رجّح خبراء فلسطينيون أن تُقدِم القيادة الفلسطينية على تأجيل الانتخابات العامة، إلى موعد غير محدد، جراء عدم الحصول على رد من إسرائيل بالسماح بإجرائها في مدينة القدس المحتلة.
وكثيرا ما أكد الرئيس، محمود عباس، وغيره من كبار المسؤولين، أن الانتخابات لا يمكن أن تُجرى بدون القدس، كونها "العاصمة المستقبلية" للدولة الفلسطينية.
وتتضمن "اتفاقية المرحلة الانتقالية"، الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، في واشنطن يوم 28 سبتمبر/أيلول 1995، ملحقا يتعلق بالانتخابات الفلسطينية، تختص المادة السادسة منه بترتيبات الانتخابات في القدس.
وتنص على أنه "يتمّ الاقتراع في القدس الشرقية في مكاتب بريد تتبع سلطة البريد الإسرائيلية".
وفي 1996 (انتخابات تشريعية ورئاسية) سمحت إسرائيل لنحو 5367 من سكان القدس الشرقية بالتصويت في 5 مراكز بريد.
وتم رفع عدد مراكز البريد في انتخابات 2005 (رئاسية) و2006 (تشريعية)، إلى 6، بقدرة استيعابية 6300 ناخب.
وصوّت باقي السكان الفلسطينيين في مراكز اقتراع بضواحي المدينة.
ويتجاوز عدد سكان القدس الشرقية 340 ألف نسمة.
ويقول عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني، إنه "لا يستبعد تأجيل الانتخابات في حال رفضت إسرائيل عقدها بالقدس".
وأضاف لوكالة الأناضول "تأجيل الانتخابات سيكون محل نقاش القيادة الفلسطينية الأسبوع المقبل، والأمر مرهون بعقدها في القدس".
وأشار إلى أن "الجهود تنصب على حث دول العالم على الضغط على إسرائيل كي تفي بالتزاماتها واتفاقياتها بشأن عقد الانتخابات بمدينة القدس".
وذكر مجدلاني أن اجتماعا سيعقده الرئيس الفلسطيني محمود عباس لكافة القوى السياسية في الأيام القادمة (لم يحدد تاريخه) لبحث تطورات الأوضاع العامة، والانتخابات خاصة، دون تفاصيل أكثر.
من جانبه، قال حسين حمايل، الناطق باسم حركة (فتح)، إن حركته، كما القيادة الفلسطينية "تصر على المضي قدما في عقد الانتخابات في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها مدينة القدس الشرقية".
وأضاف حمايل للأناضول "القضية ليست تأجيل الانتخابات، بل نرفض أي انتقاص من سيادتنا على القدس".
واتهم إسرائيل بـ"العبث" بالانتخابات الفلسطينية، عبر أساليب عديدة، منها اعتقال مرشحين.
وأردف "لا ننتظر ردا من إسرائيل، بل ننتظر ضمانات من المجتمع الدولي بعدم إعاقتها العملية الانتخابية".
والإثنين، قال الرئيس عباس إنه يجري سلسلة اتصالات دولية للضغط على إسرائيل كي تلتزم بالاتفاقيات الموقعة بشأن مشاركة الفلسطينيين في القدس بالانتخابات.
وسبق للفلسطينيين من سكان القدس أن شاركوا في الانتخابات، التي عُقدت في أعوام 1996 و2005 و2006، من خلال الاقتراع في مكاتب بريد إسرائيلية.
ومن المقرر أن تجرى الانتخابات الفلسطينية على ثلاث مراحل هذا العام، وهي: تشريعية في 22 مايو/أيار، ورئاسية في 31 يوليو/تموز، المجلس الوطني (برلمان منظمة التحرير) في 31 أغسطس/آب.
**ترتيبات بديلة
والأحد الماضي، أعربت لجنة الانتخابات الفلسطينية، عن استعدادها لإنجاز أي ترتيبات لضمان إجراء الانتخابات في مدينة القدس المحتلة.
وقالت اللجنة، في بيان، إن القيادة الفلسطينية بعثت برسالة إلى الجانب الإسرائيلي تؤكد فيها أنها ستُجرِي الانتخابات في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، وفق البروتوكولات المتفق عليها.
