معاريف - بقلم: تل ليف رام "تعلن القيادة الأمنية والسياسية في إسرائيل بأن سياسة الرد تجاه قطاع غزة تغيرت، وأن ما كان حتى حملة “حارس الأسوار” لن يكون.
ولكن مع كل الاحترام للتصريحات، فإن هذه السياسة ستختبر على مدى الزمن – وفي الميدان. فهي تتشكل من القرارات السياسة والردود العسكرية، وثمة تقدير بأن تتحدى حماس هذه السياسة في المدى القريب. ومن هنا قد تكون احتمالات التصعيد أعلى.
في الماضي أيضاً كانت حالات أغارت فيها طائرات قتالية لسلاح الجو على أهداف لحماس رداً على حرائق اشعلت في غلاف غزة كنتيجة لإطلاق بالونات حارقة. ولكن لم تكن طريقة العمل هذه ثابتة على مدى الزمن، وغيرت إسرائيل مرات عديدة ردود فعلها كي تمتنع عن التصعيد.
في غارات سلاح الجو ليلة أول أمس، حافظت إسرائيل على المدى والتوازن واختارت ضرب أهداف بنى تحتية لحماس لم تكن مأهولة عند الغارة، بل ولا تعد أهدافاً نوعية. موقف الجيش الإسرائيلي هو أنه، بخلاف الماضي، سيواصل الرد بشكل ثابت ومنهاجي ضد استمرار الإرهاب من القطاع.
وبالتالي، في أعقاب استمرار إطلاق البالونات، سيواصل سلاح الجو الهجوم. ولما لا تزال بين إسرائيل وحماس فجوات واسعة في كل ما يتعلق بالتفاهمات بعد الحملة، فإن احتمال الوصول إلى تصعيد ومواجهة إضافية أعلى بكثير من احتمال الوصول إلى تسوية.
ولكن تغيير السياسة تجاه القطاع لا يرتبط فقط بطريقة استخدام القوة العسكرية. فالقسم الآخر من المعادلة التي تسعى إسرائيل لتغييرها يرتبط بالقناة السياسية. من ناحية إسرائيل، لم تنته الحملة الأخيرة بعد بإنجاز سياسي يضمن الهدوء والاستقرار الأمني لمواطني إسرائيل بعامة وسكان الجنوب بخاصة. فإسرائيل تطرح هذه المرة شروطاً أكثر تصلباً كي تصل إلى تسوية في القطاع، خصوصاً حول مسألة الأسرى والمفقودين وآلية رقابة أكثر تشدداً على الأموال والبضائع التي تدخل إلى القطاع.
وهي شروط لا تعتزم حماس قبولها، ومن الصعب أن نرى في هذه المرحلة توافقات بين منظمة الإرهاب وحكومة إسرائيل الجديدة. وعليه، فإذا ما قررت إسرائيل هذه المرة الوقوف عند المبادئ التي تقررت (المعابر تبقى مفتوحة بشكل ضيق، مجال الصيد لا يتسع، المال القطري لا ينقل وغيرها) وبالتوازي لا ينجح المصريون في محاولات الوساطة ويواصل سلاح الجو الهجوم في القطاع – فإن التصعيد التالي سيكون مسألة وقت فقط.
حتى لو سعت إسرائيل لتغيير الاتجاه السياسي أو العسكري حيال القطاع، فإن من يتوقع حلولاً سحرية سريعة سيخيب ظنه. فالطريق للوصول إلى غاية سياسية هدفها إحلال الهدوء والاستقرار الحقيقي في الجنوب، لا يزال طويلاً. صحيح أن حماس عدو ضعيف، ولكنها عنيدة ومتطرفة، وهي لا تعتزم التنازل بسهولة.
رغم تسويق نشط للحملة الأخيرة باعتبارها حملة ناجحة، لم تتسبب بالأمر الأهم- تغيير في وعي العدو بحيث لا يكون مستعداً لأخذ المخاطرات لمواجهة عسكرية أخرى مع الجيش الإسرائيلي. بعد شهر من نهاية الحملة، إذا لم يسجل حتى الآن إنجاز سياسي، سيبدو الطريق إلى هناك طويلة قد يتضمن جولات تصعيد أخرى.
من حق الحكومة الجديدة طلب الصبر من الجمهور، بشرط واحد – أن تكون هذه المرة حقاً طريقاً سياسية تعرض اتجاهاً آخر. وعليه، على الحكومة واجب البرهان.