منذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها الملياردير الأميركي جيف بيزوس أنه سيصعد للفضاء مع أخيه في أولى رحلات شركته، "بلو أورجين" (Blue Origin)، ارتفع سعر المقعد الواحد في هذه الرحلة السياحية إلى أكثر من 3 ملايين دولار في منصات المزادات الشهيرة مثل "آر آر أوكشن" (RR Auction).
بالطبع، إن إعلان بيزوس الأخير مفهوم، فهو لا يفعل ذلك فقط لأجل الصعود للفضاء؛ بل للتأكيد على قدر الأمان الذي تعد به شركته فئة خاصة جدا، وجديدة تماما، من مرتادي الفضاء، وهم السياح من الطبقات الغنية بالطبع.
أحلام بيزوس
في مقابلة أجريت معه قبل عدة سنوات، قال بيزوس إنه حينما كان شابا صغيرا أراد بناء فنادق فضائية وملاهٍ ومستعمرات تضم 2-3 مليون شخص، في مدار حول الأرض، مضيفا أن السياحة ستكون حركة أولية لنتعلّم آليات إجلاء البشر للفضاء، ويصبح الكوكب متنزها يوما ما.
بناء على أحلامه، أُسست شركة "بلو أورجين" عام 2000 في مدينة كنت (Kent) بولاية واشنطن الأميركية، وبدأت بتطوير أنظمة الدفع الصاروخي ومركبات الإطلاق أولا، وبعد ذلك بـ5 أعوام بدأ العمل على الصاروخ الأول "نيو شيبارد" (New Shepard).
نيو شيبارد، هي مركبة "إطلاق عمودي وهبوط عمودي" (vertical-takeoff, vertical-landing)، ويعني ذلك أنها -مثل صواريخ "سبيس إكس" (SpaceX)- تتمكن من الهبوط ويمكن إعادة استخدامها مرة أخرى لأكثر من 25 مرة، وفق الشركة.
المحركات الأولى
بدأت تجارب النموذج الأولي للمحرك الخاص بنيو شيبارد عام 2006، وهو بالكامل من إنتاج الشركة. بعدها بـ4 سنوات تم تطوير المحرك بشكل جوهري، ثم اختبرت إمكانية الطيران بالصاروخ كاملا (بوحدة الدفع وكبسولة القيادة) عام 2015.
ومن المثير للانتباه أن الغالبية العظمى من تلك التجارب كانت ناجحة من المرة الأولى، ومن المتوقع أن تنطلق أول رحلة مأهولة بالركاب للمركبة في 20 يونيو/حزيران الجاري، وهي أيضا أول رحلة سياحية لها.
يتفق ذلك مع سياسة "جيف بيزوس" في التقدم البطيء بالشركة، فهو يبني تحالفات قوية على نطاقات اقتصادية وسياسية، ويعطي الجزء النظري وقتا أطول لتكوين قاعدة أساسية ثقيلة للعمل؛ لذلك فإن النتائج تتسارع في النهاية معتمدة على ما سبقها من تجهيزات.
وبشكل عام، فإن هدف بلو أورجين كان خفض تكلفة رحلات الفضاء حتى يتمكن البشر من مواصلة استكشاف النظام الشمسي بشكل أفضل. ويرى بيزوس أن ذلك يمكن تحقيقه بأن يبدأ الأمر بصورة رحلات سياحية وتجارية، تساعد بدورها في دعم العلم الخاص بهذا النطاق.
نيو غلين
لهذا السبب، فإن الصاروخ الصغير "نيو شيبارد" كان فقط البداية، حيث تخطط الشركة لإطلاق الصاروخ الجديد "نيو غلين" (New Glenn) في 2022، وقد بدأ العمل عليه في 2012، وتم الكشف عن رسومه التوضيحية ومواصفاته عالية المستوى بعدها بـ4 سنوات.
"نيو غلين" الأول سيكون صاروخا من مرحلتين، يبلغ قطره 7 أمتار وطوله نحو 90 مترا، ويتم تشغيل مرحلته الأولى بواسطة 7 محركات "بي إي-4" (BE-4) تم تصميمها وتصنيعها بواسطة "بلو أورجين".
وبعد نجاح نيو غلين في المرحلتين، يتبعه بناء الصاروخ "نيو غلين" ذي الثلاث مراحل، وسيكون بطول حوالي 100 متر، وهو أداة شركة "بلو أورجين" للانطلاق في المجموعة الشمسية، القمر كبداية، ثم المريخ.