ظهرت الطفلة الفلسطينية نانا العقاد (8 سنوات) خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عبر عدد من صفحات نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي في الأراضي الفلسطينية، وهي تحمل مرطبانا صغيرا فيه “حورية”، السمكة التي كانت تهتم برعايتها قبيل العدوان مع مجموعة أخرى من أسماك الزينة، لكن ومع شن الهجوم العسكري الإسرائيلي توفيت الأسماك، ولم يتبق سوى حورية.
التقط المصور الفلسطيني بلال خالد صور نانا برفقة ابن عمتها محمود العقاد (9 سنوات) وانتشرت صورهما عبر مواقع التواصل، وكانا يبدوان رغم الدمار والقصف الذي كان يلفهما من كل جانب وكأنهما عثرا على شيء ثمين، كانا يخافان أن يفقداه جراء القصف العنيف الذي طال المنطقة.
قالا وشعور الانتصار والفرح بإنقاذ حياة السمكة يبدو ظاهراً جلياً على ملامحهما:” انقذنا السمكة، ورح ننقذ العصافير”.
تقول نانا في حديث هاتفي مع”القدس العربي”: “أصحابي خفت عليهم كثير، كنت خايفه ما ألاقيهم، رحت بعد القصف الأول على البيت اطمن عليهم هما والعصافير، ما لاقيت أكل العصافير والمحلات كلها مسكرة، سألت عند الجيران، بس الحمد لله السمكة كانت عايشه، اخدتها وطلعت من البيت بسرعة لأني كنت خايفة”.
وتقول أم محمد العقاد والدة نانا “لم يكن في حساباتنا أن نغادر منزلنا، رغم الدمار الكبير والقصف المتكرر الذي طال مناطق في قطاع غزة، لكن الليلة التي سبقت القصف كانت الليلة الأخيرة في شهر رمضان، لاحظنا أن الاحتلال يستهدف المباني السكنية وكذلك البنوك”.
وتتابع “نسكن بجوار بنك الإنتاج في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة (أحد البنوك التي تم استهدافها من قبل إسرائيل)، نبعد عنه فقط أربعة أمتار. صبيحة يوم العيد، وأثناء قيامنا بالتحضير لاستقباله رغم الألم الذي يعيشة سكان القطاع، سمعنا أصواتاً تنادي علينا من الجيران تطالبنا بالمغادرة لان الاحتلال سيقصف البنك”.
وأضافت “كانت نانا تقوم بتحضير ملابس العيد، وضعتها على السرير، ذهبت لتلقي التحية على حوريتها (السمكة) ومن ثم جاءت لترتدي ملابسها”، مردفة “كان القصف أسرع منا، تم قصف البنك، وهدمت بعض جدران منازلنا، هرعنا مسرعين إلى الشارع ننظر لمنزلنا وللمنازل المجاورة بحسرة وألم كبيرين”.
الحب الكبير الذي تحمله الطفلة الفلسطينية التي اعتادت الاهتمام بالعصافير وأسماك الزينة، دفعها بعد ساعتين تقريباً من الانتظار في الشارع للذهاب مسرعة إلى المنزل علها تجد حوريتها على قيد الحياة.
كانت تركض مسرعة يحملها الأمل بأن تجد السمكة، وفي الوقت ذاته يغلفها الخوف من إمكانية استهداف المنزل مجدداً، ما دفع والدتها لأن تمنعها من التقدم أكثر خشية على حياتها.
وبعد إلحاح شديد منها ذهبت برفقة أمها للمنزل، كمغامرة قررت خوض التجرية لإنقاذ حياة السمكة، إذ وصلتا إلى المنزل وكان كل ما يهم الطفلة أن تنجو بسمكتها. دخلت إلى غرفتها حيث كانت تضع ملابس العيد، وبجوارها السمكة، لكن ملابسها كانت قد امتلأت بغبار القصف، فيما حملت مرطبان الحورية بين ذراعيها وعادت مسرعة تبحث عن الأمان لها ولصغيرتها.
القصة التي تم تداولها فلسطينياً كواحدة من أجمل القصص التي تمثل التحدي وحب الحياة، لاقت تعاطفا كبيرا من الفلسطينيين والمؤيدين للقضية الفلسطينية، ما دفع رسامة الكاركاتير الرقمية زينة عبد الحكيم، لإعادة رسم المشهد بطريقة تحاكي الواقع، وتبدو اكثر جذباً من حيث اختيار الألوان، لتحمل رسالة مفادها “أن أطفال فلسطين الذين كانوا هدفاً للاحتلال خلال عدوانه على غزة، هم أطفال يبحثون عن الحب والحياة وسط هذا الدمار”.
الرسمة التي نشرتها عبد الحكيم على صفحتها على الانستغرام، لاقت انتشاراً واسعاً على مواقع التواصل، حيث نشرتها وعلقت عليها بالقول “تحت السماء المتلألئة بالنجوم، يصمت كل شيء فقط همس النجوم، وهمس ذاك القلب، دقاته تلحن لحن الالم الوجع الانتصار، ترابط بين الهمس تشابك بين اللحون وضوضاء وسط السكون، ظلام يحمل الكثير ويحكي الفقد”، في رسالة تحمل معاني المحبة والسلام، وتحكي كثيراً من قصص الوجع الساكن تحت جنح الظلام الذي يخيم على غزة بفعل استمرار الحرب.
وذيلت تدوينتها هذه باستخدام الهاشتاغات التي اتفق فلسطينياً على استخدامها للدفاع عن القضايا الفلسطينية كافة خلال العدوان المتكرر على غزة وما سبقه من اعتداءات على المصلين في المسجد الأقصى، وحي الشيخ جراح”. #انقذوا_حي_الشيخ_جراح #غزة #غزة_تحت_القصف #غزة_تقاوم “، محاولة لفت الأنظار لقصة نانا والحورية.