بالعقل و القياس و المنطق ، فأنت عندما تعتنق فكراً ، أو تنتهج سبيلاً ، مذهباً ، عقيدة ، أو تنتمي إلى حزب أو تنظيم أو حركة أو حتى نادي .. فقرارك يكون مبنياً على أسباب ، ذاتية و موضوعية .. فبقدر ما يعبر هذا ( الكيان ) عن توجهاتك ، و معتقداتك ، و يتلاقى مع رغباتك و طموحاتك و آمالك ، بقدر ما تنتمي لهذا الكيان ، و تعتبره ممثلاً لك .
فالعلاقة الصحية ، يجب أن تكون مبنية على رؤية ، و منطق ، و منفعة مشتركة ، و كلمة منفعة ليست كلمة بذيئة ، فالمنفعة يمكن أن تكون مادية و يمكن أن تكون معنوية أيضاً .. المنفعة أحياناً يمكن أن تكون في ( حالة الرضا ) أو في ( راحة الضمير ) و إن لم يترتب عليها منافع مادية و لا رصيد و لا قطعة أرض و لا وظيفة ولا سيارة ..
و بمجرد أن يُخل ( الكيان ) قولاُ أو عملاً بمناطق الإتفاق تلك ، فهو يُخل بمصداقية التعبير عنك . أليس كذلك ؟
عندها لن يلومك أحد إن أنت بحثت عن كيان آخر ، أو إطار جديد ، يكون أكثر قرباً منك ، و من رؤيتك و مفاهيمك و طموحك ، سواء الشخصي أو الوطني أو الديني ...
و أسلوب ( أخذته العزة بالإثم ) هو من أبشع الصور التي يمكنها أن تنحط بالإنسان ، و تجعل منه عبداً للفكرة أو للكيان ـ اللات و العزى و هبل - إرتكازاً منه على حمية جاهلية ، و عقيدة بالية . التمسك بمنطق ( هذا ما وجدنا عليه آباءنا ) و تحويل الفكر و التنظيم أو الحزب إلى ( قبيلة ) هو ما نحن عليه للأسف .. بالطبع هذا موجود في مجتمعات كثيرة ، و لكنني هنا أخص بالذكر مجتمعي الفلسطيني .
فبين سحيجة ( أُعل هبل ) و قطيع ( العزة للعزى ) ، و بين التطبيل ( لمناة ) و التتبيل ( للات ) ، و بين المسلح و المشلح ، أكاد أقسم أنك إن بحثت بجد ، عن مبادئ هذا وذاك ، و أهداف هذا و ذاك ، فأنك لن تجد أي فارق إلا في ( الصياغة و أسلوب الطرح ) .
فمن يقول لك لن نعترف بإسرائيل ، أعلن بالبنط العريض قبوله لمبدأ التفاوض ( حلال حلال ) ،سواء كان بالواسطة أو مباشرة لا يهم ، و من يقول لك فلسطين من البحر إلى النهر ، قبـِل و يقبل بالضفة و غزة ، بل و بالحدود المؤقته بغير القدس ..
و من يقول لك ، لا للعنف ، و السلام إستراتيجي و التفاوض أسلوب ، و التنسيق الأمني مقدس ، لا يختلف في غاياته عن غيره ، و لا يريد غير ما يريد غيره .. ( و رؤيتهم لإمكانية النزول للإنتخابات بقائمة مشتركة ، و رؤيتهم لإمكانية توحدهم في حكومة واحدة خير دليل على ذلك ) ..
إذا كان الأمر كذلك ، فما هو المشكل إذن ؟ ولماذا كل هذه ( الحروب ) على صفحات الجرائد ، أخبار و مقالات و تحليلات ، و مواقع تواصل ، و لماذا كل ها النعيق و الساعات المهدورة و الأموال المسكوبة لإنتاج برامج و تزوير لقطات فيديو ، و تسريبات صوتيه و نقاش و جدل ، و ضغط و سكر ؟
السبب بسيط ، وهو أنك رغم كل مظاهر الحضارة التي تعيشها ، و الشهادات المعلقة على جدرانك ، يؤسفني أنك ما زلت تعيش في العصر ( الجاهلي ) ..
أنت ما زلت تختزل تنظيمك بصورة قائد ، أنت ما زلت تقدس ( شعار حزبك ) ، أنت ما زلت ( تعبد ) فلان و لأنه مختلف مع علان فبالتبعية ( يجب ) عليك أنت أيضاً أن تختلف مع علان ..
أنت تكره ( السلطة ) ليس فقط لأسباب موضوعيه من فساد و محسوبية و دكتاتورية و غيرها من الأسباب التي قد تراها ، و لو فتشت في ضميرك ستجد أنك تتألم ( شخصياً ) بسبب إحباطات معينة ، في ترقية أو منصب ، و معرفتك بعدم أحقية شخصيات بعينها ترى أنها لا تليق أو فاسدة أو ممجوجة .
أنت تكره حماس ليس فقط لأسباب موضوعية من فساد و محسوبية و دكتاتورية و غيرها من الأسباب التي قد تراها ، ولو فتشت في ضميرك ستجد أنك تتألم ( شخصياً ) بسبب إحباطات معينة ، في ترقية أو منصب ، و معرفتك بعدم أحقية شخصيات بعينها ترى أنها لا تليق أو فاسدة أو ممجوجة .
أنت ( إلى الآن ) يغريك ( الشعار الديني ) عند بعضهم ، لأنك لا تدرك أن الدين لله و أن الدين المعاملة ، و أن الدين ألا تؤذي أخاك ، و أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك، و تظن أن أهداف أصحاب الشعار الديني تختلف عن أهداف أصحاب الشعار ( اللاديني ) ..
أنت ( إلى الآن ) يغريك ( الشعار التحرري الديمقراطي العلماني الإشتراكي القومي ال .....إلخ ) لأنك لا تعرف أنها كلها عناوين مقتبسة من مبادئ دينية و أخلاقية و إجتماعية ..
و أن الشعارين ، الديني و اللاديني ، يعدانك بمجتمع فيه عدل و مساواة و سلام و سيادة و أمل ..
فالهدف واحد ، و أسلوب صياغة الطرح مختلفة ، و لك أن تختار ، دون عبادة أصحاب الطرح ، و كُتـَّــاب الصياغات ( القادة و السياسيين ) ..
لا حاجة إلى الإنتماء القبلي و العشائري إلى التنظيمات و الحركات و الأحزاب . و إلا فعلينا ، لكي نكون صادقين مع أنفسنا أن نغير أسماء تلك التنظيمات و الأحزاب ، لتصبح ( قبيلة كذا الإسلامية ، أو قبيلة كذا الوطنية ، و عشيرة كذا للمقاومة ، و عائلة كذا للسلام ) ولا ننسى أن نضع تحت الشعار : لصاحبها و مؤسسها فلا الفلاني .