صحيفة إسرائيلية: القدس في "وضع متفجر" و"إلغاء" الانتخابات الفلسطينية يزيد التوتر!

الأربعاء 21 أبريل 2021 06:45 م / بتوقيت القدس +2GMT
صحيفة إسرائيلية: القدس في "وضع متفجر" و"إلغاء" الانتخابات الفلسطينية يزيد التوتر!



القدس المحتلة /سما/

هآرتس - بقلم: عاموس هرئيل    "في الوقت الذي يتركز فيه اهتمام إسرائيل الاستراتيجي على إيران ويتكرس معظم وقت يقظة السياسيين لمناورات بقاء يائسة، يتبلور خليط متفجر في القدس حول الساحة الفلسطينية في هذه الأثناء. هذا مزيج إشكالي يتكون من أحداث محلية، وعصبية شهر رمضان وتأثير الشبكات الاجتماعية واستيقاظ نشطاء يمين يهود. تتشكل في الخلفية أزمة سياسية بين إسرائيل والسلطة حول مسألة إجراء انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني في شرقي القدس.

الصور التي ظهرت ليلة أول أمس من وسط القدس ذكرت بمشاهد كان من الأفضل نسيانها لصيف حزين من العام 2014. قبل سبع سنوات، أدت رغبة ثأر قتل الفتيان الثلاثة الذين تم اختطافهم في “غوش عصيون” إلى قتل الفتى محمد أبو خضير. وفي هذه المرة، قام الشباب اليهود باصطياد مارة عرب في مركز المدينة. أحدهم ضُرب. سبب الاشتعال في هذا الأسبوع متواضع أكثر، وهو أفلام فيديو قصيرة نشرت في الشبكات الاجتماعية عبر تطبيق “تيك توك”، التي قام فيها شباب فلسطينيون بتصوير أنفسهم وهم يهاجمون يهوداً، على الأغلب أصوليين أو متدينين، في شوارع القدس وفي القطار الخفيف. كالعادة، ساهم رجال يمين متطرفون في التطرف والمطالبة بالثأر.

ساعد في دائرة الهجمات وعمليات الثأر توتر معين متعلق بشهر رمضان. الأعصاب في شرقي المدينة متوترة حول مسألة قرار شرطة القدس منع تجمعات على درج ساحة باب العامود، لأسباب أمنية، حسب قول الشرطة.

في الشبكات الاجتماعية تم توثيق عنف فلسطيني ضد يهود، وإلى جانبه عنف شرطي ضد سكان البلدة القديمة. وفي هذه المواجهات شارك مئات الفلسطينيين وعشرات رجال الشرطة، وأصيب عدة أشخاص بإصابات طفيفة. شرح نير حسون عبر “هآرتس” بأن إغلاق الدرج اعتبر في شرقي القدس رمزاً للإهانة من قبل إسرائيل من خلال المس بتقاليد شهر رمضان.

كالعادة، تصب صراعات الحرم الزيت على النار. ففي الأسبوع الماضي، قطعت الشرطة كوابل مكبرات الصوت في المسجد الأقصى كي لا يزعج صوت الأذان الاحتفال بيوم الذكرى في حائط المبكى. وعلى خلفية قيود كورونا، سمحت إسرائيل بدخول 10 آلاف فلسطيني من الضفة الغربية بدخول الحرم لأداء الصلاة في شهر رمضان، شريطة أن يكونوا أخذوا التطعيم. فعلياً، الكثير من الفلسطينيين يريدون المجيء، ولا توجد رقابة حقيقية على مسألة التطعيم، رغم أن الفيروس يواصل التفشي في الضفة الغربية (معظم من أخذوا التطعيم عمال يعملون في إسرائيل والمستوطنات). في الشهر الماضي، تم إلغاء زيارة للأمير الأردني، الأمير حسين، إلى الحرم بسبب خلافات مع إسرائيل حول إجراءات الحماية. والأردن قام في هذا الشهر بإجراء تغييرات في تشكيلة مجلس الأوقاف، التي تقلق الفلسطينيين بشكل قليل.

تضاف الأحداث الأخيرة في القدس إلى أحداث حدثت في يافا في الأيام الأخيرة. هناك ضرب العرب رئيس مدرسة دينية، عقبتها مواجهات عنيفة بين السكان العرب ورجال الشرطة. الأحداث تجري في نقطة حساسة في العلاقة بين اليهود والعرب، على خلفية الوضع السياسي الاستثنائي، حيث قائمة “راعم” تحاول للمرة الأولى التموضع مثل كفة ميزان بين الكتلة المؤيدة لنتنياهو والكتلة المعارضة له. في المقابل، قائمة “الصهيونية الدينية”، اليمينية المتطرفة، أعلنت بأنها لن تشارك في ائتلاف يعتمد على أعضاء كنيست عرب، حتى لو قاموا بدعم الحكومة من الخارج.

