على الرغم من سوء الوضع الإقتصادي في قطاع غزة والحصار المفروض عليها من جميع الجهات والذي يجعل القطاع أكبر سجنا في العالم إلا أنه شبابه لا تنفك عن الخروج دائما بإبداع وأفكار جديدة من رحم المعاناة والفقر الذي يشهده القطاع، وهنا حديثنا عن طاقة شبابية جديدة رغم العقبات التي تواجهها إلا أنه بالمثابرة والتخطيط الجيد شقت طريقها نحو آفاق المستقبل.
بخيط من الصوف وإبرة نجحت أية مغاري 23 عاما من قطاع غزة في صنع العديد من اللوحات الفنية والتي حصدت إعجابا كبيرا بين متابيعنها على مواقع التواصل الإجتماعي، واتخذت أية موهبتها مصدرا للدخل لها في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة التي يعشيها قطاع غزة.
شغف الخياطة والأعمال اليدوية لدى أية ساعدها على التعمق في هذا الفن والبحث على ما هو جديد لتطور من مهارتها، خاصة أنها كانت تمتلك الكثير من وقت الفراغ في ظل الحجر الصحي بعد انتشار فايروس كورونا بالقطاع، وبعد البحث المستمر وجدت أية طريقة الرسم بالصوف.
استغلت أية فترة الحجر الصحي أفضل استغلال وقامت بتعلم هذا الفن عن طريق الإنترنت لأنها ترى أن مهارات الصوف في قطاع غزة محدودة، وبعد التدرب المستمر نجحت أية في صناعة بعض السجاد والمفارش البيتية ومكملات الديكور، ولم تقف لهذا الحد بل دمجت بين موهبتها في الرسم والخياطة وتطرقت لرسم بعض الشخصيات والرموز الفلسطينية بالصوف.
واستطاعت رسم شخصيات باستخدام الجرافيك باللونين الأبيض والأسود، ثم أظهرت ملامح وجوه الشخصيات باستخدام اللون الرمادي.
وبذلك أنشأت أية مشروعها الخاص "النسيج" بشعار خاص بها والذي يعتمد على استخدام فن الصوف في صناعة السجاد ومكملات الديكور بطريقة جديدة وذلك بدمج الغرزة الأجنبية مع الهوية الفلسطينية، وتستقبل آية الآن طلبات رسم للشخصيات من غزة وخارجها بالحجز عن طريق صفحاتها على مواقع التواصل الإجتماعية.
وحول الصعوبات التي تواجه أية مغاري، أوضحت أية أن شراء الأدوات المستخدمة في الرسم بالصوف لم يكن بالأمر السهل لأنها نادرة وغير متوفرة، وكما أن قلة رأس المال يشكل عقبة كبيرة أمام أية في مقابل ارتفاع أسعار المواد الخام من صوف وقماش وماكينة الخياطة، مضيفة أن الكهرباء الغير منتظمة تؤثر عليها لأن عملها يحتاج إلى إنارة عالية ولساعات طويلة حتى تتقن العمل بشكل دقيق وصحيح.
خلف هذا النجاح الكبير جنود مجهولون يدعمون آية في كواليس مشروعها بشكل مستمر، هؤلاء الجنود هم أفراد عائلتها الداعم الأول والكبير لها، حسب قولها، حيث قامت آية بتعليمهم بعض الأمور البسيطة، فهي تقوم بالرسم وهم يطبقوها بالخيط وذلك من باب تخفيف الضغط عليها ودفعها للاستمرار، مضيفة أن أصدقائها يشجعونها دائما ويعجبون بلوحاتها، وردات فعل متابعينها تشجعها على الاستمرار دائما وابتكار كل جديد.
والجدير بالذكر أنه سبق لأية رسم الكثير من الوحات الفنية، والمشاركة في بعض المعارض، وسعت دائما على تطوير موهبتها بالحصول على دورات تتعلق بالفن التشكيلي المعاصر، ورسمت لوحات وفق رغبات زبائن لها وتم بيعها.
وفي حديثنا عن ما يميز مشروعها عن غيره من المشاريع قالت أية أنها دمجت ما بين تخصصها بالجامعة وهو إدارة الأعمال وما بين موهبتها بالخياطة والرسم ليتنج مشروع ناجح من حيث الابتكار والدراسة الصحيحة والاستمرارية، مشيرة إلى أن الرسم باستخدام الصوف من الفنون النادرة في العالم وهذا ما جعلها أول من يرسم باستخدام الصوف في فلسطين.
لن يتوقف طموح أية لهذا الحد بل أنها تطمح لتحويل مشروعها إلى متجر وملحق بورشة عمل يكون خاصا بالإناث وذلك لتدريبهم بشكل كامل وتوزيع أعمالها على نطاق أوسع وتحقيق نجاح أكبر.