وأوضحت أن هذه البروتوكولات "تتلخص بالنسبة للقدس بعملية اقتراع في 6 مراكز بريد في مدينة القدس الشرقية، تتسع لحوالي 6300 شخص. وهذا هو الأمر الذي يحتاج إلى موافقة إسرائيلية، في مراكز البريد تحت سيطرة الجانب الإسرائيلي".
وأضافت "أما بقية الناخبين المقدسيين المؤهلين للاقتراع، وعددهم حوالي 150.000، فمن المفترض أن يصوتوا في ضواحي القدس، ولا يحتاج هذا الأمر إلى موافقة إسرائيلية".
وأفادت بأنها وفرت 11 مركزا انتخابيا في ضواحي القدس، ليتمكن 150 ألف مقدسي، من المؤهلين للاقتراع، من التصويت فيها دون تسجيل مسبق.
وتابعت "في حالة التأكد أن ردا لن يصل القيادة الفلسطينية من الجانب الإسرائيلي قبل البدء بعملية الدعاية الانتخابية، أو خلال فترة وجيزة من ذلك التاريخ، فإن لجنة الانتخابات على استعداد لعمل أي ترتيبات أخرى بناء على توجيهات محددة من القيادة السياسية".
ولم تحدد لجنة الانتخابات طبيعة تلك الترتيبات، لكنها قالت إنها ستكون "مستندة إلى التشاور مع الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية".
**التأجيل السيناريو الأقرب
ويرى الكاتب الصحفي محمد دراغمة، أن السيناريو الأقرب للتنفيذ، هو تأجيل الانتخابات.
وقال لوكالة الأناضول "التركيز في الأيام الماضية على أنه لا انتخابات بدون القدس، وعدم الاستعداد لبحث بدائل لتصويت المقدسيين، يؤكد أننا ذاهبون في هذا الإتجاه (التأجيل)".
وأرجع دراغمة، قرار التأجيل (المتوقع) إلى وجود أزمة داخلية، لدى حركة "فتح"، التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني.
وقال "القدس ليست السبب الحقيقي، والتصويت فيها رمزي ويمكن البحث عن مكان رمزي آخر، غير البريد الإسرائيلي، لتصويت المقدسيين".
وأضاف "حسب المعطيات فإن اجتماعا يعقد الأسبوع المقبل، لأمناء الفصائل بقيادة الرئيس، وعلى جدول الأعمال فقط بحث موضوع تأجيل الانتخابات لحين الحصول على موافقة إسرائيل لعقدها في القدس، عبر ضغوط دولية".
وأشار إلى أن قرار التأجيل في حال حدوثه سينعكس سلبا على الشعب الفلسطيني، ويُحدث إحباطا على النخب السياسية، ويعود بالحالة الفلسطينية إلى مربع الانقسام بين فتح وحماس والشراكة والتقاسم".
**مرتبط بتقديرات نتائج الانتخابات
بدوره، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل (جنوب)، بلال الشوبكي، إن القدس هي "عنوان الحديث وذريعة التأجيل، لكنها في الحقيقية ليست كذلك".
وأضاف "قرار التأجيل يعكس إحساسا عميقا لدى القيادة الفلسطينية بأن حظوظهم في الانتخابات ليس كما يتمنون".
وقال "متوقع، ألا توافق إسرائيل على عقد الانتخابات في القدس، في ظل حكومة يمينية متطرفة، وتغيرات جذرية في البنية التحتية السياسية في إسرائيل".
وأضاف "الأقرب هو أننا ذاهبون للتأجيل؛ قرار الذهاب للانتخابات لم يكن قرارا فلسطينيا خاصا، بل كان نتيجة ضغوط دولية، بالتالي فلسطين تقول للعالم نحن نريد انتخابات وإسرائيل لا تسمح بعقدها في القدس".
ويرى أستاذ العلوم السياسية أن قيادات الصف الثاني والثالث بحركة فتح، تمارس ضغوطا على القيادة من أجل تأجيل الانتخابات.
وإلى جانب القائمة الرسمية لحركة "فتح"، ثمّة قائمتان أُخريان منشقتين عنها، تستعدان للمشاركة في الانتخابات التشريعية، تتبع الأولى لمروان البرغوثي وناصر القدوة، والثانية لمحمد دحلان، المفصول من الحركة، وهو ما يثير قلق قيادتها، بحسب المراقبين.