البحث عن ذريعة

يستمر في الخلفية الشرك السياسي الذي تشكل أمام السلطة الفلسطينية، والذي كله من صنع يد رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس. عباس فاجأ إسرائيل وربما نفسه، عندما قرر في السنة الماضية الذهاب إلى عملية انتخابات عامة في الضفة والقطاع، وذلك للمرة الأولى منذ 15 سنة. وحماس تتعاون معه في ذلك، وكانت “فتح” مؤيدة لهذا القرار ولو نسبياً، سواء على خلفية الحاجة إلى شرعية لمواصلة حكمه أو لأن عدداً من الشخصيات الرفيعة الخاضعة له تعتقد أن الانتخابات ستساعدها في ترسيخ مكانتها قبل الصراع على وراثة الزعيم ابن الـ 85 سنة.

ولكن الخوف من نتائج الانتخابات يزداد في قيادة السلطة في هذه الأثناء، وإلى جانبه الصعوبة في كبح لاعبين مستقلين مثل مروان البرغوثي، ابن فتح المسجون في إسرائيل منذ 19 سنة، لكن يبدو أنه مصمم على فحص ما إذا كانت شعبيته في الضفة الغربية ستترجم إلى نجاح كمرشح للرئاسة. تم تحذير عباس عدة مرات من قبل محدثيه الإسرائيليين من أن المراهنة على الانتخابات قد تنتهي بهزيمة ترفع حماس إلى السلطة في الضفة، والتي ستجد “فتح” صعوبة في النهوض منها.

مؤخراً، تتلمس شخصيات كبيرة في السلطة إمكانية قيام إسرائيل بإنقاذهم من هذا الشرك. الفكرة التي تم طرحها كانت تتعلق بتضخيم الأزمة حول تصويت سكان شرقي القدس. وستجد حكومة إسرائيلية يمينية صعوبة في الموافقة على وضع صناديق اقتراع للسلطة في شرقي المدينة (رغم أن هذا الأمر حدث في السابق في فترة حكومة بيرس، وشارون، وأولمرت، في الانتخابات التي جرت في السلطة في الأعوام 1996 و2005 و2006).

إن رفض إسرائيل قد يوفر لمحمود عباس ذريعة لتأجيل الانتخابات، بحجة أن إسرائيل لا تمكنه من إجراء عملية ديمقراطية نظيفة، في حين لا يمكنه التخلي عن أبناء شعبه في القدس. ولكن إسرائيل في هذه الأثناء لا ترسل لعباس رسائل واضحة حول ذلك. في قنوات غير رسمية، تم التوضيح بأنه إزاء الوضع السياسي الذي يثير الشفقة، والسائد في الجانب الإسرائيلي، لن يكون بالإمكان إعطاء إجابة متفق عليها حول شرقي القدس في الوقت القريب. بقيت الكرة في الملعب الفلسطيني قبل نحو شهر من الموعد المخطط لإجراء انتخابات المجلس التشريعي.

تولد لدى إسرائيليين هم على اتصال مع المقاطعة في رام الله انطباع بأن القرار سيتم اتخاذه. وقد استوعب عباس -حسب قولهم- حجم المعضلة بشكل متأخر، وهو الآن يبحث عن سلم للنزول عن الشجرة. ما يقلق قيادة السلطة هو قائمة المرشحين الجذابة التي بلورتها حماس، في الوقت الذي تتنازع فيه حركة فتح وتتقاسم. وفي هذه الظروف تزداد الاحتمالات -حسب رأيهم- لإعلان قريب من محمود عباس عن تأجيل الانتخابات، حتى بدون ذريعة إسرائيلية. كلما تأخر هذا الإعلان إلى موعد قريب من موعد الانتخابات، فقد يستقبل بصورة أكثر هياجاً.

هناك شك كبير حول ما إذا كانت هذه المناورات المعقدة تشغل الشباب الفلسطيني الذي يتصادم مع رجال الشرطة ليلاً قرب باب العامود أو الذين يقومون بتصوير أنفسهم وهم يهاجمون عابري السبيل اليهود في المنطقة بشكل عنيف. ولكن عدم الوضوح حول الانتخابات في السلطة يضيف المزيد من الكبريت على النار المشتعلة في القدس، والتي قد توفر ذرائع أخرى للعنف حتى في الأيام القريبة القادمة. وإزاء الحساسية السياسية في الجانب الإسرائيلي، لن يكون من المفاجئ اكتشاف أن الأحداث العنيفة في المدينة مجندة لخدمة مناورات نتنياهو من أجل البقاء، الذي يحتاج إلى دعم أحزاب يمين أخرى في محاولة للتمسك بالحكم.