شهد الملف الفلسطيني تطورات عديدة خلال الساعات الماضية، على صعيد مباحثات تثبيت وقف إطلاق النار في الأراضي الفلسطينية، وتطورات مباحثات إعادة اعمار قطاع غزة، ومحاولات ترتيب البيت الفلسطيني. وقالت مصادر مصرية خاصة لـ"العربي الجديد"، إن القيادة المصرية، التي تشرف على ملف الوساطة بين الاحتلال الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية لتثبيت وقف إطلاق النار، ومحاولة التوصل إلى هدنة طويلة المدى، طالبت الإدارة الأميركية بضرورة التدخل والضغط على المسؤولين الإسرائيليين في الوقت الحالي، وعلى رأسهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، لوقف أي محاولات من شأنها تفجير المشهد في الأراضي الفلسطينية مجدداً.
وأضافت المصادر أن المسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصري، أبلغوا نظراءهم الإسرائيليين بخطورة التحركات الإسرائيلية التي من شأنها العودة إلى المربع صفر وإشعال مواجهة عسكرية مجدداً بين جيش الاحتلال وفصائل المقاومة، مشددين على ضرورة منع مسيرة الأعلام من الدخول للمدينة القديمة في القدس، والمساس بالحرم القدسي.
أكدت الإدارة المصرية أن نتنياهو يرغب لأهداف سياسية في تفجير المشهد لأسباب داخلية
وكشفت المصادر أن اتصالات مصرية رفيعة جرت خلال الساعات الماضية، طالبت الإدارة الأميركية بضرورة الضغط على نتنياهو، وأكدت الإدارة المصرية أن الأخير يرغب لأهداف سياسية في تفجير المشهد لأسباب داخلية، في إشارة إلى عرقلة التصويت على الحكومة الجديدة في الكنيست، لافتة إلى أن تحركات نتنياهو وحلفائه، في حال نجاحهم فيها، ستنسف الجهد المصري الذي تحقق لوقف إطلاق النار أخيراً، خصوصاً في ظل وجود فرق هندسية مصرية حالياً في قطاع غزة.
وأوضحت المصادر أن الأجنحة العسكرية للفصائل ما زالت على استعداد لاندلاع مواجهة جديدة، في ظل الشعور بنشوة الانتصار على الجيش الإسرائيلي في المواجهة الأخيرة، وتدعو قيادات عسكرية في الفصائل لضرورة مواصلة الضغط على الجانب الإسرائيلي.
وكشفت المصادر أن الجانب المصري، وإلى جانب قلقه بشأن جهوده التي بذلها خلال الفترة الماضية، وحجم المساعدات التي تُضخ إلى قطاع غزة، ووجود معدات وفرق هندسة مصرية في القطاع حالياً، فإن الأخطر يكمن في المعلومات التي يقول إنه توصل إليها بشأن تنسيق متعلق بالمواجهة المقبلة، إذ أبلغت القاهرة الجانب الأميركي بأنها لن تكون بين غزة وإسرائيل فقط، وأنه ستكون هناك ثلاث جبهات في حال اندلاع مواجهة عسكرية موسعة، لافتة إلى أن هناك تنسيقاً كبيراً بين فصائل المقاومة في قطاع غزة، و"حزب الله" اللبناني، وفصائل مسلحة في سورية، ستنخرط جميعها في مواجهة مع الجيش الإسرائيلي، وهو ما من شأنه تفجير حرب إقليمية، وعلى كافة الاطراف منع اندلاعها، على حد تعبير المصادر. وأكدت أن نتائج المواجهة الأخيرة بين فصائل غزة والإسرائيليين فتحت شهية بعض الأطراف الإقليمية، في إشارة إلى إيران، لاستنزاف تل أبيب، وهو ما لا يدركه نتنياهو الساعي فقط للحفاظ على موقعه.
في مقابل ذلك، طالبت تل أبيب القاهرة بوقف إدخال مواد البناء إلى قطاع غزة، والاكتفاء بكميات الإسمنت التي أدخلت إلى القطاع عقب وقف إطلاق النار، إلى حين التوصل لصيغة عمل دائمة لعملية إعادة الإعمار توفر الحد الأدنى من الثقة للجانب الإسرائيلي بشأن عدم استخدام مواد البناء من إسمنت وحديد تسليح في عمليات إعادة بناء البنية التحتية للمقاومة.
وأوضحت المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، أن القاهرة أبلغت الجانب الإسرائيلي بالموافقة على الطلب بشكل مؤقت، قائلة إن الفترة المقبلة ستخصص لإجراء الدراسات الخاصة بمشاريع إعادة الإعمار التي يحتاجها القطاع، والتصميمات الخاصة بعمليات إعادة تأهيل البنى التحتية المدنية، وتنفيذ مشاريع من شأنها الحد من البطالة وتحسين المعيشة، وعلى رأسها إعادة إحياء الحي الصناعي المتوقف منذ فترة طويلة بعد استهدافه في 2014.
الفترة المقبلة ستخصص لإجراء الدراسات الخاصة بمشاريع إعادة الإعمار التي يحتاجها قطاع غزة
في غضون ذلك، كشفت المصادر المصرية عن سماح السلطات المصرية لزوجة رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" إسماعيل هنية، وعدد من أفراد أسرته، بالمرور من معبر رفح، ولقاء زوجها في القاهرة، بعد فترة منع استمرت لنحو عام ونصف العام، وعدم السماح لها بمغادرة القطاع. وقالت المصادر إن هنية أبلغ الجانب المصري بأنه يعتزم زيارة كل من بيروت وطهران وأنقرة عقب انتهاء زيارته للقاهرة، وقبل عودته إلى الدوحة مجدداً، مشيرة إلى أنه لا توجد خطط بشأن عودة هنية إلى غزة خلال الفترة المقبلة.
وكان هنية وأعضاء وفد الحركة في القاهرة قد التقوا الأمين العام لحركة "الجهاد الإسلامي" زياد النخالة ووفداً من قادة "الجهاد"، وجرى بحث التطورات السياسية في أعقاب معركة "سيف القدس" وتداعياتها متعددة الجوانب وطنياً وعربياً وإقليمياً ودولياً. وجرى خلال اللقاء التأكيد على أن المعركة حققت تحولات عميقة في المشهد، وأثبتت المقاومة قدرة عالية على التحدي، وكسرت المعادلات والاستراتيجيات التي حاول العدو أن يفرضها. وتم التشديد على وحدة المقاومة في الفعل وفي ميدان السياسة، والحفاظ على وحدة الشعب الفلسطيني حول الفعل النضالي والجهادي، ومواجهة التحديات معاً بصف موحد وبمواقف ثابتة. واعتبر الطرفان أن المعركة شكلت تغييرا جدياً في الميزان الاستراتيجي، وأعادت قضية القدس إلى الواجهة، وأثبتت أن المقاومة قادرة على تحقيق الإنجاز. وجرى بحث سبل تحقيق الوحدة الوطنية وترتيب البيت الفلسطيني على قاعدة الشراكة الحقيقية وتفعيل عناصر القوة الفلسطينية.