملكة العربية السعودية، الداعم المالي الرئيسي للأردن، وزير خارجيتها على الفور إلى المملكة بعد اندلاع الأزمة، وأكدت علناً دعمها للملك.

وأكد محمد المومني، عضو مجلس الشيوخ الأردني ووزير الإعلام السابق، أن هناك صلة بين مؤامرة الفتنة المحتملة والسياسة الإقليمية. 

الفكرة قد تمتد إلى الحرمين
لكن التوسع في إدارة الأماكن المقدسة في القدس قد يعيد إلى الواجهة فكرة تدويل الوصاية على مكة والمدينة بدورهما، حسب موقع Responsible Statecraft.

 وهذا المقترح، الذي كثيراً ما تطرحه إيران، يبعث قشعريرة في نفس السعودية.

وكان مالك دحلان، وهو محامٍ دولي سعودي المولد يعتقد أنه مقرب من الأمير الأردني حمزة، قد أشار في مقال له في صحيفة Haaretz عام 2019 إلى أن خطة ترامب لإسرائيل وفلسطين قد تنجح إذا بدأت المرحلة الأولى بـ"اتفاق على حكم القدس". 

وكتب قائلاً: "نهج (القدس أولاً) ينطوي على فكرة (التدويل التكاملي)، والتي بالمناسبة أنصح بها أيضاً لمكة والمدينة". ولم يكن ثمة ما يشير إلى أن الأمير حمزة يتفق مع رأي مالك بخصوص مقدسات السعودية.