تأثير الانتخابات القادمة على سياسة ايران الخارجية..صالح القزويني

السبت 19 يونيو 2021 01:14 م / بتوقيت القدس +2GMT



يكاد موضوع طبيعة السياسة الخارجية التي ستنتهجها ايران بعد الانتخابات الرئاسية من أهم وأبرز المواضيع التي يبحثها المعنيون والمهتمون بالشأن الايراني، لانعكاساته المباشرة وغير المباشرة على العديد من الملفات والقضايا الاقليمية والدولية.

وقبل أن أخوض في صلب الموضوع عليّ أن أشير الى نقطة في غاية الأهمية، وهي أن هناك ملفات تتعلق بالسياسة الخارجية الايرانية، لايطالها التغيير الذي يطرأ على الحكومات، كالقضية الفلسطينية أو العلاقة مع حزب الله أو فصائل المقاومة، فحتى لو تأتي حكومة أو شخص لا يؤمن بالتدخل الايراني في سوريا أو العراق أو سائرالمناطق، ولا يؤمن بضرورة تقديم الدعم لأحزاب المقاومة في فلسطين أو غيرها من المناطق، فان موقف هذه الحكومة والشخص ربما يؤثر بشكل جزئي على هذه القضايا كأن تخفض حكومته من حجم الدعم المادي الايراني لهذا الفصيل أو ذاك، ولكن لن يصل الى حد المساس بمبدأ دعم ايران للفصائل المقاومة.
وبما أن الشيء بالشيء يذكر هنا فان المنتقدين لحكومة الرئيس الحالي حسن روحاني يأخذون عليه ان موقفه بقى ضبابيا تجاه الاستثمار واعادة الاعمار في سوريا رغم الدور الكبير الذي لعبته ايران في حرب سوريا على الارهاب، وقد يعود السبب في ذلك الى أن روحاني لم يكن يؤمن بضرورة التدخل في سوريا، بل أن بعض قيادات التيار الاصلاحي الذي يدعم حكومة روحاني انتقد بشكل علني وصريح التدخل الايراني في سوريا.
هذه المقدمة تضيء جانبا مهما في السياسة الخارجية الايرانية، وأوردتها لا لكي أقول أن توجهات رئيس الحكومة لن تؤثر على سياسة ايران الخارجية، وإنما لأقول أن هناك ملفات لا تخضع للتغييرالذي يطرأ على البلاد بعد الانتخابات، خاصة اذا عرفنا أن السلطات الايرانية العليا ومن بينها المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني غالبا ما تتخذ القرار الحاسم تجاه تلك الملفات.
هناك حيز من التأثير يتركه الرئيس المنتخب على السياسة الخارجية الايرانية، وليس لنا معرفة طبيعة هذا التأثير ما لم نعرف التوجهات السياسية للرئيس المنتخب، ويمكننا معرفة ذلك من خلال التيار الذي يدعمه والأفكار والمواقف التي يتبناها.
لذلك علينا أن نعرف من الذي سيفوز في الانتخابات لنعرف طبيعة سياسته الخارجية، وفي هذا الاطار فانه يسود الاعتقاد أن التيار المحافظ أو الأصولي هو الذي سيفوز فيها، وذلك لسوء أداء التيار الاصلاحي الذي حكم ايران على مدى السنوات الثمانية الأخيرة فقد كان مخيبا خاصة على الصعيد الاقتصادي.
من هنا وبما أن مرشحي التيار المحافظ وجهوا انتقادات لاذعة لحكومة روحاني فمن الطبيعي أن ينتهجوا سياسة مخالفة لسياسته على الصعيد الخارجي، غير أن التيار المحافظ فيه المعتدل والوسط والمتشدد، ولكل توجه من هذه التوجهات لديه مرشح في الانتخابات، ومن المؤكد أن من يفوز في الانتخابات ينفذ سياسة التوجه الذي يؤمن به، إلا أن التنافس يحتدم حاليا بين التوجهين الوسط والمتشدد، أي بين رئيس مجلس القضاء السيد ابراهيم رئيسي وبين الأمين السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي.
اليوم تعيش ايران وضعا استثنائيا نتيجة العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة عليها، لذلك لا يمكن التكهن بالسياسة التي سينتهجها الرئيس الايراني القادم مع بقاء الوضع الحالي على شكله الحالي، ولكن اذا عاد الوضع الى طبيعته والغيت العقوبات عن ايران وشهدت علاقات ايران مع أميركا بشكل خاص ومع الغرب بشكل عام نوعا من الهدوء؛ فاذا فاز رئيسي في الانتخابات (وهو المرجح) فاننا سنشهد سياسة خارجية ايرانية معتدلة والى حد ما مرنة، ولكن لا تصل الى مستوى المرونة التي انتهجتها حكومة روحاني.
ولكن اذا فاز جليلي في الانتخابات فاننا سنشهد سياسة خارجية متشددة تطبق مبدأ التعامل بالمثل بكل دقة، وستكون شبيهة الى حد ما للسياسة التي انتهجها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، لذلك فليس من المستبعد أن تندلع الحرب بين ايران والغرب اذا استمرت الولايات المتحدة بفرض العقوبات والتهديدات ضد ايران.
باحث في الشان الايراني